تواصل إيران جهودها للاستحواذ على الاقتصاد السوري ومقدرات البلاد، فيما يبدو أنه استغلال للانشغال الروسي في غزو أوكرانيا، لتنقض إيران على قطاعات عديدة في الاقتصاد كالاتصالات والثروات الباطنية، تزامنا مع فتح المجال أمامها من قبل حكومة دمشق.

مشاريع إيرانية مئة بالمئة

وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك السورية، أعلنت مصادقتها، منذ بداية العام الجاري وحتى نهاية شهر أيار/مايو الفائت على تأسيس 13 شركة جديدة بمساهمة مستثمرين من الجنسية الإيرانية.

ونقل موقع “أثر برس” المحلي عن مصادر مطلعة الثلاثاء تأكيدها السماح، للعديد من الشركات الإيرانية بالعمل في مجالات تتعلق بتجارة مواد البناء والإكساء والديكور والترميم إلى جانب اختصاصات أخرى مثل تجارة المواد الكهربائية والإلكترونية والغذائية والألبسة والحواسيب والمفروشات، وأجهزة الإعلام والإنتاج السينمائي والتلفزيوني والمسرحي والإذاعي، وتجارة وتطوير وإدارة التطبيقات البرمجية.

وكشف الموقع عن أسماء بعض الشركات التي تم تأسيسها بشكل كامل من قبل مستثمرين إيرانيين وهي: “شركة هوى شرقي، وشركة زرين للتجارة، وشركة صقيل للتجارة، وشركة سبيا، وشركة اداماك للتجارة والاستشارات“.

قد يهمك:تسهيلات جديدة لإيران في سوريا.. هل أحكمت طهران قبضتها على الاقتصاد؟

وتنوعت الأماكن المخصصة لتأسيس الشركات بين دمشق، ريف دمشق وحلب، وبلغ عدد المستثمرين في الشركات الثلاث عشرة حوالي 30 مستثمرا إيرانيا، بحسب تقرير الموقع.

استثناءات من منع الاستيراد

في سبيل تسهيل انسياب السلع بين سوريا وإيران، وضع مجلسا إدارة الغرفة التجارية السورية الإيرانية المشتركة خطة عمل سنوية لتسهيل انسياب السلع بين سوريا وإيران تتضمن إنشاء شركة نقل وإقامة معارض بيع مباشر.

وبحسب تقارير إعلامية سابقة، فإن الملتقى السوري الإيراني الذي عقد في مدينة طهران في 30 أيار/مايو الفائت، والذي يعد الأول بالنسبة للجانب السوري بعد ترميم مجلس إدارة الغرفة السورية الإيرانية، فإن المشاركين ناقشوا خطة عمل الغرفة السنوية، وتم التأكيد على بذل كل الجهود من مجلسي الغرفة بالتعاون مع الجهات الحكومية لتنفيذ الخطة وفق برامج زمنية محددة.

خطة العمل التي سيتم العمل على متابعة تنفيذها مع كل الجهات تشمل العديد من النقاط، منها السعي المشترك مع الجهات الحكومية في البلدين من أجل خفض تعرفة الرسوم الجمركية من نسبة 4 بالمئة حاليا إلى 0 بالمئة على البضائع بين البلدين.

وبهدف تسهيل انسياب السلع بين البلدين، تم التأكيد على ضرورة استثناء كل بلد للبلد الآخر من قوائم منع الاستيراد، ومساعدة المنتجات السورية للدخول إلى إيران، إضافة إلى ضرورة حل مشكلة التحويل المالي بين البلدين، وذلك من خلال اعتماد بنك خاص في كلا البلدين مع شركتين معتمدتين مرخصتين للصرافة تكونا الضامنتين لتحويل الأموال وفتح حسابات تجارية وكفالة حقوق الأطراف في أي تعاقد تجاري.

سوريا مستباحة إيرانيا

لم تترك حكومة دمشق بابا مغلقا أمام التغلغل الإيراني في الاقتصاد السوري خلال السنوات الماضية، ففي نهاية الشهر الفائت، بحث وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عمرو سالم، مع السفير الإيراني في دمشق مهدي سبحاني، آلية استحواذ إيران على عمل المطاحن والصوامع في سوريا، إضافة إلى تنفيذ العديد من المشاريع في هذا المجال.

وأكد سالم، عقب المباحثات، استعداد الوزارة لتقديم كل التسهيلات اللازمة التي تضمن تنفيذ أعمال شركة “أرد ماشين” الإيرانية، في بناء وتأهيل المطاحن وفق أفضل الشروط والمواصفات العالمية.

من جهته، قال الباحث الاقتصادي رضوان الدبس، لموقع “الحل نت” في وقت سابق، أن دمشق مجبورة على تقديم هذه التسهيلات لإيران، لا سيما بعد فتح الخط الائتماني من إيران لحكومة دمشق، وهو قرض بفائدة ميسرة، ومع عجز الحكومة عن سداد هذا الخط فكان لا بد من هذه الإجراءات.

وأوضح الدبس أن إيران، بعد فتح الخط الإئتماني، ستحصل بالتأكيد على مقابل كبير، وبالتالي من الطبيعي والمنطقي أن تبدأ إيران بالحصول على مكاسب اقتصادية من سوريا، فهي تعلم أن الحكومة في سوريا عاجزة عن سداد أي شيء بشكل نقدي، وبالتالي تدخل هي وتعمل بيدها للحصول على المكاسب ودمشق تدرك هذا الأمر تماما لذلك تفتح سوريا بمصراعيها أمام الإيرانيين.

يرى محللون أن إيران تريد الإسراع بتنفيذ مشاريعها المعلقة مع حكومة دمشق، لزيادة توغلها في الاقتصاد السوري، مستغلة بذلك انشغال المنافس الأول وهو الجانب الروسي، بغزوه للأراضي الأوكرانية.

يساعد طهران في ذلك التسهيلات السورية اللامحدودة، أمام المشاريع الإيرانية التي اجتاحت المناطق السورية في كافة المجالات، ليخرج أمس وزير الاقتصاد السوري سامر الخليل مشيدا بالدور الإيراني في التعاون الاقتصادي بين الجانبين.

في حين أكد رئيس “المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية“، محمد محسن أبو النور، أن إيران مهدت منذ أشهر للعديد من المشاريع الاقتصادية، لزيادة نفوذها في اقتصاد سوريا.

وقال محسن أبو النور في حديث سابق لـ“الحل نت“: “الاقتصاد تم تسليمه بالفعل إلى إيران منذ سنوات طويلة، بعد أن استحوذت طهران على أغلب القطاعات الحساسة والمفصلية في السوق السورية، على رأسها قطاع الاتصالات، والعقارات، تصريحات الوزير السوري تعني أن هناك مشاريع أخرى يمكن أن تعقد بين الجانبين خلال الفترة القادمة“.

اقرأ أيضا: صمت روسي أمام “المنطقة الآمنة” التركية في سوريا.. ما الأسباب؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.