ميناء أم قصر: ما القوى السياسية التي تسيطر على أهم منفذ مائي في العراق؟

ميناء أم قصر: ما القوى السياسية التي تسيطر على أهم منفذ مائي في العراق؟

يعتبر ميناء أم قصر في محافظة البصرة جنوبي العراق الرئة الاقتصادية الأهم للبلاد. إذ تدخل عبره نحو 80% من وارادت العراق. إلا أن هذا الميناء يعاني، مثل كثير من القطاعات الاقتصادية في البلاد، من سيطرة قوى منفلتة عن سلطة الدولة. تتمثل في الميلشيات والأحزاب السياسية المتنفّذة.

الفساد المستشري بالميناء دفع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى إجراء عدة تغييرات في إدارة منفذ ميناء أم قصر. ومنها استبدال مدراء ومسؤولين فيه. وإعطاء صلاحيات أكثر للقوات البحرية، للحد من الفساد. لكن شيئاً لم يتغيّر في أوضاع الميناء. بحسب كثير من المراقبين.

 

أرصفة “أم قصر” خاضعة للأحزاب

مصدر مسؤول في محافظة البصرة، رفض نشر اسمه، أكد لموقع «الحل نت» أن «أغلب المنافذ الحدودية في البصرة، البرية والبحرية، مسيطر عليها من قبل الاحزاب السياسية المتنفّذة وميلشياتها. لكنّ ميناء أم قصر يشهد الصراع الأكبر في المحافظة. بسبب سعي كثير من القوى للسيطرة عليه. لأهميته الاقتصادية الشديدة».

ويتابع المصدر: «ميناء أم قصر أقرب الموانئ العراقية لمنطقة الخليج العربي. ويتسم بكبر مساحته. والطاقة الاستيعابية الكبيرة لأرصفته. والتي تصل إلى ثلاثة عشر مليون طن من البضائع والسلع. بينما يبلغ عدد الأرصفة، القابلة لرسو السفن، بين أربعة وعشرين وستة وعشرين رصيفاً. مقسّمة على  جانبي الميناء الشمالي والجنوبي».

لافتاً الى أن «كثيراً من أرصفة الميناء خاضعة لسيطرة الأحزاب المتنفّذة وبعض الجهات الدينية. فهنالك رصيف مسيطر عليه من قبل “تيار الحكمة” بقيادة رجل الدين الشيعي “عمّار الحكيم”. ورصيف للتيار الصدري. ومثله لـ”عصائب أهل الحق”. وهنالك أرصفة تسيطر عليها شخصيات محسوبة على المرجعية الدينية الشيعية بالنجف. وتتحكّم تلك الأحزاب والشخصيات كما تشاء بأرصفة الميناء. فتقوم بتعيين الموظفين القائمين عليها. وتدخل عبرها المواد والبضائع التي تشاء. دون أية رقابة قانونية أو جمركية».

ويوضح المصدر النتائج الخطيرة لغياب الرقابة بالقول: «في أغلب الأحيان ترتبط هيمنة الميلشيات والمرجعيات بالفساد المالي. إذ يتم السماح بدخول بضائع ممنوعة عبر ميناء أم قصر. تعود ملكيتها لرجال إعمال غير متحزّبين. يعطون أموالاً للأحزاب والجهات المتنفّذة. لتمرير بضائعهم غير القانونية. أو للتهرّب من الرسوم والضرائب، التي تفرضها الدولة العراقية».

ولكن هل تقف الحكومة العراقية موقف المتفرج تجاه كل هذا الفساد في ميناء أم قصر؟ ماذا عن البيانات، التي تصدرها الدوائر الرقابية في الحكومة، معلنةَ مصادرة بضائع غير قانونية. أو مخالفة لتعليمات الجمارك العراقية؟

يجيب المصدر بالقول: «مصادرة البضائع في ميناء أم قصر لا تحدث بسبب يقظة الأجهزة الأمنية العراقية. بل غالباً نتيجة خلاف بين رجل الأعمال والجهة الحزبية المسيطرة على الرصيف. وهكذا عندما لا يدفع المستورد مبلغاً يرضي الميلشيات المسيطرة. تقوم الأخيرة بكشف مخالفاته للجهات المختصة. وترسل بضائعه للإتلاف. إلا أنه يتم الإفراج عنها في بعض الحالات. مقابل رشوة مالية تدفع للجهات الرقابية».

 

مشكلة العمالة في الميناء

إلا أن مشكلة ميناء أم قصر لا تقتصر على الفساد المالي. بل أيضاً يثير الميناء احتجاجات دائمة بين أهالي محافظة البصرة. بسبب ما يرون أنه استبعادٌ لهم من العمل فيه.

«اصبح ميناء أم قصر عبئاً على أهالي البصرة، أكثر من كونه نعمةً لهم. فأبناؤهم محرومون من العمل فيه. بسبب استحواذ الأحزاب المتنفّذة على التعيينات. وفي الوقت نفسه يتعرّض الأهالي لمخاطر السلاح المنفلت، المسيطر على الميناء». بحسب الناشط البصري “أحمد الستار”.

ويتابع “ستار” في حديثه لـ«الحل نت»: «تقوم الشركات العاملة بالبصرة بجلب أيادٍ عاملة أجنبية. أو من خارج المحافظة. لكي لا يطّلع أهلها على مدى الفساد المالي والإداري في الميناء».

مبيناً أن «جلب العمالة الاجنبية للعمل بالميناء. كان أحد أسباب خروج البصريين في التظاهرات التي شهدتها المحافظة سابقاً. فوجود العمالة الاجنبية أكبر دليل على فساد الشركات المستحوذة على “أم قصر”، التي تدعمها الأحزاب المتنفّذة. مع العلم أن القانون العراقي ينصّ على تعيين أبناء المحافظة اولاً».

 

التيار الصدري: «لا سيطرة لنا على ميناء أم قصر»

موقع «الحل نت» تواصل مع عدد من الجهات السياسية المتهمة بالاستحواذ على أرصفة ميناء أم قصر. وعلى رأسها كتلة “سائرون” النيابية، التابعة للتيار الصدري. والتي اعتبرت هذه الاتهامات نوعاً من التشهير بالتيار. خاصة بعد فوزه الكبير في الانتخابات العراقية الأخيرة.

وقال “بدر الزياري”، المتحدث باسم “سائرون” في البصرة، إنه «لا توجد شخصيات متنفّذة من كتلة “سائرون” أو التيار الصدري في ميناء أم قصر. وبالتأكيد لا يوجد أي رصيف في الميناء تابع للكتلة أو التيار».

وأقر “الزياري”، في حديثه لـ«الحل نت»، بوجود «أحزاب سياسية، تمتلك أجنحة ميلشياوية أو لجاناً اقتصادية. لديها نفوذ في ميناء أم قصر». إلا أنه يستدرك بالقول: «هذه الجهات لا تقتصر على القوى السياسية في جنوب العراق. بل هنالك جهات من المحافظات الغربية وإقليم كردستان أيضاً».

ويزعم السياسي العراقي أن التيار الصدري «يسعى لتجفيف منابع الفساد في ميناء أم قصر. وإنهاء سيطرة بعض القوى السياسية عليه. بعد النجاحات الانتخابية التي حققها مؤخراً».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.