يدفع عدم استقرار الأوضاع الأمنية وتأثيرها على زيادة تدهور الأوضاع في عموم الجنوب السوري، للتساؤل حول إمكانية تطبيق نموذج اللامركزية الإدارية في المنطقة، وهو الخيار الذي طرحته قبل أيام قوى مجتمعية في محافظة درعا، كما تدعمه أيضاً جهات اجتماعية وازنة في السويداء.

يوم الأحد الفائت، عُقد اجتماع سياسي تحت مسمى ‘‘المؤتمر السوري’’ ضم عدة تيارات مجتمعية في السويداء، طالبت بإسقاط الحكومة السورية، وتنفيذ القرار الدولي 2254، وهو الاجتماع الذي نظمه حزب ‘‘اللواء السوري’’ (مقره السويداء).

وقالت حوله مصادر مقربة من الحزب أنه يأتي كفرصة للقوى المجتمعة للتعبير عن رفضهم للأوضاع غير المستقرة في السويداء وعموم الجنوب السوري، وبذل المساعي في طرح نموذج اللامركزية الإدارية في عموم الجنوب السوري.

وأضافت المصادر ذاتها لـ (الحل نت) بأن طرح اللامركزية الإدارية «يبتعد تماماً عما كانت تروج له وسائل إعلام حكومة دمشق بميول أهالي المنطقة الجنوبية إلى تأسيس كيان مستقل بما ادعت أنه تمهيد للانفصال».

مشيرة إلى أن الرؤية المتمثلة لدى العديد من القوى في السويداء تتطابق في ضرورة إقرار نموذج اللامركزية في الجنوب السوري، من أجل حكم المنطقة من قبل أبنائها، و«ليكون بذلك وسيلة لمواجهة التمدد الإيراني خلال الفترة الأخيرة».

المحامي ‘‘عادل الهادي’’، (من محافظة السويداء) قال في حديث لـ (الحل نت) أن «تنفيذ اللامركزية لا يتم كرد فعل على الأحداث، أو بوصفها قرار فردي، وإنما هذا الأمر يتطلب موافقة وتعاون النظام السوري لأننا نتحدث عن لامركزية، وليس حكم ذاتي، أو انفصال، فهناك فرق بين المسألتين».

وتابع «من الأفضل أن يكون ذلك متوازيا مع الحل الشامل أو مقدمة له مع موافقة لازمة وتعاون من كل الأطراف الفاعلة وخصوصا دول الجوار».

وبالإشارة إلى ما ذهب إليه “الهادي” حول ضرورة التعاون مع دول الجوار، ينبغي التنويه إلى أهمية الدور المحوري الذي تقوم به الأردن في الآونة الأخيرة تجاه الملف السوري، حيث زار الملك الأردني العاصمة الأميركية واشنطن، للقاء الرئيس ‘‘جو بايدن’’ في شهر تموز/يوليو الماضي، قبل أن يصل مؤخراً إلى موسكو للقاء الرئيس الروسي ‘‘فلاديمير بوتين’’، عارضاً على الجانبين فيما يمكن تسميته ‘‘خارطة طريق’’ للحل والتسوية في عموم الملف السوري، لاسيما بحث مسألة الحل والاستقرار في الجنوب السوري.

وقد ينسجم المسعى الأردني مع خيار اللامركزية، خصوصاً في ظل توافق أولي بين عمّان ودمشق بعد عودة العلاقات فيما بينهم، ما يعزز الدور الأردني واهتمام عمّان بضرورة استقرار الجنوب السوري وتعميم ذلك على باقي الأراضي السورية.

وهو ما قد تتوافق معه حكومة دمشق، بخاصة وأن الرئيس ‘‘بشار الأسد’’ كان قد أشار إلى إمكانية تعميم نموذج ‘‘اللامركزية’’ على عموم المناطق السورية، خلال اجتماعه بالحكومة الجديدة، الأسبوع الفائت.

‘‘الهادي’’ لفت خلال حديثه لـ (الحل نت) إلى «المرسوم رقم 107 لعام 2011 المتضمن قانون الادارة المحلية في سوريا، والذي ينص بكل وضوح على تطبيق اللامركزية، وقد جاء أحد أهدافه الأربعة في أسبابه الموجبة الانتقال إلى اللامركزية، وبالتالي فإنه من الممكن الوصول إلى لا مركزية في الجنوب، لسد الفراغ بالسلطة إذا توفرت الموافقة لدى أطراف الصراع الداخلي إضافة لإرادة الدول المتدخلة في الشأن السوري، وكذلك دول الجوار».

طرح التيارات السياسية والمجتمعية في السويداء، ينسجم مع ما ذهبت إليه مطالب قوى مجتمعية وثورية في حوران، والتي أصدرت في أكثر من بيان باسم ‘‘عشائر حوران’’ خلال الشهر الجاري، كان آخرها في الـ 20 من آب/أغسطس الجاري، داعية فيه إلى «اللامركزية كحل مؤقت تعطي المناطق صلاحيات إدارية واسعة».

معتبرة أن اللامركزية التي يطالبون بها، تعزز التنافسية وترفع سوية الخدمات و«تمنح المجتمعات السورية الفرصة في إدارة نفسها ضمن نظام حكم ديمقراطي لا مركزي حتى تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 الذي يقضي بتشكيل هيئة حكم انتقالي واسعة الصلاحيات تقود للانتقال السلمي للسلطة».

مشيرة في وقت سابق إلى أن «اللامركزية هي الطريق الوحيد لإعادة توحيد ما قسمته وجزّأته حرب النظام السوري، فتوحيد سوريا لا يكون إلا من خلال إقامة نظام سياسي يرعى التنوع، ويمنح كل المناطق صلاحيات إدارية واسعة على جميع المستويات».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.