مثل كل عام يعتاد الناس في نهايته متابعة أخبار التنجيم وتوقعات المتنبئين حول أوضاع أبراجهم الفلكية للعام المقبل، وكذلك متابعة أبرز التوقعات التي تدور حول سوريا، فضلا عن التوقعات المتصلة بأحوال الدول واقتصادياتها وتطورات الأوضاع في دول العالم.

كل ذلك تتم تلبيته عبر البرامج التي تخصصها شاشات التلفزيون، والمواقع الإخبارية، ومساحات مختلفة من وسائل الإعلام. رغم أن ما سبق لا يعدو عن كونه ينطلق من “خرافات” و”علم زائف” وادعاءات لا أساس علمي ومنطقي لها. فلماذا يصدق بعض السوريون كلام المنجمين أو المتنبئين الفلكيين، وما هي أبرز التوقعات للعام المقبل 2022، وكذلك أكثر التوقعات صدمة والتي باءت بالفشل، أو تلك التي نجحت بالمصادفة.

لقد تحول التنجيم إلى تجارة رابحة تعود على أصحابها بمبالغ طائلة، ما يدفع لوضع التنجيم تحت مجهر التساؤل عن حقيقة ومصدر هذه الادعاءات.

توقعات سوريا 2022

المتنبئ الفلكي اللبناني، سمير طنب، قال خلال برنامج عرضته منصة “بيروت إنترناشيونال” حول توقعاته بخصوص سوريا للعام المقبل، مشيرا إلى إمكانية حدوث اتفاق روسي أمريكي على مرحلة إعادة الإعمار في سوريا، وذلك بالتوازي مع توقعه بوجود قرار روسي أمريكي وموافقة ضمنية من الأسد لتحجيم النفوذ الإيراني بسوريا خلال العام 2022.

وفي سياق مواز توقع أيضا تدهور علاقات الأسد مع طهران بعد شعور الأخيرة بأن دمشق ترسم خطط سرية بين دمشق وموسكو للإضرار بالمصالح الإيرانية والوجود الإيراني بسوريا.

كذلك توقع بحدوث اغتيال شخصيات تتبع لإيران ولا تعجب الأسد، في ظل وجود ضوء أخضر روسي لإسرائيل من أجل توسيع استهداف أماكن النفوذ الإيراني بسوريا

بينما اعتبر طنب وفق توقعاته أن هناك حركة نشطة في دمشق لإعادة افتتاح سفارات فيها.

وعلى الصعيد الإيراني سواء ما يتعلق بنفوذ طهران في لبنان أو داخل ملف المفاوضات النووية، أشار طنب إلى أن المفاوضات النووية لن تصل إلى أي نتيجة، ما قد يؤدي إلى ضربة أمريكية محدودة على إيران.

بينما توقع أيضا حل “حزب الله” (ذراع طهران في لبنان) بجهود دولية، أو أن تكون هناك تضعف قوة الحزب داخل لبنان ويلغي وجوده خارجها. وذلك بالتوازي مع حدوث خلافات بين “حزب الله” و”حركة أمل”، مع تدخل دولي للإبقاء على نبيه بري في رئاسة مجلس النواب اللبناني، بينما لن يتم التجديد لـ ميشال عون في رئاسة لبنان. في وقت سيسبق ذلك سعي الأخير إلى إغلاق معابر التهريب بين سوريا ولبنان، والعمل على إنهاء ملف عودة اللاجئين السوريين من لبنان، وكذلك سيطالب “علنا” بإرجاع المفقودين اللبنانيين في سوريا، وفق توقعات سمير طنب.

وفق رأي المؤيدين للتنجيم وظاهرة خروج المنجمين على شاشات التلفزيون نهاية كل عام للتوقع بأحداث ومصائر العالم، فإن التنجيم يبقى شكل أشكال التنبؤ بالمستقبل؛ ووسيلة لاكتشاف معلومات أو للبحث عن تفسير لظاهرة ما، و يقوم ذلك على الاعتقاد بأن أماكن وجود النجوم والكواكب والشمس والقمر وتحركاتهم، يرتبط بالأحداث الشخصية والسياسية وحتى الجيولوجية على وجه الأرض.

يلجأ غالبية الناس إلى التنجيم بهدف اللهو والتسلية، ولأنه يبعث في نفوسهم الأمل، خصوصا حينما يوحي لهم زورا بأنهم أكثر فهما ومعرفة لذاتهم، فيشعرهم بواسطة الإيحاء أنهم أكثر فطنة وبصيرة وذكاء، وهذا يتعلق بطريقة تفكير الناس التي ما زالت تتمسك بهذه الطقوس وتلجأ إليها في لحظات الضعف والخوف.

سوريا 2021

في نهاية 2020 توقع العديد من المنجمين الأحداث التي ستحصل في سوريا لعام 2021، إلا أنه وبعد متابعة لمجمل ما قالوه آنذاك، يتبين للقارئ جملة من الأكاذيب التي سوقوها/توقعوها في ذلك الوقت.

المتنبئ اللبناني، ميشال حايك، قال خلال ظهوره على قناة “MTV ” اللبنانية، نهاية عام 2020، إن الرئيس السوري بشار الأسد يفاجئ السوريين وغير السوريين بحل كبير، ويصدر عفواً “لا يشبه أي عفو” لدعم عودة رؤوس الأموال إلى سوريا. كما تنبأ بعودة “سوريا الخير”، و بـ”خطوة جريئة تترافق مع ضجيج إعلامي لفك لغز أحد السجون السورية، وإطلاق حقيقة ذات صلة بأسماء مغيّبة”.

وتابع: “بشكل مفاجئ منطقة سورية سوف تذكر كمنطقة مقدسة، وانبهار مؤقت بمشهد غريب في صيدنايا”.

بينما كانت المتنبئة اللبنانية ليلى عبد اللطيف، ظهرت على قناة “الجديد” اللبنانية، وتوقعت بأن “كل الأحداث القادمة في سوريا ستجعل الأسد عام 2021 أقوى مما مضى” وبأنه سيزور لبنان.

وأضافت عبد اللطيف، “سنرى عودة الكثير من اللاجئين السوريين، وبخاصة من ألمانيا التي سترحل عددا كبيرا إلى بلادهم”.

وتابعت “تشهد سوريا إنجازا عسكريا كبيرا ونهائيا وحاسما لكل الأحداث، يعيد الأمن والاستقرار إلى سوريا بشكل سريع وغير متوقع، كما تشهد مصالحات كبرى بين قيادات النظام السوري وبين شخصيات من المعارضة السورية المعتدلة”.

بينما تطرق تركيا “أبواب سوريا من أجل لقاء صلح وحوار مع الأسد لحدث كبير ومهم”، بحسب عبد اللطيف.

أما المتنبئ اللبناني، ​مايك فغالي،​ قال عبر صفحته على موقع “يوتيوب” إنه سيكون “هناك قرارات جريئة مثل إعفاءات، وفتح صفحة جديدة ضمنها حرية التعبير”.

وتوقع أنه سيكون هناك تغييرات كبرى على الصعيد الحكومي والعسكري، وفيما يتعلق بالحكومة المقبلة سيكون (الفن والمعارضة والسياسة) تحت مكان وقبة واحدة، حيث سيعتلي بعض فناني الخارج مناصب بالحكومة التي ستبصر النور. وأشار إلى أن إدلب ستكون عنوان الصحافة العالمية.

وتنبأ فغالي بأن الاقتصاد السوري سينهض من جديد، وسوف تضاهي سوريا الإمارات بجمالها، وعن اللاجئين السوريين اعتبر أن عام 2021 سيشهد عودة كبيرة للاجئين من لبنان وأوروبا.

كان التنجيم مرتبطا بحركة الكواكب، وهو ينطلق من اعتبار كوكب الأرض محور هذا الكون، وهي نظرة تقليدية متخلفة سببها بدائية الوسائل العلمية في حينه، كما أنها تعود لحضارات قديمة خلت مثل حضارات بلاد ما بين النهرين، والفراعنة في مصر، والعصر الهلنستي لدى الإغريق. اشتهر البابليون والكلدانيون في هذا الشأن وجعلوه لهم مهنة، تمايزوا به من خلال التنبؤ بالمطر والصحو وكذلك بالخسوف والكسوف، فقسّموا قبة السماء إلى 12 قسما وباتت ما يعرف اليوم بالأبراج الفلكية.

في مناطق آسيا الوسطى خلال فترة القرون الوسطى، كان علم النجوم والكواكب يفهم طبقا لي تفسيرين اثنين. التفسير الأول كان متعمدا و مبني على أسس النظريات والقياسات الرياضية والفلكية. أما التفسير الثاني فقد كان مبنيا على مجموعة من العناصر السحرية، التي لم لم يكن لها أي منطق و لم تكن مستندة على حقائق رياضية.

لقد كان العالم البيروني من أوائل الباحثين الذين ميزوا بين علم الفلك وعلم التنجيم خلال القرن العاشر- الحادي عشر. حيث قام البيروني بتسليط الضوء على الجوهر العلمي لعلم الفلك من خلال وصفه بأنه مماثل لعلم النجوم، و لكن كان كان يتميز علم التنجيم عن علم الفلك من خلال اعتباره شكل من أشكال الفن أو التطبيق العملي، وشدد على حقيقة أن علم التنجيم مبني على “أسس ضعيفة”.

علم زائف؟

الباحث المتخصص في الفيزياء الفلكية، عصام أديب، قال خلال حديث لـ”الحل نت” إن التنجيم ليس حقيقياً ويمكن تسميته بالعلم الزائف، “إن صحة الفرضيات العلمية تبنى على المنهج العلمي، ولا تعتمد الحقيقة في العلم على النظريات التي تحصل على الشعبية الأكبر، بل على الفرضية التي تنتج تنبؤات تتوافق مع الأدلة التجريبية”.

إن التنجيم علم زائف، لا يلتزم بطريقة علمية و لا يستند على أساس علمي. بحسب أديب.

وفي مقال نشرته “الجمعية الفلكية لمنطقة المحيط الهادئ”؛ أكد بأنه لم يتفق المنجمون يوما على تقديم أدلة مادية تفسر الظواهر الفلكية التي يزعمونها، إذ لا يوجد دليل على وجود آلية علمية محددة يمكن من خلالها أن تؤثر الأجسام السماوية في الحياة على كوكب الأرض؛ أو شؤون الناس وحياتهم اليومية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.