هجوم بالفأس على منزل سوريين بإسطنبول.. ما مصير العنصرية ضد اللاجئين في تركيا؟

هجوم بالفأس على منزل سوريين بإسطنبول.. ما مصير العنصرية ضد اللاجئين في تركيا؟

تتزايد موجة العنصرية ضد اللاجئين السوريين في تركيا مؤخرا، بالتوازي مع ارتفاع حدة خطاب الكراهية الصادر عن بعض الشخصيات السياسية التركية المعارضة، وما يرافقها من اعتداءات وحالات احتقان شعبي ضد وجود اللاجئين في أكثر من منطقة، تحت ذرائع وحجج؛ غالبها واهي، بالأخص مع انهيار الاقتصاد التركي وفقدان الليرة التركية الكثير من قيمتها.

في ذات بالصدد، عرض إعلامي تركي يدعى إيرهان إيديز، واقعة جديدة لتلك الاعتداءات العنصرية، حصلت في منطقة بيرم باشا التابعة لولاية إسطنبول، الخميس 13 كانون الثاني/ يناير، نفذها معتدي هو مالك لمنزل يستأجره سوريون.

ونشر الإعلامي التركي، تفاصيل الحادثة التي وقعت في المنطقة قائلا إن “المعتدي هو مالك المنزل، حيث أقدم على الاعتداء على العائلة السورية، وتكسير البيت بالفأس، بعد رفضهم مقدار الزيادة الملحقة على الإيجار الشهري”.

وكان مالك المنزل قد طالب العائلة السورية برفع الإيجار الشهري إلى 4 آلاف ليرة تركية، بعد أن كان 1200 ليرة، مع العلم أن العقد لم ينتهِ بعد، وفقا للصحفي التركي.

تم توثيق الاعتداء من خلال كاميرات الجوال من قبل بعض سكان البناء نفسه، حيث كشفت المقاطع المصورة مدى الضرر الذي لحق بمرافق المنزل وحالة الهلع التي انتابت العائلة السورية، كما وتبين المقاطع تهجم المعتدي على المنزل في ظل غياب رب الأسرة.

تصاعد الحوادث

جاء هذا الاعتداء بعد يومين فقط من جريمة قتل الشاب السوري نايف النايف 19 عام في المنطقة ذاتها، حيث أقدمت مجموعة مسلحة مؤلفة من ثمانية أشخاص، ستة منهم من الجنسية التركية، واثنان من الجنسية الأوزبكية، على اقتحام المنزل الذي يقيم فيه، وطعنوه بالسكين في صدره وهو نائم ليفارق الحياة لاحقا في المشفى، وفقا لشهادة أصدقائه في السكن.

وبعد حادثة نايف بيوم واحد، تعرض شاب سوري يبلغ من العمر 18 عاما، للطعن أثناء سيره في حديقة في مدينة ديار بكر جنوب شرق البلاد، وقبل حادثة نايف بيوم، هاجم حشد كبير مركزا تجاريا يستخدمه السوريون في حي اسنيورت، الذي تقطنه الطبقة العاملة في اسطنبول، وهي حادثة قالت تقارير إخبارية محلية إن “شرارتها كانت بعد أن رفض رجل يحمل جنسية عربية إعطاء سيجارة لرجل تركي”.

وأظهرت مقاطع فيديو نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مئات الأشخاص يسيرون في الحي، وهم يهتفون “هذه تركيا وليست سوريا” ثم حاولوا لاحقا مهاجمة السوريين داخل مركز تسوق آخر، مما أدى إلى إتلاف واجهات المحلات بالحجارة وغيرها من الأشياء التي ألقيت.

كما ذكّر معلقون سوريون على مواقع التواصل الاجتماعي، بعمليات قتل حصلت سابقا، لم تكشف فيها لجان الطب الشرعي عن تقاريرها إلا عقب مرور عام ونصف على الوقائع، مع تبرير عمليات القتل أو محاولة تخفيف الجرائم عن مرتكبيها من العنصريين، وأشاروا إلى جريمة قتل الشبان السوريين الثلاثة، مأمون النبهان (23 عاما)، أحمد العلي (21 عاما)، محمد البش (17 عاما) بإضرام النار بمكان إقامتهم، في منطقة غوزيل باهشي التابعة لولاية إزمير، في السادس عشر من تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي، وكان الشبان يعملون في ورشة لصناعة الحجر الخاص بالأرصفة.

لم يكن بين الضحايا والجاني أي خلافات سابقة، وبحسب مصادر محلية تمت الجريمة بدافع العنصرية ضد السوريين بتركيا، حيث أكد أحد المواطنين الأتراك، في إفادته للشرطة، أن الجاني، قبل ساعات من الواقعة، صرح بأنه “ذاهب لإحراق هؤلاء السوريين”.

حسين العلي، شقيق الضحية أحمد، أفاد لـ “الحل نت” أن “شقيقه وأصدقائه في العمل، لم يكن لديهم أي عداوات أو مشاكل مع أحد في المنطقة التي يعيشون بها، وهم ينامون في نفس مكان عملهم، ولا يخرجون إلا للضرورة وشراء ما يلزمهم من مواد أساسية”. وأضاف أنهم “يعملون لكسب عيشهم، وليس لخلق عداوات مع أي أحد”.
وتأكيدا لكلام المصدر، بأن شقيقه والشبان الذين قتلوا معه لم يكن بينهم وبين القاتل أي عداوة، نقلت صحيفة “يني شفق” التركية عن القاتل اعترافه، إنه “كان موجودا في حمامات المسجد القريب من مكان إقامة عمل الشبان، حيث لبس معطفه بالمقلوب، وحمل بيدونا (عبوة) تحوي مادة البنزين في صندوق سيارته وتوجه إلى موقع البناء الذي يقيم فيه الشبان السوريون”.

وأضاف بحسب الصحيفة “توجهت إلى مكان سكن السوريين، كنت أسعى إلى تخويفهم وإرسالهم إلى وطنهم، وتهديد صاحب العمل أيضا، لذا دخلت من الباب الخارجي، وسكبت مادة البنزين إلى أن تسرب إلى الداخل، ومن ثم أدخلت قطعة القماش وأشعلتها، وغادرت المكان فورا”.

تزايد العنصرية

الباحث في الشأن التركي والسوري، محمد السكري، صرح لـ “الحل نت “قائلا، إن “تزايد موجة العنصرية في تركيا خلال الآونة الأخيرة، تعكس استخدام واستثمار المعارضة التركية ملف اللاجئين السوريين كـ كارت سياسي من خلال الدعاية الإعلامية، تجاه بعض الخدمات التي يحصل عليها اللاجئين في تركيا، ونقصد هنا المساعدات المقدمة من قبل الاتحاد الأوروبي، المتمثلة بكرت الهلال الأحمر، إلى جانب محاولة الكثير من أصحاب الشركات والمصانع التركية الاستثمار باليد العاملة السورية على حساب اليد العاملة التركية، بسبب غياب الرقابة الحكومية التامة عن تلك المصانع، عن عدم تقيدها بالشروط القانونية الخاصة بحقوق العمل”.

وأضاف بأن “هناك تحفظ واسع لدى نسبة كبيرة من الشعب التركي، بالتزامن مع تردي الوضع الاقتصادي في بلادهم وتراجع قيمة الليرة مقابل الدولار، وعدم ثبات قيمتها، كل هذه العوامل تؤثر بطبيعة الحال على التواجد السوري في تركيا”.

وأوضح أن “جميع المعطيات السابقة، تستخدمها الكثير من شخصيات المعارضة، من بينها “حزب الجيد” و”حزب النصر” و”الحزب الجمهوري”، في إطار إعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، في حال تسلمت تلك الأحزاب السلطة خلال الانتخابات القادمة”.

ومن وجهة نظر المتحدث فإن “نسب الانتهاكات ضد اللاجئين السوريين سترتفع خلال الأيام القليلة القادمة، وذلك لأسباب سياسية تتعلق باقتراب موعد الانتخابات الرئاسية”.

لا حلول؟

من جهته تحدث الصحفي ياسر العيسى المقيم في تركيا لـ “الحل نت” قائلا، إن “مشكلة السوريين في تركيا، تتمثل بمحاولة إيهامهم بضرورة مخاطبة الشعب التركي باستمرار، ووقوفهم في موقف المدافع عن أنفسهم، وهذا يبعدهم عن الأسباب والحلول الحقيقية، وأن مشكلة السوريين ليست مع الشعب التركي ككل، بل مع الجزء العنصري منه، والذي يتواجد في كل مجتمع”.

وأشار إلى أن “اتهام المعارضة التركية بأن لها اليد الطولى فيما يحصل مع السوريين وتخويفهم منها، هدفه التنصل الحكومي من المسؤولية، وتحمل بشاعة ما يجري، وما فعلته قراراتهم وقوانينهم، وتراخي سلطاتهم”، منوها أن “المتابع للسياسة التركية، يرى بأن ولاء كثير من السياسيين الأتراك بشتى أصنافهم من اليمين حتى أقصى اليسار، لأحزابهم وتكتلاتهم، أقوى من ولائهم لبلدهم، وإن زعموا العكس”.

ليس هناك أوضح مثالا من أحد الناشطين الذي تعرض لأسوأ أنواع المعاملة والتعذيب على يد حرس الحدود التركي في إحدى السنوات ليجعل قضيته عامة، قبل أن يحولها إلى خاصة واستثنائية وفردية بعد السماح له ولعائلته بالدخول إلى الأراضي التركي، ليضع مقتل مئات السوريين وتعرض أضعاف عددهم على الحدود ما تعرض له وراء ظهره، بحسب العيسى.

واختتم قائلا، إن “اتخاذ اللاجئين السوريين في تركيا كورقة سياسية بشكل رخيص، لم يعد يقتصر على أحزاب المعارضة فحسب، ليجاريها الحزب الحاكم وقادته، ولم ننس مرشح “حزب العدالة” عن اسطنبول في انتخابات البلدية الماضية، عندما نافس مرشح المعارضة في إطلاق التصريحات والوعود المعادية للسوريين القاطنين في الولاية”.

يذكر أن تركيا تستضيف أكثر من ثلاثة ملايين سوري، يخضع وجودهم بشكل متزايد للتدقيق العام. حيث تُلقي شخصيات سياسية معارضة في تركيا باللوم عليهم في الأزمة الاقتصادية في البلاد.

ومع استمرار وجود اللاجئين السوريين في تركيا وانعدام آفاق حل الصراع السوري، لا يزال اللاجئ السوري متأثرا بالوضع السياسي التركي الداخلي المتشابك والخاضع لتفاعلات الأحزاب والسياسيين والاقتصاديين. كما وتتفاقم المشكلة بسبب عدم وجود قواعد واضحة تحظر العنصرية، الأمر الذي يجعل اللاجئين، الحلقة الأضعف في المجتمع التركي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.