تختلف الآراء والمواقف إزاء دور الولايات المتحدة وتعاملها مع الملف السوري، كملف سياسة خارجية لدى واشنطن. ورغم الدور المحوري الذي لا يمكن أن تشغله سوى واشنطن في الملف السوري، إلا أن مطالبات سوريون وأمريكيون لأن تعمل واشنطن على دور أكثر نشاطا وتقييدا لكل من موسكو وطهران في سوريا.

مطالبات بتعطيل التطبيع مع دمشق

آخر تلك التحركات، ما قام بهرؤساء وأعضاء لجنتي العلاقات الخارجية بمجلسي الشيوخ والنواب الأميركيين، حينما طالبوا الرئيس الأميركي جو بايدن، بالعمل على رفض أي محاولة لإعادة دمج حكومة دمشق بالمجتمع الدولي.

واعتبر عدد من النواب في رسالة وجهوها إلى الرئيس الأميركي، أمس الثلاثاء، أن إعادة العلاقات مع دمشق، “سابقة خطيرة للمستبدين الذين يسعون إلى ارتكاب جرائم مماثلة ضد الإنسانية”، وذلك في ظل موجة تطبيع محدودة -حتى الآن- من قبل بعض الدول العربية المحسوبة على تيار حلفاء واشنطن في المنطقة.

هل تتغير سياسة واشنطن في الملف السوري؟

 الباحث السياسي صدام الجاسر، رأى خلال حديث لـ”الحل نت” بأن هنالك العديد من المؤشرات الدالة على تغير السياسة الأميركية إزاء الملف السوري خلال الفترة المقبلة، والتي قد تكون من خلال استهداف الحكومة السورية بشكل عام، والرئيس السوري بشار الأسد بشكل خاص.

قد يهمك: هل تتجه الولايات المتحدة إلى محاسبة دمشق خارج مجلس الأمن والمحكمة الدولية؟

ويقول الجاسر في حديثه: إن “أهم هذه المؤشرات هي إقرار الإدارة الأميركية لقانون يطلب بكشف ثروات آل الأسد ونشر هذه المعلومات بمدة أقصاها أربعة أشهر، وهو مؤشر آخر هو تقييم مدى علاقة النظام السوري بتجارة المخدرات على مستوى العالم”.

ويضيف: “من الممكن في الفترة القادمة أن نجد تغييرا في طريقة تعامل واشنطن مع الملف السوري. هذه الطريقة في التعامل قد تنتج بداية حل لكن ليس سريعا، فالحل سيكون مرتبطا بعد ملفات إقليمية في المنطقة.

وحول الدور الذي تلعبه واشنطن حاليا في الملف السوري، يعتقد الجاسر أن واشنطن الآن في مرحلة التهيئة للمرحلة القادمة، حيث تعمل على بلورة رؤيتها في الحل السوري، وفق تعبيره.

وحول ذلك يضيف: “إلى الآن لم يتعدى دور واشنطن ضبط الأوضاع في سوريا، نلاحظ جميعا أن الكل يهدد بعمليات عسكرية، النظام وروسيا وتركيا لكن لا أحد يجرؤ حقيقة على تنفيذ عمليات عسكرية إذا لم يكن هنالك ضوء أخضر أمريكي”.

ويؤكد الجاسر أن هنالك العديد من العوامل تؤثر على التعاطي الأميركي مع الملف السوري، ويردف قائلا: “العامل الأول هو الإرهاب، فواشنطن عندما دخلت إلى سوريا دخلت لمكافحة الإرهاب، الإرهاب متمثل بالتنظيمات الإسلامية المتشددة متل داعش والنصرة، حاليا تم القضاء بنسبة 70 بالمئة على هذه التنظيمات. العامل الثاني هو عامل المخدرات، التي أصبحت برعاية رسمية من قبل النظام السوري، إضافة إلى عامل التحركات الإيرانية في البلاد”.

في حين تذهب بعض التحليلات الواردة عبر التقارير الصحفية وبعض التحليلات السياسية بأن الموقف الأميركي إزاء سوريا، للقول إن تراجع اهتمام واشنطن بالملف السوري مرتبط بعدة عوامل، أبرزها الشعور الجماعي في المنطقة العربية بالاستسلام أمام فكرة أن “النظام سيبقى”، وأنه لا يوجد أحد في المجتمع الدولي يخطط لتغيير هذا الوضع وفق رؤية بعض حلفاء واشنطن.

ويعتبر مراقبون إقليميون وفق اعتبار تلك التقارير بأن الصراع الدائر في سوريا لم يعد يشكل أولوية بالنسبة للإدارة الأميركية، في إطار جهودها للضغط على إيران لدفعها نحو تقديم تنازلات تساهم في الحد من سلوكها النووي.

بينما قال الكاتب والمحلل السياسي، درويش خليفة، في حديث سابق لـ”الحل نت” إن “واشنطن لم تعد تهتم بالملف السوري مؤخرا، خصوصا بعد تقليص خطر تنظيم داعش” وحول أسباب تراجع اهتمام واشنطن بالملف السوري يعتبر المحلل السياسي: “إذا أردنا التركيز على الأسباب الحقيقية، فهي من وجهة نظري ليست مرتبطة بالقضية السورية على وجه الخصوص، إنما ما خلفته جائحة كورونا من أعباء على الأمريكيين، وآثار الحرب الاقتصادية الباردة مع الصين، والتفرغ لها بعيدا عن الشرق الأوسط وصراعته التي لا تكاد أن تنتهي إطلاقا”.

اقرأ أيضاً: العقوبات الأوروبية تكسر أجنحة التطبيع السياحي والاقتصادي للأسد

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.