داعش في كركوك: هل يعود التنظيم المتطرف مع اقتراب الانتخابات من بوابة “المناطق المتنازع عليها”؟

داعش في كركوك: هل يعود التنظيم المتطرف مع اقتراب الانتخابات من بوابة “المناطق المتنازع عليها”؟

يعاود تنظيم داعش في كركوك نشاطه بشكل واسع. مستغلّاً ظرف المحافظة، التي كانت منذ عام 2003 مركزاً لصراع مستمر بهدف السيطرة عليها. خاصةً مع غناها بالثروات الطبيعية، وعلى رأسها النفط.

وتسكن كركوك ثلاث مكونات رئيسية، هي الكرد والعرب والتركمان. فضلاً عن وجود آلاف المسيحيين الأشوريين. ويدّعي كل مكوّن من هذه المكونات أحقيته بالمحافظة، عارضاً أدلة تاريخية وسياسية على تجذّره فيها. لدرجة اعتبرت فيها المحافظة في الدستور العراقي إحدى المناطق المتنازع عليها، بين الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان.

وسط هذا الشرط نشطت كثير من التنظيمات المتطرفة، مثل القاعدة وداعش في كركوك. فتعرّضت المحافظة لكثير من العمليات الإرهابية. ورغم إعلان الحكومة العراقية النصر على تنظيم داعش، وتحرير كافة الأراضي العراقية، نهاية عام 2017. إلا أن التنظيم المتشدد ما يزال يشنّ هجماتٍ يوميةً على مُختلف مدن وبلدات المحافظة.

وخلال الأيّام الأخيرة حذَّر مجموعةٌ من المختصين في المجال الأمني من تطوّر الأوضاع بالمنطقة. خاصةً وأنَّ تنظيم داعش في كركوك بات يتحرّك بسهولةٍ تامةٍ. وبات بإمكانه، بحسبهم، السيطرة على مناطق مختلفة فيها.

وأقدم التنظيم المتشدد على شنِّ هجماتٍ متواليةٍ، كان أبرزها الهجوم، الذي أوقع أكثر من ثلاثة عشر قتيلاً في صفوف القوات الأمنية العراقية، في أحدى القرى جنوبي كركوك.

 

تحركات داعشَ في كركوك

“إدريس حاج عادل”، عضو الاتحاد الوطني الكردستاني، يقول إنَّ «تنظيم داعش في كركوك بات يمتلك قوةً كبيرةً. وبإمكانه السيطرة على مناطق مختلفة في المحافظة، التي يعدّها الآن نقطة ارتكازه لمهاجمة مناطق أخرى من العراق».

مبيّناً، في حديثه لموقع «الحل نت»، أنَّ «التنظيم المتشدد يمتلك طرقاً خاصةً، تربط مناطق تواجده في مختلف المحافظات العراقية. وكركوك هي العقدة الأساسية لهذه الطرق. إذ يعتمد داعش بدرجةٍ كبيرةٍ على مناطق “الحويجة” و”الرشاد” و”الدبس”، الواقعة جنوبي المحافظة. كونها مناطق معقدة جغرافياً، ويصعب التعامل معها من قبل القوات العراقية».

وأضاف أنَّ «داعش في كركوك بات يشكل خطراً كبيراً. ولم يعد يهاب الوجود الأمني للقوات العراقية. لأنَّه أصبح في موضع الهجوم، ويمتلك أدوات كثيرة لشن مختلف أنواع الأعمال الحربية. ونخشى من هجوم قوي، يسبق الانتخابات العراقية، يؤدي لسقوط المدينة، أو أجزاء رئيسية منها».

ويعتبر قضاء “الحويجة” أحد أهم معاقل داعش في كركوك. وهو منطقة تضمُّ مجموعةً من العشائر العربية، التي تعمل في الزراعة. وبقيت تلك المنطقة تحت مرمى تهديدات التنظيمات المتطرفة. إلى أن سقطت بيد داعش صيف عام 2014. قبل استعادتها من قبل القوات الأمنية العراقية، وبإسناد التحالف الدولي ضد الإرهاب.

وبحسب مصادر أمنية فإن «داعش يتخذ من كركوك نقطة استقرار لعناصره. وحلقة ربط بين موقعين يعتبران من أهم مواقعه في العراق. الأول هو “تلال حمرين”، بالقرب من “وادي الشاي”. والثاني مرتفعات “جبل قراجوغ”، في قضاء “مخمور” شرقي محافظة نينوى».

وأضافت المصادر لموقع «الحل نت»: «تنظيم داعش في كركوك يعتبر الانتخابات البرلمانية المقبلة فرصة له لكسب نصر عسكري وإعلامي. يتمثّل باحتلال مركز المحافظة، أو أجزاء رئيسية منها».

وأظهرت آخر انتخابات برلمانية أجريت في العراق عام 2018 تفوّق الكرد في المحافظة. وحصولهم على نصف عدد المقاعد البرلمانية المخصصة لها. فيما تقاسمت الأحزاب العربية والتركمانية بقية المقاعد.

وعلى ضوء تلك النتائج أحتج العرب والتركمان. واعتبروا الانتخابات مزوّرة لصالح الاتحاد الوطني الكردستاني، أكبر ممثل للكرد في كركوك. ما يثير مخاوف عديدة من ارتفاع التوتر العرقي في المحافظة.

 

لماذا يركز داعش على كركوكُ؟

“نوري حمه علي”، مسؤول محور قوات البيشمركة في المحافظة، يرى أن «تنظيم داعش في كركوك يركز في الوقت الحاضر على إظهار قدراته إعلامياً. واستعادة الهالة الإعلامية التي كان قد اكتسبها فيما مضى».

لافتاً، في حديثه لموقع «الحل نت»، إلى أنَّ «كركوك محافظة مزدهرة اقتصادياً، وغنية بالنفط. وسيطرة داعش عليها، ستؤدي لأضرار كبيرة في الاقتصاد العراقي، واقتصاد دول كثيرة. وبالتالي سيحقق التنظيم المتشدد مكاسب مختلفة».

وأشار إلى أنَّ «المكسب الأولى لداعش سيكون اقتصادياً. يتمثّل في السيطرة على تجارة نفط كركوك مجدداً. والمكسب الثاني عودته إلى الأضواء على المستوى العالمي. في حال أضر بحركة إنتاج النفط، من خلال سيطرته على مدينة كركوك».

موضحاً أنَّ «الحل الأمثل  لتواجد داعش في كركوك هو السيطرة على الفراغات الأمنية، الموجود في المناطق الفاصلة بين سلطة حكومتي بغداد وأربيل. نتيجة انسحاب قوات البيشمركة منها. لذلك يجب نشر قوات مشتركة من الجيش العراقي والقوات الكردية لإنهاء خطر داعش».

وكانت قوات البيشمركة الكردية قد انسحبت، في تشرين الأول/أكتوبر من عام 2017، من كركوك والمناطق المتنازع عليها. والتي تُعرف بمناطق المادة 140 من الدستور العراقي. وذلك عقب استفتاء الانفصال، الذي أجراه إقليم كردستان في ذلك العام.

 

مطالبة بتحرّك سريع في كركوك لمواجهة داعش

“حاتم الطائي”، القيادي في الجبهة العربية في كركوك، طالب رئيس الحكومة العراقية مصطفى #الكاظمي بـ«التدخّل السريع لمواجهة داعش في كركوك. وتشكيل غرفة عمليات مشتركة في المحافظة».

ويضيف، في حديثه لموقع «الحل نت»، أنَّ «كركوك تمر بمرحلة خطيرة. ونتوقع زيادة الاحتقان السياسي مع اقتراب موعد الانتخابات. لذلك من الواجب إيلاء المدينة اهتماماً بالغاً، خشية وقوع المحذور، وسقوطها بيد داعش».

واستكمل حديثه بالقول: «على الحكومة العراقية عدم الوقوف موقف المتفرّج من نشاط داعش في كركوك. واتخاذ القرارات السريعة لحماية أمن المدينة. وإرسال تعزيزات عسكرية لسد الفراغات الأمنية، التي يستغلها التنظيم للتحرّك».

وينشط تنظيم داعش في كركوك بالمناطق الجغرافية المعقّدة، التي يتواجد بها جنوبي المحافظة. وأغلبها مناطق زراعية. فضلاً عن وديان يصعب التعامل معها برياً. ما يجعل السيطرة عليها تتطلب اسناداً جوياً. يخشى كثيرون أن تفقده القوات العراقية، مع الحديث عن اقتراب الانسحاب الأميركي من البلاد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.