خطأ اقتصادي كبير.. أزمة رواتب بسبب رفع الدعم في سوريا

خطأ اقتصادي كبير.. أزمة رواتب بسبب رفع الدعم في سوريا

أثار قرار الحكومة السورية بتقليص الدعم، والذي صدر الأسبوع الماضي، الكثير من الآراء بين مؤيدين للقرار من المسؤولين الحكوميين، وبين رافضين أو منتقدين له من الخبراء الاقتصاديين ومن المواطنين السوريين، الذين يرون أن القرار جاء في وقت تمر فيه سوريا أسوأ أوضاعها الاقتصادية.

ويرى مسؤولون حكوميون، أن القرار جاء بعد دراسات تبين فيها، أنه جاء في الوقت المناسب لزيادة رواتب الموظفين، من خلال حصر الدعم بالفئات التي تستحقه، وإلغاؤه عن الفئات غير المستحقة، والذي يمكن بإلغائه عنهم تحقيق وفرة مادية لدعم رواتب الموظفين، وتحسين مستوى المعيشة.

القرار خطأ اقتصادي كارثي
وقال معاون وزير النفط في الحكومة السورية، عبدالله خطاب، إن الدعم نهج استراتيجي في الدولة، ويغطي القطاعات كلها، لكن الجديد إعادة ضبط آلية الدعم عبر طرح منظومة جديدة توصل الدعم لمستحقيه وتمنع الهدر والفساد، مشيرا إلى تحويل الوفر المالي من هذا الإجراء سيكون لزيادة رواتب الموظفين وتحسين مستوى المعيشة.

وفي رده على تصريح المسؤول الحكومي، قال الخبير المالي والمصرفي عامر شهدا، عبر صفحته على “فيسبوك”، إن الحديث عن تمويل الرواتب والأجور من خلال تقليص الدعم خطأ اقتصادي كبير، متسائلا، من يتحمل مسؤوليات تداعيات زيادة الرواتب من الدعم، لافتا في الوقت ذاته بأن الخطأ الكارثي على الأبواب بحسب وصفه.

وأكد شهدا، أنه إذا ما زادت الرواتب أو زاد الدعم الإضافي والحوافز للموظفين، فإن الأمور ستكون أكثر ألما من الآن، مطالبا الحكومة بحصر المسؤولية بوضوح، بأن من يريد تقليص الدعم عليه أولا أن يزيد الرواتب، وذلك من أجل رفع الطلب الكلي في السوق، وتحريك عملية الإنتاج، وهذا ما يدفع باتجاه تطوير وسائل وسبل الإنتاج، موضحًا أن هدف الحكومة من زيادة الأجور عن طريق وفورات الدعم جاء استجابة لتطورات سعرية معينة، وليس من أجل نقل الاقتصاد من مرحلة لأخرى.

تضارب في التصريحات الحكومية وأخطاء في الفئات المستهدفة

في حين تضاربت تصريحات مسؤولي الحكومة السورية حول الهدف من قرار تقليص الدعم، بين من يدعي منهم أنه لزيادة الرواتب، وبين من يدعي أنه لرفد خزينة الدولة، وبين من ينفي ذلك.

فحسب وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية السوري، محمد سامر خليل، فإن إعادة هيكلة الدعم تهدف لتطبيق العدالة، ودعم الشرائح الأكثر حاجة، ولسد العجز في الموازنة العامة للدولة.

أما وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، عمرو سالم، فقد صرح في مطلع العام الحالي لصحيفة “تشرين” الحكومية، أن الوفورات من رفع الدعم عن شرائح معينة، سيتم تحويلها إلى مخصصات الرواتب أو الدعم، ولن يعود شيء منها لخزينة الدولة.

ومن جهة ثانية جاء في قرار تقليص الدعم أن من الفئات التي يشملها أصحاب الدخل المرتفع، وبينهم ما نسبته 47 بالمئة ممن يملكون سيارات خاصة، ولكن في وقت لاحق شمل القرار فئات لا علاقة لها بالقرار فيما يخص السيارات، حيث طال بطاقات العاملين في الاتحادات والنقابات العمالية الذين يملكون سيارات خاصة تابعة للاتحاد، وهو ما يجعلهم عرضة للمعاملة كأصحاب السيارات الخاصة.

القرار إفقار للسوريين  

ويرى خبراء اقتصاديون، أن رفع الدعم عن شرائح من المجتمع السوري كانت تحمل البطاقة الذكية سابقا، وبيعها السلع بأسعار السوق هي جريمة إفقار لهم، لأن نحو 90 بالمئة من السوريين داخل سورية يعيشون تحت خط الفقر حسب بيانات المنظمات الدولية.

حيث أنه، وبعيد صدور قرار تقليص الدعم، زادت أسعار السلع ما بين 10 – 30 بالمائة، بعد تطبيق قوائم التسعير الجديدة التي وضعتها وزارة التجارة الداخلية، وهذا ما أدى إلى انفلات الأسعار، والتنامي الكبير للسوق السوداء، والتي بدأت بتحديد ما يعرف بالسعر الثالث للسلع الأساسية، وهو ما سيفاقم من أزمة المواطنين المستبعدين من الدعم في الحصول على هذه المواد.

وكان الباحث الاقتصادي معتصم عبدالحليم، أكد في وقت سابق لموقع “الحل نت”، أن “قرار رفع الدعم الأخير سيقضي على الطبقة المتوسطة في المجتمع السوري، ويحولها إلى طبقة فقيرة جائعة تبحث عن “لقمة الخبز”، مضيفا، أن قرار رفع الدعم سيؤدي أيضا إلى رفع الأسعار.. متوسطي الدخل بعد رفع الدعم منهم، سيلجأون إلى رفع أسعار منتجاتهم لتعويض ما حُرموا منه، وبالتالي رفع الأسعار على الجميع، الحكومة أقرت بفشلها فعليا عبر هذا القرار”.

كما توقع عبد الحليم توسع شريحة المستبعدين من الدعم لتشمل عائلات أخرى وإضافة معايير أخرى من قبل الحكومة، حول ذلك يضيف: “القرار سيخلق حالة من الطبقية بين المجتمع بين مستبعد وغير مستبعد، الحكومة عملت على رفع الدعم بالتدريج وسحق المواطن”.

وكانت الحكومة السورية، استبعدت مطلع الشهر الجاري نحو 600 ألف عائلة من الدعم الحكومي المقدم سابقا، وبيعها بعض المواد الغذائية الأساسية، والمشتقات النفطية بأسعار محررة وغير مدعومة، وهو ما أثار استياء ورفضا واسعين لدى السوريين، وسط مخاوف من امتداد قرارات مماثلة لعائلات جديدة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.