شهدت الأشهر الأخيرة زيارات متكررة لوزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان إلى سوريا، كانت الأولى نهاية آب/ أغسطس 2021، في أعقاب مؤتمر بغداد مباشرة، والزيارة الثانية في 18 تشرين الثاني/ نوفمبر، ومن الملاحظ في جميع الزيارات حرص وتركيز إيران على أولوية القضايا الدبلوماسية والاقتصادية.

أما الزيارة الأخيرة، فكانت قبل أيام، عندما وصل عبد اللهيان،إلى دمشق على رأس وفد رفيع المستوى قادما من العاصمة الروسية موسكو، حيث قالت الخارجية الإيرانية في بيان لها أن” ضمن جدول أعمال هذه الزيارة، إجراء محادثات مع كبار المسؤولين السوريين حول تطوير العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية والوضع الدولي”، حسب متابعة “الحل نت”.

تخوف إيراني

جاءت زيارة عبداللهيان لسوريا، قبل أيام كزيارة استكشافية لمعرفة نتائج زيارة الأسد للإمارات، والشروط التي فُرضت على الأسد لعو دة سوريا إلى الجامعة العربية، كما أنها محاولة إيرانية لتعزيز ما يسمى “حلف الممانعة” المكون من إيران وسوريا وحزب الله وميليشيات العراق، وأما توجه عبداللهيان للبنان بعد دمشق فإنه لتعزيز هذا الحلف، خاصة بعد عودته من موسكو والإطلاع هناك على تطورات الغزو الروسي لأوكرانيا وانعكاساته على المنطقة، حسب “الحل نت”.

ويرى الكاتب السياسي، عقيل حسين، في حديثه لموقع “الحل نت”، أنه لا شك بأن هناك ما استدعي هذا الحراك الدبلوماسي الإيراني فيما يتعلق بالملف السوري، والزيارات المتكررة لوزير الخارجية الإيراني منذ منتصف العام الماضي وحتى قبل أيام توحي بأن هناك أمور طارئة، وأوضاعا جديدة تستدعي هذه الزيارات والزيارات المقابلة وخاصة الدبلوماسية منها.

وأوضح حسين، أن هذه الزيارات تتعلق غالبا بتطورات المواقف العربية الإقليمية والدولية من الحكومة السورية والملفات التي ترتبط اليوم بالقضية السورية، كعلاقتها مع الحكومة العراقية، والمفاوضات الإيرانية- السعودية، والوضع في لبنان، والتطبيع العربي مع دمشق، والغزو الروسي لأوكرانيا، وكل هذه الملفات تريد إيران أن تبقى هي المتحكمة فيها، ومطلعة عليها، ولها دور أساسي في توجيهها.

وأشار عقيل، إلى أن إيران تسعى لأن تبقى عنصرا مؤثرا في القرار السوري، من خلال تجاوز موقع الحليف لسوريا إلى موقع الوصي عليها، وبالتالي المشاركة في اتخاذ القرارات وكل ما يتعلق بهذه الملفات، وخاصة التطبيع مع الدول العربية.

قد يهمك:اجتماعات وتحركات عربية.. هل تخرج إيران من سوريا؟

عودة سوريا للحضن العربي بين رغبة إيران وحذرها

قال موقع “ديبكا” الإسرائيلي إن الرئيس السوري، بشار الأسد، يستعد لإجراء زيارة رسمية إلى السعودية ومصر قريبا، تمهيدا للمشاركة في القمة العربية المزمع عقدها في الجزائر، مضيفا أن الأسد سيلتقي ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في الرياض، فيما سيستقبله الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في القاهرة، لكن لم يحدد الموقع جدولا زمنيا للزيارتين أو تفاصيل أخرى، و لم يعلق الجانبان السعودي أو المصري على تلك الأنباء، حسب متابعة “الحل نت”.

وكان الصحفي فراس علاوي، قال لـ”الحل نت”، في وقت سابق، أن هناك تيارا عربيا يرغب باستعادة سوريا من الحضن الإيراني، وزيارة عبداللهيان لدمشق اليوم لمواجهة هذا التيار، فهناك ما يشبه النزاع العربي الإيراني على سوريا، وهنا الأمر بيد دمشق، فإما أن تتوجه بشكل كامل نحو الجامعة العربية وبالتالي سيكون هناك صراع مع إيران وحتى داخل السلطة السورية نفسها، وإما ستتوجه سوريا نحو إيران بشكل كامل وبالتالي لن تعود للجامعة العربية، مشيرا إلى أنه من الممكن أن توافق إيران على عودة سوريا للجامعة العربية، ولكن بشروط تفرضها على دمشق.

ويرى عقيل حسين، أنه من مصلحة إيران، حصول التطبيع العربي مع دمشق، وعودتها للجامعة العربية، فالانفتاح العربي، يعني تدفق الأموال العربية إلى سوريا، وبالتالي إتاحة الفرص للشركات الإيرانية للاستفادة من أي مشاريع يمكن أن تقام في سوريا، ولكن إيران لا تريد أن يحدث أي شيء خارج سيطرتها على دمشق.

إقرأ:قرار حكومي جديد يدعم نفوذ إيران في الاقتصاد السوري

من الجدير بالذكر، أن العلاقات في المنطقة العربية، وفي العالم خضعت مؤخرا لتبدلات كثيرة، بسبب التغيرات على الأرض، وخاصة الغزو الروسي لأوكرانيا، والذي فتح الباب لمصالحات جديدة، ولتحالفات واصطفافات لم تكن موجودة من قبل، وسوريا والدول المجاورة لها في الإقليم لن تكون بمعزل عن هذه التبدلات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.