قالت صحيفة “اللوموند” إن الفرقاطة الفرنسية “أكونيت” تراقب قبالة السواحل السورية تعاظم قوة محور “موسكو – دمشق – طهران”.

مشيرة إلى أن أفراد طاقم الفرقاطة البالغ عددهم 170، المتواجدين في ممر ضيق بطول 180 كيلومتراً البحر الأبيض المتوسط​​، على طول السواحل القبرصية من جهة، والسواحل السورية واللبنانية والإسرائيلية من جهة أخرى. وجدوا أنفسهم في مواجهة ظاهرتان تتقدمان بشكل متوازٍ منذ عام 2015 بطريقة مقلقة: الحرب في سوريا وتأكيد النفوذ الروسي. كل ذلك في خضم المجيء والذهاب للسفن التركية والوجود الواضح بشكل متزايد للسفن الإيرانية.

بحسب ما ترجم موقع (الحل نت) فإن لـ “أكونيت” مهمة رئيسية واحدة تتمثل بـ المساهمة، من البحر، في عملية “الشمال”، حيث الدور الفرنسي للتدخل في المنطقة العراقية السورية بقيادة الولايات المتحدة وتحالف سبعين دولة ضد تنظيم داعش. لكن هناك مهمة استخباراتية للفرقاطة تعتمد على الرادار وأجهزة الاستشعار الكهرومغناطيسية، بالإضافة إلى طائرة مروحية تطير مرة أو مرتين في اليوم. وهي تسمح لـ “أكونيت” بمراقبة عمليات إقلاع وهبوط الطائرات المقاتلة، لاسيما من مدينة اللاذقية السورية، أو تحركات السفن، المدنية أو العسكرية، التي تدخل وتغادر الموانئ السورية، كاشفةً كل دعم عسكري أو أي إمدادات لحكومة دمشق (وقود ، أسلحة ، إلخ).

تحول جيو استراتيجي

تقترن المهمة الاستخباراتية لـ “أكونيت” بمهمة أخرى تُعرف باسم “السيادة”. بمعنى آخر، الطموح في الإبحار بلا هوادة في هذه المنطقة الصغيرة، حتى لو كان ذلك يعني الإبحار لمجرد الإبحار، من أجل الدفاع عن قيمة أصبحت موضع خلاف وأهمية على نحو متزايد لدى فرنسا وحلفائها: حرية الملاحة. ففي هذه المنطقة الضيقة من سوريا، يخشى المتابعون من تحولها منطقة جديدة متنازع عليها وذات وصول محدود، بدعم من روسيا.

منذ عام 2013، تعمل روسيا أكثر فأكثر عبر مرفأ طرطوس، حيث تم التفاوض على امتياز في عام 2019، يتيح الوصول الكامل إلى سفنها الحربية. وهي نقطة تحول جيو استراتيجي لم يلاحظها الكثيرون، لكن البحرية الفرنسية تراقب صعود القوة الروسية هذه.

وفي منتصف أيلول الماضي، رصدت “أكونيت” عبور ثلاث غواصات روسية وصلت مباشرة من قاعدتها في مورمانسك إلى مرفأ طرطوس. هناك حوالي خمسة عشر سفينة روسية، بالإضافة إلى غواصتين على الأقل، باتت متمركزة الآن بشكل دائم في هذا المرفأ.

قائد الفرقاطة الفرنسية، يقول للصحيفة: “رسمياً، روسيا ليست عدواً، إنها مجرد منافس استراتيجي. نحن لسنا هناك لطرد الروس”. ومع ذلك، تحرص “أكونيت” على تجنب المناورات الاستفزازية، خاصةً وأنها لا تعرف تماماً عما يحدث تحت الماء، ولم يتم تجهيزها في الوقت الحالي بأجهزة للحرب ضد الغواصات.

سفن إيرانية

تعمل فرنسا بشكل مختلف، من خلال محاولة تطوير التدريب أو التعاون مع دول مثل اليونان وإيطاليا وقبرص ومصر ولبنان وإسرائيل. وفي الفترة من 4 إلى 6 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، جمع تمرين بين “أكونيت” وسفينة دورية قبرصية وفرقاطتان يونانية وإيطالية.

كذلك في شرق البحر الأبيض المتوسط، فإن موضوع نفوذ أنقرة ليس بعيداً أبداً. وغالباً ما تصادف “أكونيت” السفن المدنية أو العسكرية التي ترفع العلم التركي. ولا تزال العلاقات تتسم بعدم الثقة بعد أكثر من عام على حادثة الفرقاطة كوربيه، حيث تواجهت، في أقصى الغرب، في صيف عام 2020، القوات البحرية التركية والفرنسية، كجزء من عملية تفتيش سفينة الشحن التركية المشتبه في انتهاكها لحظر الأسلحة على ليبيا.

لكن التعاون يبقى مستمراً، خاصة داخل حلف “الناتو”. إلا أن نقاط التوتر اليوم تتعلق أكثر باستكشاف حقول الغاز المتداخلة عبر المياه القبرصية واليونانية. ومنذ انتخاب جو بايدن للبيت الأبيض، تبنت تركيا خطاً أقل مواجهة مع الأمريكيين. ومنذ ذلك الحين، بدأت أنقرة تعيد تركيز نشاطها في البحر الأسود، بحسب تقديرات العاملين على متن “أكونيت”.

وبعد روسيا، فإن الشغل الشاغل للفرقاطة الفرنسية هو إيران أكثر من تركيا، حيث توثق “أكونيت” بشكل متزايد مكان وجود السفن التي ترفع العلم الإيراني، بما في ذلك الناقلات القادمة مباشرة من قناة السويس لتسليم الشحنات إلى سوريا. إنه “محور موسكو – دمشق – طهران”، يلخص ضابط فرنسي المشهد. ويضيف القائد دو شينه قائلاً: “قبل بضعة أسابيع، تمكنا من رصد سفينتين إيرانيتين وصلتا حتى روسيا للاحتفال بالبحرية الروسية”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.