هنالك عدة أسباب تفسر الاقتتال الدائرة بين فصائل “الجيش الوطني” المُعارض المدعوم من أنقرة في شمال سوريا، بالرغم من بوادر الاضطراب الأمني الذي تعاني منه هذه المناطق.

وبصرف النظر عن الأسباب المباشرة التي تندلع على إثرها المواجهات خلال الآونة الأخيرة، إلا أنّ الاقتتال يدل على ضعف حضور دور “الجيش الوطني” في المنطقة بشكل واضح، واستمرار حالة الفصائلية داخله، فضلا عن صعوبة تنفيذه أي مهام قتالية حقيقية لا سيما وأن الأوضاع الأمنية متدهورة في المناطق التي يتواجد بها.

ما يدعو للتنبؤ بأن أي مسعى للجيش الوطني بإمكانية التمدد نحو مناطق “هيئة تحرير الشام” الإرهابية (جبهة النصرة سابقا) لمنع وجود أي نفوذ إرهابي هناك هو أمر صعب التحقيق، وذلك بموازاة التوقع بانتفاء أي قدرة محلية على الأرض بفتح عملية عسكرية كانت محتملة خلال الآونة الأخيرة ضد مناطق في شمال شرق سوريا، دعت إليها وهددت بشنها تركيا.

الأسباب الحقيقية!

بعض دوافع الاقتتال الداخلي للجيش الوطني تحمل تفسيراً مشتركاً لها؛ كونها إحدى مظاهر الفوضى الأمنية وبيئة عدم الاستقرار التي تعاني منها مناطق الشمال السوري.

يقول القائد الميداني في “الجبهة الوطنية للتحرير”، عبد الله صهيب، لـ(الحل نت)، أنّ غياب المساءلة والمحاسبة بسبب عدم رغبة وقدرة القادة العسكريين على حوكمة الفصائل المسلحة، أحد أهم أسباب استمرار الاقتتال الداخلي في “الجيش الوطني”.

مضيفاً، أنّ عدم وجود دور للمؤسسة القضائية، وتعدد المرجعيات القضائية لارتباطها بالفصائل المسلّحة، عززت ذلك.

ويشير القيادي في الجبهة، إلى أنّ عدم فاعلية وزارة الدفاع في “الحكومة المؤقتة” المُعارضة التابعة لـ”الائتلاف” كمؤسسة جامعة للقوى العسكرية، حيث ما زالت الفصائلية هي المُسيطر.

وبالتالي، فإن عدم وجود قوة عسكرية نافذة وموحدة القرار سيؤدي إلى استمرار حالات الاقتتال، وإضعاف حضور ودور الجيش الوطني في أي مشروع عسكري بالمنطقة.

كما أنّ عدم وجود استراتيجية واضحة لهذه الفصائل حول مهامها الحقيقية، أفشلت إنهاء نفوذ “تحرير الشام” في إدلب، وفق تعبيره.

ومن جهته اعتبر المحلل العكسري، العقيد الطيار، عبد الرحمن حلاق، في حديث لـ(الحل نت)، أنّ وجود قادة مدنيين غير عسكريين متخصصين على رأس الجيش الوطني، أحد أهم أسباب الاقتتال الداخلي في الجيش الوطني.

فكل قائد في الفصيل، يظن أنّ عناصره والمنطقة التي يسيطر عليها هي ملك له، يحق له التحكم فيها.

وتابع، «وهذا يضعّف الرأي العالمي، حول أنّ الجيش عبارة عن عصابات مسلحة، ما يضر بالرؤية العالمية حو المعارضة السورية».

قد يهمك: لجنة مهجري رأس العين: فصائل “الجيش الوطني” استولت على 5500 منزلاً

فشل في المعارك

ومن جهته، أعتبر المحلل في الشؤون السورية، نذير الحريري، أنّ استمرار الاقتتال وظهوره على العلن، يقود إلى استنتاجات تعزز فقدان السكان المحليين الثقة بالجيش الوطني.

وأفاد الحريري، في حديثه لـ(الحل نت)، أنّ تنامي عقدة الفصائلية، يعزز من عدم قدرة الجيش الوطني على نجاحه في معارك قادمة دون من جيوش خارجية، كالجيش التركي.

https://twitter.com/VXiVaMIBZBxO7qH/status/1256382755270807556?s=20

ويبدو أنّ عدم وضوح الرؤية التركية حول مستقبل المنطقة على كافة الأصعدة، سواء القانونية والخدمية والعسكرية والسياسية، شكل حالة من عدم الاستقرار الأمني.

كما أنّ النظرة النمطية لـ “الجيش الوطني” دولياً، أنّ عناصره أصبحت مرتزقة، بعد استغلالهم من قبل أنقرة في حروبها الخارجية كـ ليبيا وأذربيجان.

والاستمرار في الاقتتال الداخلي ونقله عبر وسائل الإعلام المحلية والعربية، عزز تلك النظرة في الوقت الراهن، وفقاً للحريري.

واقترح الحريري، وجوب إبعاد المقار والثكنات عن التجمعات السكنية ومنع تجول العسكريين بأسلحتهم ضمن المدن.

بالإضافة إلى منع إطلاق النار دون مبرر وإلغاء جميع الحواجز العسكرية وحصرها في مناطق التماس.

اقرأ أيضا: منظمة هولندية: الجيش الوطني يستخدم المياه كـ«سلاح حرب» بحق شمال شرقي سوريا

مدنيون ضحايا الاقتتال الداخلي للجيش الوطني

الاشتباكات بين مجموعات “الجيش الوطني” تتسبب بحالة هلع كبيرة لدى المدنيين في شمال سوريا، خصوصاً وأنّ في غالبها يسقط ضحايا مدنيين.

فمؤخراً، وتحديداً في الأسبوع الماضي، اندلعت اشتباكات عنيفة بين مجموعتين من فرقة “الحمزة” المنضوية في صفوف “الجيش الوطني”، بمنطقة عفرين شمالي حلب.

الاشتباكات امتدت بعد ذلك إلى مدينة (عفرين)، إذ توجهت إحدى مجموعات فرقة (الحمزة) إلى أحد المقار الرئيسية للفرقة، وأطلقت عليه وابل من الرصاص في محاولة للاستيلاء عليه.

وتسببت الاشتباكات بحالة من الهلع والخوف لدى المدنيين في مدينة عفرين، حيث سارعوا إلى إغلاق محالهم التجارية خشية الرصاص العشوائي. 

فيما شهدت المنطقة استنفاراً لغرفة القيادة الموحدة “عزم” بهدف التدخل وفض النزاع.

كذلك، اندلعت اشتباكات قبل يومين بين عناصر “فيلق الشام”، في قرية ميدانكي بريف عفرين، على خلفية تقاسم المسروقات، بحسب مصادر محلية.

فيما اندلعت اشتباكات بين “لواء الخطاب” و “فصيل أحرار الشرقية” في بلدة حمام التركمان بريف الرقة، استخدم خلالها الأسلحة الثقيلة.

الاشتباكات أسفرت عن قتلى بينهم مدنيين، وإصابات جرى نقل بعضها إلى تركيا لخطورتها.

ويبدو أنّ هاجس الفصائل في “الجيش الوطني” هو التنافس على الموارد، ما يفسّر رغبة الفصائل دائماً بتوسيع مناطق نفوذها.

سواء داخلياً وعلى خطوط التماس للاستفادة من الحركة التجارية مع مناطق الصراع، حَسَبَ ما أفادت مصادر متطابقة لـ”الحل نت”.

والجدير ذكره، أنّ مناطق ما يسمى بـ “درع الفرات” و”غصن الزيتون” و”نبع السلام”، تشهد اشتباكات مستمرة بين فصائل “الجيش الوطني”، وسط مطالبات من الأهالي بضبط الأمن في المنطقة وإخراج المقرات الأمنية منها.

اقرأ المزيد: حرب شوارع بالأسلحة الثقيلة بين فصائل «الجيش الوطني» في ريف عفرين

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة