ارتفع في الآونة الأخيرة مستوى التصريحات والتحركات العربية التي تصب في خانة عودة دمشق إلى محيطها العربي على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وهو الأمر الذي كان يسعى إليه مراراً خلال السنوات الماضية الرئيس بشار الأسد وحليفه الروسي فلاديمير بوتين.

يبدو أن مستوى التحركات العربية المتصاعد تجاه دمشق، ينطلق من سلسلة عوامل متعلقة بمصالح تلك الدول على الصعيد الاقتصادي، وكذلك مستوى العلاقات السياسية بينها وبين دمشق غير المنقطع خلال السنوات الماضية.

ويأتي في مقدمة تلك الدول، الجزائر، التي أكد وزير خارجيتها، ‘‘رمطان لعمامرة’’، يوم أمس، دعم بلاده عودة دمشق إلى جامعة الدول العربية، معتبرا أن ذلك «يشكل موضوعا أساسيا في التحضير للقمة العربية المقبلة»، المقرر عقدها في الجزائر.

وفي تصريحات صحفية، قال “لعمامرة”: إن بلاده تدعم طرح عودة سوريا للجامعة العربية، مضيفا أن «سوريا موضوع أساسي في التحضير للقمة العربية المقبلة، وجلوسها على مقعدها في الجامعة العربية سيكون خطوة متقدمة في جمع لم الشمل وتجاوز الصعوبات الداخلية»، بحسب تعبيره.

في جانب موازٍ، ذكرت مصادر لبنانية أن وفداً وزارياً لبنانياً سيتوجه قريباً إلى سوريا للقاء مسؤولين في حكومة دمشق من أجل بحث اتفاقيتي استجرار الغاز والكهرباء إلى لبنان عبر سوريا خلال الفترة المقبلة.

وأفادت صحيفة ‘‘الأخبار’’ اللبنانية، بأن وفداً وزارياً يتألف من نائبة رئيس الحكومة ‘‘زينة عكر’’ بصفتها وزيرة الخارجية بالوكالة، ووزير الطاقة ‘‘ريمون غجر’’، ووزير المالية ‘‘غازي وزني’’، والمدير العام للأمن العام اللبناني اللواء ‘‘عباس إبراهيم’’، سيزور سوريا قريبا.
مبينة أن الزيارة يأتي هدفها من أجل البحث في الإجراءات المطلوبة لتفعيل اتفاقيتَي استجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية، بالإضافة إلى بحث سبل التعاون في ما يتعلق باستجرار الكهرباء من سوريا.

وتأتي هذه التحركات ‘‘القديمة الجديدة’’، التي صعدت إلى مستوى مرتفع في مثل هذا الوقت بدفعٍ وتأثيرٍ روسي، إلا أن عودة دمشق لشغر مقعدها من جديد خلال الفترة القريبة المقبلة يبقى أمراً مستبعداً، على اعتبار وجود دول عربية رافضة لحدوث ذلك.
إضافة إلى عدم وجود موافقة أميركية -حتى الآن- رغم قرار واشنطن بمساعدة لبنان في الحصول على الطاقة الكهربائية من الأردن عبر سوريا، وذلك عن طريق توفير كميات من الغاز المصري.

كذلك فإن التعاطي الأميركي الإيجابي مع لبنان قد يسمح لسوريا بـ‘‘تنفس الصعداء’’ باعتبار أن ذلك قد يحيي آمالها من جديد في الانفتاح الاقتصادي والسياسي مع الدول العربية في ظل أجواء تفاهمات روسية أميركية.

إلا أن ذلك التعاطي في الوقت ذاته لا يعتبر‘‘ضوءاً أخضراً’’ من قبل واشنطن تجاه دمشق، دون أن تتخذ الأخيرة خطوات جادة نحو العملية السياسية بسوريا.

مساع متكررة

الكاتب والمحلل السياسي، ‘‘حسام نجار’’، قال خلال حديث لـ(الحل نت) بأن «المدقق و المتابع لحال الدول العربية وعلاقاتها مع النظام يدرك بشكل واضح أن هناك جهوداً كثيرة بذلت سابقاً لعودة النظام لجامعة الدول العربية، و كان هناك موقف منهم بهذا المجال، لكن القرار الأساسي كان للدول المؤثرة وصاحب الدعم المالي الأقوى والتي لا يمكن تجاهلها كالسعودية والكويت».

وتابع بأنه وفي المقابل «كانت هناك دول أخرى تدور في فلك النظام وعلاقاتها معه قوية وغير متزعزعة مثل لبنان والإمارات والجزائر. حيث حاولت هذه الدول وتحت ذرائع عدة، إعادة النظام للحضن العربي مستغلة فكرة طرحت إبعاده عن إيران».

وأضاف «لكن هذه الدول بالأصل علاقاتها مع إيران جيدة، فالمبرر إذاً غير موجود ومع تطورات الأحداث توقف العمل كمجموعة وانتقل للعمل الفردي مع النظام كمحاولات فتح السفارات والدعم اللوجستي بحجة الوضع المعيشي والاقتصادي وفيروس كورونا وكثير من هذه الدول لم تتوقف العلاقات الدبلوماسية لم تتوقف معها بل هناك وفود متبادلة بينهم».

فيما ختم مشيراً إلى أن «موضوع الربط الكهربائي بين الدول الرباعية مروراً بسوريا أحد حجج التعويم، وقد يكون موقف العاهل الأردني هو الأدق لأسباب عديدة مهمة للأردن وبالتالي لإسرائيل فالجميع يعلم أن حوران هي سلة الأردن الغذائية ورسوم الترانزيت تدر على الأردن أموالاً جيدة».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.