تعاني مناطق الإدارة الذاتية  من غياب برنامج تقنين ثابت للكهرباء، نتيجة الانقطاع المتكرر والذي ترجعه الإدارة لأسباب عديدة من أكثرها تكرراً توقف العنفات في محطات التوليد، كحال محطة السويدية الغازية في ريف مدينة ديرك-(المالكية) التي شهدت توقف عنفتين في الأسبوعين الأخيرين ما تسبب بزيادة ساعات التقنين في ديرك-(المالكية) وتربسبيه-(القحطانية) وريف القامشلي.

لكن مسؤولين يتحدثون عن وجود تراجع واهتراء في البنية التحتية في قطاع الكهرباء بشكل عام لا في محطة بعينها ما يؤثر في إمكانية إيجاد حل جزري لمشكلة الكهرباء المستمرة منذ سنوات.

“انتهى عمرها”

وقال الرئيس المشترك لمكتب الطاقة في إقليم الجزيرة، زياد رستم، إن سبب تكرار توقف العنفات في محطة السويدية يعود إلى انتهاء عمرها الافتراضي منذ العام 2009.

وأضاف في تصريح لـ الحل نت، أن هذه العنفات بدأت بالعمل منذ مطلع الثمانينات من القرن الماضي، و أن كل واحدة منها عملت فوق طاقتها لأكثر من 45 ألف ساعة.

وتضم محطة السويدية الغازية سبع عنفات توليد، حيث تبلغ الطاقة الإنتاجية للمحطة ما بين 1500 و1600 ميغا واط في اليوم الواحد.

ويعتمد تشغيل آبار الغاز والنفط في الحقول المنتشرة بمنطقة ديرك وريفها على الكهرباء التي تولدها محطتي الرميلان (النفطية) والسويدية(الغازية).

وأوضح رستم، أن العنفات في محطات الرميلان النفطية حمولتها صغيرة وتتراوح بين 8 إلى 12 ميغا واط للعنفة الواحدة، وذلك لعدم تشغيل أغلب آبار النفط، فيما تعمل ثلاث عنفات فقط في محطة السويدية من أصل سبعة، بعد أن خرجت اثنتان منها عن الخدمة في فترة سابقة.

وعزا المسؤول الأعطال المتكررة إلى غياب قطع التبديل لهذه العنفات التي يجري صيانتها بخبرات محلية.

وأشار رستم إلى أن الطاقة الإنتاجية الوسطية لا تتجاوز 50 ميغا واط تتوزع على مدن إقليم الجزيرة، منها 20ميغا واط مستثناة لخطوط تغذية مياه محطة علوك بريف رأس العين والهلالية في القامشلي والعزيزية في الحسكة، بالإضافة إلى خطوط المستشفيات والصوامع المطاحن، كما تستجر كميات من السدود بحسب المتاح ليجري توزيعها على مدن الإقليم بالتساوي.

وبالإضافة إلى محطة الجبسة التي تحوي ثلاث عنفات غازية، تولد الكهرباء من محطة السويدية الغازية والرميلان النفطية فضلا عن العنفات الكهرومائية على السدود الثلاث على نهر الفرات و هي تشرين والفرات والحرية(البعث سابقا).

 وتعتمد غالبية المناطق على مولدات خاصة(الأمبير) لتأمين احتياجات السكان من الكهرباء، إلا أنها لا تكفي كما الكهرباء “النظامية” لتغطية حاجة العوائل حيث تعتمد غالبية العوائل على استجرار من 3 إلى 4 أمبيرات لفترات لا تتجاوز 9 ساعات يوميا.

ماذا عن السدود على الفرات؟

قال المهندس والإداري في سد تشرين، حمود حمادين، لـ الحل نت، إن محطة سد تشرين تضم 6 عنفات، استطاعة العنفة الواحدة 105 ميغا واط من المنسوب الأسمي 325 ميغا واط/م3 عن سطح البحر.

ويقع سد تشرين 20  كم إلى الجنوب الشرقي من مدينة منبج ويعتبر ثاني أكبر محطة كهرومائية في سوريا بعد سد الفرات في الطبقة.

وأضاف “الحمادين” أن غياب مردود مائي ثابت للسد، والذي بات أقرب ما يكون للجفاف، مع استمرار تركيا بحبس مياه نهر الفرات، يتسبب بتخفيض الطاقة الإنتاجية.

وبحسب الاتفاقية الموقعة بين دمشق وأنقرة والمتعلقة بنهر الفرات، “تكون حصة سوريا من المياه القادمة من تركيا 500 متر مكعب في الثانية، والآن لا يصل منها سوى أقل من 200 متر مكعب”، بحسب الإداري في سد تشرين.

 وأوضح الإداري أن أربعة عنفات من أصل ثمانية عنفات تحتاج إلى صيانة في محطة سد الفرات، كما إن عنفتين من أصل ثلاثة عنفات في سد الحرية(البعث سابقا) تحتاج إلى صيانة.

وأشار الإداري في سد تشرين إلى أن “المنظمات الدولية والانسانية ومنظمات الامم المتحدة لم تستجب لمطالبهم، بالضغط على تركيا لإعادة ضخ المياه، ما يهدد نحو سبعة ملايين نسمة بالجفاف والعطش.”

غياب قطع التبديل

وقال مصدر من سد الفرات “فضل عدم ذكر اسمه” إن تنظيم الدولة “داعش” كان قد فخخ العنفات داخل سد الفرات وقام بتدمير بعضها إبان انسحابه من السد في العام 2017.

وأوضح أن العاملين والمهندسين في السد عادوا لاحقا بعد انسحاب التنظيم إلى صيانة العنفات “وتمكنوا بجهود ذاتية من إعادة أربعة منها إلى العمل من لا شيء”.

ولفت المصدر إلى أن مستودعات الـ26 العائدة للسد ومؤسسة استصلاح الأراضي تعرضت في العام 2013 للسرقة وبيع قطع الغيار من جانب فصائل الجيش الحر التي سيطرت عليه وكانت تقوم ببيعها علنيا لتجار بمبالغ زهيدة.

وحول إمكانية إعادة صيانة العنفات، أشار المصدر إلى أن التنظيم كان قد دمر أنظمة وأن تشغيل العنفات الخارجة عن الخدمة لن يتوقف على تأمين قطع الغيار فقط، بل يحتاج إلى تدخل شركات عملاقة كالشركة المصنعة للمحطة التي لا يمكنها أن تتدخل دون موافقة دمشق لإعادة صيانة، فضلا عن أن أعمال الصيانة تحتاج إلى مبالغ كبيرة لا يبدو أن تأمينها سهل.

البديل: محطة حرارية

قال الإداري في سد تشرين حمود الحمادين، إن الحل البديل لتغطية كهرباء منطقة شمال شرقي سوريا، هو إنشاء محطة حرارية قريبة من حقول النفط، قد توفر طاقة إنتاجية تصل لـ 400 ميغا واط، ستغطي كامل الشبكة السورية، على حد وصفه.

وسيتم التحكم من خلال المحطة بشكل أكبر بكمية المياه الموجودة في البحيرات يستفاد منها في مجالات الزراعة والري، وبالتالي تحقيق أمن مائي وكهربائي، بحسب إداري السد.

ونوه الإداري إلى وجود عوائق فنية من ناحية التوريد والتركيب ومادية تتعلق بتوفير الدعم المادي لتكلفة المشروع.

ويشكو سكان في مناطق عديدة من شمال وشرقي سوريا كما في مدينة الحسكة والرقة وريف دير الزور من وجود تفاوت في مخصصاتهم من الكهرباء النظامية لديهم مقارنة بمناطق أخرى تحظى بكميات وساعات أطول.

تفرض العقوبات الاقتصادية على سوريا صعوبات إضافية لاستيراد بدائل أو قطع غيار للمحطات والآليات المنتهية أعمارها، ما يفاقم من تدهور واهتراء البنية التحتية الكهربائية في شمال وشرقي سوريا، وفي ظل غياب دعم المنظمات، وقطع تركيا للوارد المائي إلى سوريا بشكل متكرر، تبدو أزمة الكهرباء أقرب للتفاقم منها إلى إيجاد حلول في قادم الأيام.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.