تشهد الساحة العربية في الآونة الأخيرة توجه دول عربية عديدة باتجاه التطبيع مع دمشق، في وقت تبدو فيه محاولاتهم تلك لكسر عزلة الحكومة السورية وإعادة دمجها مع المحيط العربي “بالمجان”.

إذ بدا من الواضح أن المستفيد الوحيد في هذا التطبيع هو الحكومة السورية، التي لا تدفع أي ثمن، في ظل العقوبات المفروضة عليها خلال سنوات الحرب العشر الأخيرة.

الأردن والجزائر ومصر ومؤخرا الإمارات، أبرز تلك الدول التي تقدمت بخطواتها الأولى للتطبيع، بعد قطيعة استمرت لعقد من الزمن.

في حين، تريثت بعض الدول الأخرى في الاندماج مع دمشق، على أمل إجراء بعض التغييرات الداخلية في سوريا، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.

قد يهمك: التطبيع العربي مع “الأسد“.. مخاوف إيرانيّة أمام الدور العربي

موقف أوروبي جديد في سوريا

أما بالنسبة للرؤية الغربية بهذا الشأن، فتعتبر باريس ومعها بعض الدول في الاتحاد الأوروبي، عملية التطبيع مع دمشق “خط أحمر”، بحسب صحيفة (الشرق الأوسط).

ورغم اعتبار باريس أن الدول سيدة قرارها، إلا أنها تدعو «البلدان المطبّعة» للدفاع عن مصالحها الاستراتيجية بالمنطقة، قبل الحذو بهذا الاتجاه.

وتعتقد باريس أن عودة دمشق للجامعة العربية «لن يحصل»، لأنه إلى جانب الدول الراغبة فيها، ثمة دول أخرى رافضة بقوة لرؤية دمشق تحتل مجددا مقعدها داخل حرم الجامعة.

فضلا عن إعلام الاتحاد الأوروبي مسؤولي الجامعة العربية، أن عودة سوريا إلى حضنها سيعني وقف الحوار القائم بينها وبين الاتحاد.

اقرأ أيضا: التطبيع مع دمشق.. لماذا ترغب دول عربية ببقاء الأسد؟

أوروبا منزوعة الأظافر

حسام النجار- كاتب وصحفي ومحلل سياسي- يرى أن أوروبا «منزوعة الأظافر»، ليس بالقضية السورية فقط ، وإنما بمعظم القضايا الساخنة في العالم، ومنها في ليبيا والعراق وغيرهما.

وأضاف نجار في حديث مع (الحل نت)، أن هناك تقارب ملحوظ تسعى له فرنسا والأحزاب القومية في أوروبا مع دمشق، بطريقة غير مباشرة.

فمن جهة تقول إن التطبيع «خط أحمر»، ومن جهة أخرى تدفع الدول العربية للتطبيع مع الحكومة السورية، كالأردن والإمارات، كما تدعم مصر «خلف الكواليس» بإعادة دمشق للجامعة العربية، على حد قوله.

لكن، إذا ما اعتبرنا أن الاتحاد الأوروبي يرفض التطبيع، فإن ألمانيا من أبرز الدول التي «من الممكن أن تمتنع عن التطبيع».

اقرأ: تريث في الاندماج مع دمشق.. تراجعٌ عربي عن التطبيع؟

التطبيع ينعكس سلبا على القرارات الدولية

المحلل السياسي طالب دغيم، يشير لـ(الحل نت) إلى أن التطبيع العربي يرسخ سلطة الرئيس السوري بشار الأسد على الحكم، وهو ما ينعكس سلبا على الأمن الأوروبي من ناحية تدفق اللاجئين تباعا.

كذلك ينعكس سلبا على قرارات جنيف ومجلس الأمن، للانتقال السياسي في سوريا وفق القرار 2254.

فالدور الأوروبي لا يمكن تخيله بذلك القدر من التأثير أمام الوجود الأميركي والروسي بالملف السوري، وفق دغيم.

معتبرا أنه حتى لا يرتقي للدور التركي والإيراني مطلقا.

فالقبول الأوروبي بصيغة تفاوضية في جنيف وتغاضيه عن لقاءات أستانا وسوتشي الروسية التركية، والتي شارك فيها السوريون من حكومة ومعارضة، هو ما جعل الدور الأوروبي «هامشيا»، بحسب وصفه.

ويعتقد دغيم أنه قد نشهد في الأيام المقبلة حوارا أوروبيا (وتحديدا ألمانيا وفرنسا) مع دول عربية، مثل السعودية وقطر ومصر والمغرب، حول عدم أهلية الأسد وبشكل ودي.

ولذلك ربما يقتصر التطبيع العربي مع الحكومة السورية على دول محددة «إذا تدخل الغربيون في الملف السوري بثقل حقيقي»، وفق تعبير دغيم.

من جانبه، يرى الاتحاد الأوروبي أن ثمة أوراق يمكن استخدامها للضغط على دمشق وأن لا يكون التطبيع «بلا مقابل».

ولعل أبرزها العقوبات الأوروبية والأميركية المفروضة على الحكومة السورية بما فيها من شخصيات وكيانات.

وبالرغم من أن الملف السوري شهد لقاءات وتحركات دولية عدة خلال الفترة الماضية، لكن حضور دمشق القمة العربية- المقرر عقدها بالجزائر في آذار/ مارس 2022- لا يزال محض خلاف في النقاشات العربية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.