بدأت القوات الروسية المتواجدة في ديرالزور بتغيير استراتيجيتها في التعاطي مع المجموعات التي تم تشكيلها خارج إطار الجيش السوري ضمن ماعُرف باسم “الدفاع الوطني”، والتي لعبت دوراً كبيراً في الحرب السورية إلى جانب القوات الحكومية، حيث عاثت فساداً كبيراً تجلى بارتكابها العديد من الانتهاكات والتجاوزات ضمن أماكن انتشارها وتواجدها.

وبدا أن هناك قرارات جديدة قد اتخذت وتم البدء بتطبيق بعضها، تحديداً المرتبط بمستقبل مليشيات “الدفاع الوطني” في المحافظة،  وبوضع الحواجز الأمنية التي نصبتها بداخل المدينة وخارجها.

كشف مصدر عسكري  في ديرالزور (فضل عدم ذكر اسمه)  لـ “الحل نت” عن عزم روسيا، حل مليشيا “الدفاع الوطني”، بهدف الخلاص منهم وضمهم إلى صفوف “الفرقة 17″، حيث أثار القرار مخاوف العشرات من عناصر الدفاع ومحاولة كثير منهم الهرب خارج حدود المحافظة، وخاصة بعد إزالة أكبر حواجزهم عند دوار البانوراما والمطار العسكري خلال اليومين الماضيين. 

وأوضح المصدر أن سبب القرار الروسي،  يأتي بسبب الحرج الذي تسببه هذه المليشيات لروسيا، من انتهكات وشكاوى متكررة، زادت وتيرتها خلال الأشهر القليلة الماضية.

ولفت المصدر  إلى أن روسيا تريد تفكيك مليشيا “الدفاع الوطني”، وسط سطوة روسية على قوات حكومة دمشق، ومواقع سيطرتها في المحافظة.

وتأتي التحركات الروسية في وقت يعاني فيه الجيش السوري من نقص في الكادر البشري نتيجة التزايد الكبير في أعداد القتلى والجرحى في صفوف قواته.

يوضح الملازم المنشق، ابراهيم الفياض، لـ “الحل نت” أنّ النية الروسية في فك الدفاع الوطني خوفاً من تنامي قوة هذه المليشيات فضلاً عن تكرارها للانتهاكات بدون أي رادع لها، إضافة لقيام قسم كبير منهم بالعمل منفرداً .

ولفت المصدر إلى تخلف عناصر الدفاع الوطني عن الالتحاق بجبهات القتال خارج المحافظة، وعن عمليات التمشيط  ضد خلايا داعش في منطقة البادية أيضاً.

تخوف من السجن والاعتقال

بينما تحدث عنصر منشق من الدفاع الوطني (لم يفصح عن اسمه لأسباب أمنية) لـ “الحل نت” إن: «السبب الرئيسي لهروب عناصر الدفاع الوطني باتجاه مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية قسد خلال الأيام القليلة الماضية، هو التخوف الكبير من السجن والاعتقال أو الزج بهم في صفوف الاحتياط أو الخدمة الإلزامية، لأن قادة الدفاع الوطني أجبروا نسبة كبيرة من عناصرهم على إجراء التسوية وسط تخوف كبير من المصير الذي ينتظرهم».

اقرأ أيضا: روسيا تستفز أهالي شرق الفرات بمحاولاتها العبور من أراضيهم شمالي دير الزور

وأوضح العنصر أن «عشرات العناصر المتطوعين في صفوف الدفاع الوطني هم عناصر سابقين في صفوف قوات المعارضة عادوا إلى المنطقة من خلال تسويات سابقة، شريطة انضمامهم إلى  الدفاع، لضمان عدم التعرض لهم من قبل الأجهزة الأمنية ».

وأشار المصدر إلى أن «القوات الروسية عرضت على قائد الدفاع الوطني “فراس العراقية” منصب المسؤول العام في اللجنة الأمنية المشرفة على عمليات المصالحة، لضمان عدم حدوث ردات فعل من قبله تجاه القرارات الجديدة، الأمر الذي تنعكس آثاره سلباً على سير عمليات التسوية ».

تزايد الانشقاقات

في السياق ذاته أفاد مراسل (الحل نت) في ديرالزور أن «روسيا بدأت بإزالة حواجز الدفاع الوطني في داخل المدينة وتسليم بعضها إلى الشرطة المدنية، كما قامت الأجهزة الأمنية بسحب البطاقات الأمنية والسيارات من عدد كبير من العناصر، ما تسبب بزيادة نسبة الانشقاقات والهرب في صفوف الدفاع ».

وأضاف المراسل، أن «14 عنصراً من الدفاع الوطني انشقوا وهربوا في ساعات متأخرة من ليل أمس باتجاه مناطق سيطرة “قسد”، بعد إجبار عدد من عناصرهم  على إجراء عمليات التسوية».

قرار إيراني مماثل

وفي السياق ذاته، صدر قرار مماثل من قبل قيادة “اللواء 47” التابع لمليشيا “الحرس الثوري” الإيراني في مدينة البوكمال، بإيقاف عمليات التطويع، وتخيير بعض المتطوعيين القدامى بين تسوية وضعهم وتطويعهم في صفوف القوات الحكومية بشكل رسمي،  أو إنهاء عقودهم وعودتهم لحياتهم المدنية، شرط أن لايكونوا من المطلوبين لإحدى الخدمتيين الإلزامية أو الاحتياطية.

القرار أثار مخاوف عدد كبير من المتطوعين من أبناء المنطقة، وفقاً لتصريح عنصراً منهم (فضل عدم الإفصاح عن اسمه) لـ “الحل نت”  وأضاف أن قيادة اللواء تحججت بتدني مصدر التمويل لديها مؤخراً، وتحاول التقليل من عناصرها، إلا أنها في المقابل تجلب عناصر متطوعين جدد من الجنسية العراقية أو الإيرانية برواتب تعادل ضعف الراتب الذي يتقاضاه المتطوعيين المحليين، وفق قوله.

ولفت المصدر إلى أن نسبة كبيرة من الشبان وخاصة المطلوبين للأجهزة الأمنية، ينون تأمين عيلهم والهرب خارج المنطقة، قبيل إجبارهم على إجراء التسوية أو اعتقالهم.

وتحاول الحكومة السورية  الالتفاف على القرارات الدولية الشرعية، من خلال إجرائها لمثل هذه المصالحات والتسويات التي تهدف إلى إخضاع أكبر نسبة ممكنة من السوريين لها.

يشار أن مدينة دير الزور تشهد حركة نزوح واسعة خلال الأشهر الخمس الماضية، جراء الاعتقالات التعسفية والفلتان الأمني وسوق الشباب إلى الخدمة الإلزامية والاحتياطية، بالإضافة إلى خوف الأهالي على أبناءهم بعد الانتشار الكثيف للميليشيات الإيرانية، وتردي الوضع المعيشي و سوء الخدمات .

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة