في الوقت الذي تشهد فيه سوريا حركة ضعيفة جداً تجاه تلقي اللقاح المضاد لفيروس “كورونا”، أعلن وزير الصناعة السوري زياد صباغ، مؤخراً أن مباحثات روسية سورية تجري من أجل صناعة لقاح “سبوتنيك” الروسي على الأراضي السورية، ضمن مشروع توطين صناعة العقاقير التحصينية البيولوجية الروسية.

ما يدفع للتساؤل حول إمكانية دمشق من تصنيع اللقاح محلياً، سواء على صعيد الخبرات والكفاءات البشرية، إضافة إلى توفر الإمكانات الاقتصادية ومدى توفير موسكو لهذا الدعم، فضلاً عن الجدوى من هذا المشروع، في وقت تنتظر حكومة دمشق دفعات مجانية من اللقاح، في ظل ضائقة اقتصادية كبيرة تعيشها منذ سنوات، بالتوازي مع عدم وجود اهتمام شعبي لتلقي اللقاح.

ديميتري أوموتنيخ رئيس جمعية المستوردين والمصدرين في مجال الصحة في روسيا، طرح العديد من الإجراءات التي من الممكن تنفيذ المشروع من خلالها، عبر شركات الأدوية السورية وذكر من بينها شركة “تاميكو”، بحسب ما أوردت وكالة “سانا” المحلية.

هل تمتلك سوريا القدرة الاقتصادية على صناعة اللقاح؟

خالد التركاوي، محلل اقتصادي سوري، استبعد قدرة سوريا على صناعة اللقاح في أراضيها لعدم وجود قدرة مالية اقتصادية وطبية أيضاً.

وقال لـ “الحل نت”، أن سوريا في الفترة الحالية منهارة اقتصادياً تعاني من تدهور كبير في مجالات عديدة أهمها الصحي، فهي تفتقد إلى العمالة الكفوءة المدربة لصناعة اللقاحات، ورأس المال اللازم لتغطية خطوط إنتاج اللقاح بشكل مناسب وبحسب المعايير العالمية المطلوبة.

فيما كانت “تاميكو” الشركة العامة للصناعات الدوائية، بينت أن هذا المشروع يحتاج إلى خط إنتاج خاص، من أجل صناعة اللقاحات على شكل أمبولات مجهزة للحقن العضلي، «وهذا الأمر غير متاح حالياً».

هذا وقد تراجعت الصناعات الطبية في سوريا خلال العشر سنوات الماضية، إذ تعرضت العديد من المخابر ومعامل الأدوية ومراكز البحوث المتخصصة إلى التدمير خلال السنوات الماضية.

وقد تلقى أكثر من 700 ألف شخص في جميع أنحاء سوريا، اللقاح المضاد لفيروس “كورونا”، وهو رقم لا يزال بعيداً عن هدف “منظمة الصحة العالمية” لتطعيم 20 بالمئة من سكان البلاد بنهاية العام الحالي.

وبحسب إحصائيات رسمية، فقد بلغ عدد متلقي اللقاح بمناطق سيطرة الحكومة السورية نحو 600 ألف شخص، بينما تلقى 77 ألف شخص فقط جرعتي لقاح في إدلب، في حين تم تطعيم نحو 40 ألف شخص بمناطق الشمال الشرقي من سوريا الواقعة تحت سيطرة “الإدارة الذاتية”.

وأمس، أعلنت وزارة الصحة بدمشق، عن تسلم نصف مليون جرعة من لقاح “سينوفارم” الصيني، بعد أسبوع من تلقيها أكثر من 1.3 مليون جرعة من اللقاح ذاته عبر منصة “كوفاكس” التابعة لمنظمة الصحة العالمية.

وفي شمال غرب سوريا، قال مدير صحة إدلب، سالم عبدان، إن المنطقة هناك تلقت عبر “كوفاكس” أكثر من 686 ألف جرعة من لقاحي “أسترازينيكا” و”سينوفاك”.

ووفق أرقام رسمية، فقد سجلت مناطق شمال غربي سوريا، منذ منتصف العام الماضي وحتى الآن، أكثر من 90 ألف إصابة بالفيروس ونحو ألفي وفاة، بينما أعلنت دمشق عن أكثر من 46 ألف إصابة، بينها 2661 وفاة، في حين سجلت مناطق شمال وشرق سوريا 37 ألف حالة بينها قرابة 1500 وفاة.

دبلوماسية اللقاح

الصيدلاني المخبري أيمن خسرف، يرى أن هذه الأخبار حبر على ورق وبعيدة كل البعد عن الواقع، ويعتقد أن هذا المشروع مرتبط بدبلوماسية اللقاح التي أصبحت شكلاً من أشكال القوى بهدف تحقيق مصالح سياسية واقتصادية .

وأشار خسرف إلى أن مثل هذه المشاريع تعزز خوف الناس من اللقاحات وتزيد من شكوك السوريين حول فاعلية اللقاح، موضحاً أن سوريا لا تمتلك الإمكانيات اللازمة لهذا المشروع وأن اللقاح الروسي غير مصادق عليه عالمياً.

ومنذ ظهور فيروس كوفيد 19، بدأ التنافس حول إنتاج اللقاح يظهر شكلاً جديدة من أشكال الصراعات بين الدول الرائدة، مثل أمريكا وروسيا والصين ، ضمن ما يسمى “دبلوماسية اللقاحات”، والتي تنضوي تحتها الإستجابة الإنسانية للأزمة الصحية العالمية.

توطين الصناعات الطبيبة الروسية في سوريا!

وبالعودة إلى المشروع الروسي فإنه يتضمن تعاوناً شاملاً في مجال صناعة اللقاحات، وتبادل المعلومات والمواد العملية والعلمية.

وذكرت وكالة سانا، أن الجانبين السوري والروسي يعملان على دراسة كافة الأمور المتعلقة بالمشروع مع شركة “تاميكو” والمؤسسة الكيميائية ومديرية الإنتاج في وزارة الصناعة السورية.

وعملت روسيا على تطبيق الاختبارات لمنتجاتها الطبيبة في سوريا، كما أحدثت مركزاً دائماً لتقنية معرفة طفرات فيروس “كوفيد 19″، إضافة إلى تدريب الكوادر الطبية على تحديد الطفرات وعملية التنميط، بحسب صحيفة “البعث” المحلية.

واستلمت الجهات السورية 250 ألف جرعة من لقاح “سبوتنيك” الروسي قبل أشهر، سبقتها عدة دفعات، ورغم أن اللقاح حاز على عدد كبير من الموافقات الحكومية الروسية بحسب معهد أبحاث “غاملي” الروسي، إلا أن وكالة الأدوية الأوروبية ومنظمة الصحة العالمية لم تصادقا على استخدامه.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.