منذ بدء عهد الإدارة الأميركية الجديدة، بقيادة الرئيس الأميركي جو بايدن في كانون الثاني /يناير، كان واضحاً انخفاض اهتمام واشنطن بالملف السوري، بعد أن صبت الإدارة الأميركية الحالية اهتماماتها بقضايا الاقتصاد العالمي وقضايا الداخل الأميركي فضلاً عن قضية وباء كورونا المستمرة.

وفي تقرير لها اعتبرت صحيفة “نيوزويك” الأميركية أن الإدارة الأميركية أزاحت سوريا ومنطقة الشرق الأوسط من أولوياتها الاستراتيجية.

قضايا أخرى على قائمة اهتمامات واشنطن

وأكدت الصحيفة أن الإدارة الأميركية الحالية، تركز اهتماماتها على احتواء الصين من خلال الاهتمام أكثر بمنطقة المحيطين الهندي والهادي.

 وحول ملامح تراجع اهتمام واشنطن بقضايا الشرق الأوسط، أشارت الصحيفة إلى وضوح ذلك من خلال الإيعاز إلى كل من السعودية والإمارات لإدارة ملفاتهم الخارجية بما يتناسب مع مصالحهم الخاصة دون الرجوع لها.

وحول سوريا أشارت إلى أن تراجع الاهتمام بالقضية السورية بدا واضحاً، من خلال عدم الاهتمام بتطبيع بعض الدول العربية مع حكومة دمشق.

ويعتقد الباحث في مركز “جسور” للدراسات وائل علوان أنه من غير الدقيق الحديث عن أن الملف السوري ليسم مهم وحساس بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، ذلك لأن سوريا جيوسياسياً ما تزال تحتل مرتبة مهمة في استقرار الشرق الأوسط.

وحول التراجع الأميركي في الاهتمام بالملف السوري يقول علوان في حديثه لـ”الحل نت”: «لإدارة الأميركية الجديدة، باتت تنظر إلى الداخل الأميركي وقضايا تتعلق بما بعد التعافي الأول من أزمة كورونا والاقتصاد العالمي بأهمية كبيرة».

قد يهمك: هل تتجه الولايات المتحدة إلى محاسبة دمشق خارج مجلس الأمن والمحكمة الدولية؟

أولوية استمرار وقف إطلاق النار في سوريا

ويرى علوان أن أولويات واشنطن في سوريا تنصب حالياً في ضمان استقرار وقف إطلاق النار، استقرار نسبي للأوضاع الإنسانية في سوريا.

ويردف قائلاً: «مع وجود هذا الاستقرار لوقف إطلاق النار لا يوجد الكثير من الإشكال بالنسبة لأميركا، لذلك لا يحتل الكثير من الجهد والتحرك الدولي، من أجل التغييرات»

ويضيف الباحث السياسي: «القضية السورية بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، لا تتعلق بسوريا ولا تتعلق باللاعبين المحليين في سوريا، واشنطن لا تنظر إلى النظام أو المعارضة أو قسد، وإنما إلى تأثير القضية السورية على المنطقة عموماً، وطبعاً الحل السياسي بالنسبة لها، مرتبط بجملة شروط، ربما لا تتنازل الآن روسيا للتفاعل مع هذه الشروط»

وحول تطورات المفاوضات بين واشنطن وموسكو بما يتعلق بالوضع السوري يوضع علوان: «تحاول موسكو منذ عامين التفاوض مع حلفاء واشنطن مع عدم وجود رغبة أميركية في المفاوضات خلال الفترة السابقة، وتمسك واشنطن بشروطها المتعلقة بجدية التغيير في الملف السوري».

وتذهب الكثير من تحليلات الموقف الأميركي إزاء سوريا، للقول إن تراجع اهتمام واشنطن بالملف السوري مرتبط بعدة عوامل، أبرزها الشعور الجماعي بالاستسلام أمام فكرة أن «النظام سيبقى»، وأنه لا يوجد أحد في المجتمع الدولي يخطط لتغيير هذا الوضع، فضلاً عن نجاح حلفاء الولايات المتحدة بالحد بشكل كبير من خطر تنظيم “داعش” في البلاد.

ويرى الصراع الدائرة في سوريا لم يعد يشكل أولوية بالنسبة للإدارة الأميركية، في إطار جهودها للضغط على إيران لدفعها نحو تقديم تنازلات تساهم في الحد من سلوكها النووي.

ويقول الكاتب والمحلل السياسي درويش خليفة في حديث سابق لـ”الحل نت”: «منذ وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى البيت الأبيض، لم تكن سوريا والصراع الدائر فيها جزءا اصيلاً من سياسته الخارجية».

ويعتقد خليفة أن واشنطن لم تعد تهتم بالملف السوري مؤخراً: «خصوصاً بعد تقليص خطر داعش وتمركزها في البادية السورية، وإبقاء الآبار النفطية في أيدي حلفاء واشنطن قوات “قسد” لتأمين التمويل الذاتي لهم» حسب قوله.

وحول أسباب تراجع اهتمام واشنطن بالملف السوري يضيف المحلل السياسي قائلاً: «ذا أردنا التركيز على الأسباب الحقيقية، فهي من وجهة نظري ليست مرتبطة بالقضية السورية على وجه الخصوص، إنما ما خلفته جائحة كورونا من اعباء على الأمريكيين، وآثار الحرب الاقتصادية البادرة التي تتبعها مع الصين، والتفرغ لها بعيداً عن الشرق الأوسط وصراعته التي لا تكاد أن تنتهي إطلاقاً».

اقرأ أيضاً: منع حفلات رأس السنة في دمشق.. أسعار ملتهبة واستثناءات محدودة

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.