يشير افتتاح مكتب الشيخ باقر الايرواني في النجف، إلى احتمالية استعداده أن يكون أحد خلفاء ما “آية الله علي السيستاني”، البالغ من العمر 92 عاماً، رئيساً للمرجعية الدينية الشيعية في العراق. 

ويبدو أن الوفاة المفاجئة لـ “آية الله محمد سعيد الحكيم”، الذي كان المرشح الأوفر حظاً لخلافة آية الله العظمى علي السيستاني كأعلى مرجع شيعي، دفع العلماء في الحوزة في مدينة النجف إلى التفكير بجدية في مرحلة “ما بعد السيستاني”. 

كما دفع ذلك الشيخ محمد باقر الايرواني، البالغ من العمر 72 عاماً، إلى فتح مكتب رسمي له في النجف، حيث يبدو أنه يعد نفسه ليكون من المراجع الدينية للشيعة بعد وفاة السيستاني. ففتح مكتب لاستقبال العلماء في النجف خطوة مهمة في إعلان منصب المرجع الديني.

يدرّس الايرواني واحد من أكبر الفصول في حوزة النجف، حيث يدرّس حوالي 600 باحث على أعلى مستوى في الدراسات الدينية، بحسب تقرير لموقع “المونيتور” ترجمه موقع “الحل نت”. 

معاني افتتاح مكتب الايرواني؟ 

نقل موقع “المونيتور” من مصادر موثوقة في حوزة النجف أن “مجموعة من أساتذة الحوزة تحدثوا مع الايرواني وأقنعوه بالتحضير للحلول محل السيستاني باعتباره المرجع الديني الأعلى في حال وفاة الأخير”. وقال أحد المصادر موضحاً: “في البداية رفض الايرواني الفكرة، ولكن تغير رأيه في النهاية، لأنه يرغب في الحفاظ على الحوزة ومنع أي فراغ في القيادة من شأنه أن يقوّض كل المكاسب الاجتماعية والروحية التي حققتها سلطة السيستاني”. 

ويقول الباحث السعودي ورجل الدين علي المصطفى: “الايرواني عالم له تاريخ طويل في التدريس والوعظ والتأليف، ولديه الكثير من الطلاب المنتشرين بين الطائفة الشيعية في العديد من البلدان، وهذه الخلفية وشخصيته تجعله من أفضل المرشحين لخلافة السيستاني”. 

هل الإيرواني هو المرشح الوحيد المحتمل لخلافة السيستاني؟ 

هناك مجموعة من العلماء الآخرين على قدر المعرفة مثل الايرواني، بحسب التقرير المترجمن من “المونيتور”، لاسيما الشيخ هادي الراضي، وهو من كبار علماء الحوزة المعروفين.

ويرى المصطفى بأنه يمثل أيضا الحركة التقليدية لمدرسة النجف، لكنه يتابع قائلاً: “الايرواني لديه العديد من الطلاب الإيرانيين، وأيضاً العرب من دول الخليج العربي ولبنان، مما يساعده في أن يكون له نفوذا أكبر”.
 

من جانبه، يعتقد مضر الحلو، الباحث الديني العراقي، أن “الايرواني هو أفضل مرشح، لكنه لا ينحدر من سلالة النبي محمد، مما قد يقلل من فرصه”. 

وهناك مرشحون آخرون من سلالة النبي أبرزهم العلامة محمد رضا السيستاني، ابن علي السيستاني، ورياض الحكيم، نجل الراحل محمد سعيد الحكيم، بالإضافة إلى علي السبزواري، ابن السيد عبد العلي السبزوري، وهو مرجع شيعي آخر. 

وبحسب مصدر موثوق، أعلن محمد رضا السيستاني في مناسبات عديدة أنه غير راغب في أخذ مكان والده، لأن حوزة النجف تحظر توريث المنصب الديني من الأب إلى الابن، حتى لو كان الأخير مؤهلاً لتولي المنصب. 

وبالمثل، لا يمكن لرياض الحكيم أن يتولى منصب رجل الدين الشيعي الكبير بسبب وفاة والده، الذي كان ذات يوم أحد آيات الله العظمى، كما أنه مقيم في مدينة قم الإيرانية وليس في النجف.

وإذا كان يرغب في الوصول إلى المنصب في سنوات ما بعد السيستاني، فعليه العودة إلى العراق. 

الإيرواني يتمهل؟

إن كانت كل هذه العوامل تلعب لصالح الايرواني، فإن هناك شخصان رئيسيان آخران قد يعترضان على ترشيحه، وهما آية الله هادي الراضي وحسن الجواهري. كلا الرجلين من نفس جيل الايرواني، لكن وفقاً لمصدر تحدث إلى “المونيتور” فقد “لا يقدم الراضي نفسه للمنصب من أجل إعطاء مهلة للإيراني، الذي حصل على موافقة ضمنية من السيستاني لفتح مكتبه الخاص لاستقبال العلماء”. 

لم ينشر الايرواني “الرسالة” الخاصة به بعد، وهي تعليمات دينية لأتباعه، ولم يعين أي ممثل في المنزل أو غير ذلك. وهو متأثر بمعلمه أبو القاسم الخوئي، لا سيما موقف الأخير الرافض لتورط رجال الدين في العمل السياسي المباشر. وهذا يعني أنه إذا ارتقى إلى القيادة الدينية الشيعية، فسيكون لديه قيادة مستقلة وتقليدية لا تخضع للتأثير السياسي. ومع ذلك، فإن هذا لا يعني أنه يفتقر إلى الشعور بالوعي الإداري أو السياسي. 

“إن التدخل السياسي يتحدد بمدى الاهتمام. وهنا في العراق يجب الابتعاد قدر المستطاع عن السياسة باستثناء توجيه وقيادة الشعب”، يقول الايرواني في مقابلة نشرت على موقع “شفقنا”.

ويضيف قائلاً: “ربما كان آية الله الخوئي يعتقد أن علماء الدين يجب ألا يتدخلوا في السياسة في البداية، وما زلت أعتقد أنه لا ينبغي لنا ذلك إلا إذا كان ذلك ضرورياً”. 

ويبدو أن مقاربة الايرواني السياسية تقارب آراء أستاذه الخوئي مع آراء علي السيستاني، مما يوحي بأنه لن يصدر أي تصريحات أو يتخذ أي مواقف سياسية ما لم تخدم مصالح الناس وتحميهم من الإرهاب والعنف وتدعم تماسك الدولة. 

إن مرجعية دينية شيعية مثل الايرواني، تؤمن بـ “السلم الأهلي” وترفض الإرهاب والعنف والإسلام السياسي، سينظر إليها بارتياح من قبل الحكومات العربية في الخليج، وهو الأمر الذي من شأنه أن يخفف الصدامات السياسية الطائفية ويجعل هدف “الاندماج الوطني” قابلا للتحقيق. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.