لم تمر سوى أيام قليلة على حادثة تهجم رجل تركي بالفأس على منزل عائلة سورية  في مدينة إسطنبول، والتي جاءت بعد يومين فقط من مقتل الشاب السوري نايف النايف (19) عام في المنطقة ذاتها، من خلال اقتحام المنزل الذي يسكنه وطعنه بالسكين في صدره وهو نائم ليفارق الحياة على الفور، حيث جاءت الحادثة الأخيرة بفارق ساعات قليلة من تعرض شاب سوري آخر يدعى حسان  (18) عاما للطعن أثناء سيره في حديقة بمدينة ديار بكر جنوب شرق تركيا، تزامن ذلك  كله مع هجوم مجموعة كبيرة من الشبان الأتراك  على مركزا تجاريا يستخدمه السوريون في حي اسنيورت، الذي تقطنه الطبقة العاملة في إسطنبول، وهي حادثة قالت تقارير إخبارية محلية حينها إن “شرارتها كانت بعد أن رفض رجل يحمل جنسية عربية إعطاء سيجارة لرجل تركي”.

شهدت منطقة طاش كويرو التابعة لولاية كاستامونو شمالي تركيا، الخميس 20 كانون الثاني/يناير، حادثة قتل جديدة  راح ضحيتها  شاب  سوري ، طعنا بسكين حادة في شجار مع شخص آخر، بسبب سيجارة.

وبحسب موقع “HaberTürk” الإخباري، نشب جدال بين اللاجئ السوري أحمد محمد وشاب آخر، تحول إلى شجار في وسط منطقة طاش كوبرو، ليتطور فيما بعد، ويقوم الأخير بطعن المحمد، ليرديه قتيلا.

أوضحت مصادر مقربة من الضحية، سبب الجريمة، بأن “الشاب التركي طلب سيجارة من أحمد، إلا أن الأخير أجابه، أنه لا يدخن، ليقع شجار بينهم انتهى بعملية القتل”.

تصاعد حملات التحريض

تأتي جميع الحوادث آنفة الذكر، ضمن حالة عامة من حوادث الاعتداء والقتل، التي باتت تستهدف السوريين المقيمين في مناطق متفرقة في الولايات التركية، بعد حملات تحريض يقودها سياسيون في أحزاب المعارضة، فمنذ مطلع 2021 يتصدر ملف اللاجئين السوريين في تركيا حديث الأخيرة، التي تطالب باستمرار بإرجاعهم إلى بلادهم، وتقييد أعمالهم التجارية والتي نمت بشكل كبير وكان لها دور إيجابي في الاقتصاد التركي، بحسب ما تظهره البيانات الرسمية وتصريحات بعض المسؤولين الأتراك.

ودائما ما يحذر زعيم “حزب الشعب الجمهوري”، كمال كلشدار أوغلو، الحكومة التركية من أن اللاجئين “يشكلون تهديدا للأمن القومي”، بحسب تعبيره.

وتعهد كلشدار أوغلو مرارا، في خطاباته أمام مناصريه، بأن “حزبه سيعيد كل سوري إلى بلده، إذا تولى السلطة في الانتخابات المقبلة في البلاد”، نافيا أن “تكون تلك الخطوة، عنصرية”.

ولم يكن كلشدار أوغلو الوحيد، فإلى جانبه تصاعدت الحملات المحرضة ضد السوريين من قبل شخصيات معارضة، في مقدمتها عضو حزب “الجيد”، إيلاي أكسوي والسياسي المعارضة أوميت أوزداغ.

وفي الوقت الذي وصفت فيه الأولى السوريين بـ”الأمييّن”، وطالبت بضرورة إعادتهم إلى بلادهم، قدم أوزداغ أرقاما مضللة عن عدد السوريين في البلاد في حديث له لوسائل إعلام تركية، قائلا إنه يتجاوز حاجز 9 ملايين سوري.

تخاذل الجهات السورية المعارضة

تعليقا على ذلك، يقول الصحفي ياسر العيسى في حديثه لـ “الحل نت” إن “ازدياد وتيرة جرائم القتل والتعدي على اللاجئين السوريين مؤخرا، هي من نتائج الانبطاح والتزلف من قبل سوريين أمام المظالم المنفذة على سوريين آخرين، بل وحتى من قبل جهاتهم الرسمية الممثلة لهم، وزاد الطين بلة، سكوت المظلومين أنفسهم، بل وتبرير البعض منهم لهذه المظالم”.

مشيرا إلى أن “المشكلة الأبرز للسوريين هي مع ممارسة أغلب تكتلاتهم وناشطيهم وإعلاميهم لدورهم التخديري، للتخفيف من هول الجرائم التي يتعرض لها اللاجئين، بل وهناك من يزعم صلاته مع السلطات التركية، وأنه بإمكانه إيصال صوتهم إليها، ويدعو إلى الامتناع عن التشهير بالجرائم على مواقع التواصل، وهذا مطلب تركي بحت، لمصلحة تركية، وليس لمصلحة السوريين”.

ويرى العيسى أن “مشكلة السوريين في تركيا، تردديهم جلد الذات المستمر، بأنهم السبب لعدم قدرتهم على تشكيل تجمعات وكيانات واختيار شخصيات تمثلهم بالشكل الصحيح وتدافع عن حقوقهم، رغم أن الواقع يقول أن هذه النية إن وجدت، فإن تركيا وحكومتها وحزبها الحاكم لن يسمحوا بوجود تجمعات وكيانات وشخصيات تخالف رؤيتها للأمور والقضايا الخاصة بالسوريين في تركيا أو بالقضية السورية بشكل عام، وإدارتهم لمناطق درع الفرات وغصن الزيتون بالداخل السوري، خير دليل على ذلك، علما ان هذه الأرض، ليست أرضهم فكيف الحال، إذا كانت داخل أراضيهم”.

وأمام ما سبق من دوافع وأسباب تغيب الحلول الجذرية وطويلة الأمد لمواجهة ما يتعرض له اللاجئين السوريين من عنصرية، سواء من جانب الحكومة التركية، أو من قبل المؤسسات الناطقة باسمهم، يقول المحامي عزت حاتم في حديثه لـ “الحل نت” إن المسؤولية الأكبر لازدياد وتيرة الاعتداءات على اللاجئين في تركيا، يقع على عاتق المنظمات السورية الناطقة باسمهم من منظمات مجتمع مدني وتجمعات سياسية تتبع بشكل مباشر لأطراف المعارضة، واتهمهم بالتقاعس والتقصير الكبير في إداء مهاهم

وضرب مثالا على ذلك، حوادث القتل والاعتداء الأخيرة التي تعرض لها لاجئين في ولايات مختلفة، فلم يصدر أي بيان إدانة من أي جهة سورية، حيال ما جرى ويجري، أو إطلاق حملات مناصرة لما يتعرض له اللاجئين السوريين في معظم الولايات التركية.

وأشار إلى أن “المسؤول الأول لما يتعرض له السوريين في تركيا، هي “الحكومة السورية المؤقتة” التي لا تدافع عنهم، لأنها تتبع للحكومة التركية، وتُدار من قبلها”.

إلى ذلك، تعتبر الحملات التحريضية التي يتعرض لها السوريين منذ سنوات، وما يرافقها من حوادث عنصرية، مؤشرا خطيرا، لما سيؤثر بشكل كبير على حالتهم العامة في البحث عن الاستقرار واندماجهم في المجتمع الذي يعيشون فيه.

إذ يعاني الكثير منهم، من المشاعر المعادية للمهاجرين، حيث تم توثيق العديد من التجاوزات في حقهم، وفقا لـ “أسوشيتد برس”.

وفي هذه القضية تغيب الإحصائيات والأعداد الدقيقة للضحايا في كلا البيانات الرسمية التركية والسورية وحتى الدولية منها، حيث تُسجل كحوادث فردية وتغيب سجلاتها ضمن سجلات الكثير من القضايا الأخرى التي تخص اللاجئين وحقوقهم.

يذكر أن تركيا تستضيف أكثر من ثلاثة ملايين سوري، يخضع وجودهم بشكل متزايد للتدقيق العام. حيث تُلقي شخصيات سياسية معارضة في تركيا باللوم عليهم في الأزمة الاقتصادية في البلاد.

ومع استمرار وجود اللاجئين السوريين في تركيا وانعدام آفاق حل الصراع السوري، لا يزال اللاجئ السوري متأثرا بالوضع السياسي التركي الداخلي المتشابك والخاضع لتفاعلات الأحزاب والسياسيين والاقتصاديين. كما وتتفاقم المشكلة بسبب عدم وجود قواعد واضحة تحظر العنصرية، الأمر الذي يجعل اللاجئين، الحلقة الأضعف في المجتمع التركي.

اقرأ أيضا: أحرقوا منزله بعد قتله بدافع السرقة.. جريمة جديدة تهز دمشق

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.