ما يجري بين تركيا وروسيا حول العملية العسكرية في الشمال السوري التي لوح بها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الاثنين الفائت، ليس له تفسير سوى أن موسكو تتفق ضمنيا مع رؤية أنقرة، لكن الصورة أكثر كآبة إذا صحت الأنباء التي تفيد بأن تركيا تنازلت لروسيا عن بعض المناطق في إدلب مقابل تأييدها لإنشاء مناطق آمنة في شمال شرقي سوريا بزعم الرواية التركية.

ولم تبد روسيا حتى الآن أي موقف من العملية المحتملة في شمال شرقي البلاد، وسط توقعات بموافقة موسكو الضمنية على تصرفات أنقرة في مقابل حيادها في الصراع الأوكراني، ورفضها الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد موسكو، وعرقلتها لانضمام فنلندا والسويد إلى منظمة حلف شمال الأطلسي “الناتو”، فما الأسباب الحقيقية وراء صمت موسكو.

التوافقات الدولية عصا أنقرة؟

تزامنا مع خطط إعادة مليون لاجئ سوري، تستثمر تركيا الوضع الحالي لتنفيذ خطط أردوغان القديمة، للوصول الكلي إلى شمال سوريا.

العملية التي أغلق ملفها قبل أن تبدأ، كشف تفاصيلها المحلل السياسي الروسي، أليكاس موخين، في حديثه لـ”الحل نت”، حيث قال إن روسيا لا تعارض عمليا في السيطرة على شمال شرق سوريا، لأن دمشق غير قادرة على إدارة الملف في الوقت الحالي.

وأوضح موخين، أن التوافقات السياسية بين الطرفين، هي من أبعاد الصمت الروسي عن تصريحات أردوغان، إذ يسعى الأخير للتنازل عن منطقة في غرب سوريا لصالح دمشق.

ويتابع بالقول “كذلك أيضا لتهيئة الأجواء لعقد توافقات بسيطة تمهد لحوار مفتوح مع الرئيس السوري، بشار الأسد، وذلك مقابل إرضاء الشارع التركي الذي بات لا يقبل بوجود السوريين ويحملونهم تبعات الأزمة الاقتصادية، التي تسببت بها حرب روسيا على أوكرانيا وزعزعة الاقتصاد العالمي وتأثر الاقتصاد التركي بسببها أيضا”.

وأوضح المحلل الروسي، أن تركيا أيضا تسعى لجذب موسكو، لمساندتها في حربين سياسيتين، الأولى لمنع السويد وفنلندا من الانضمام إلى حلف “الناتو”، والثانية لعزل اليونان سياسيا واستراتيجيا، حيث ألغى رجب طيب أردوغان اجتماعه للمجلس الاستراتيجي الذي يجمع البلدين، وهاجم رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس بحدة.

الجدير ذكره، أن صمت موسكو عن تصريحات الرئيس التركي لا يعد الموقف الأول لها، بل تكرر منذ العملية العسكرية على عفرين غربي حلب، والتي سميت بـ “غصن الزيتون” في بداية عام 2018، وأيضا العملية الأخيرة على منطقتي تل أبيض ورأس العين عام 2019، تحت مسمى “نبع السلام”.

روسيا تستغل الموقف

تعقيبا على حيثيات المعركة التي تنوي أنقرة خوضها في شمال شرقي سوريا، كشف مصدر في “الجيش الوطني” المعارض المدعوم من تركيا، لـ”الحل نت”، عن إرجاء البدء بالتجهيز لها وتأخير نقل المقاتلين من شمال غرب سوريا إلى الأراضي التركية في الوقت الحالي.

وقال المصدر، لـ”الحل نت”، أن المندوب عن قيادة الأركان التركية، أبلغ قادة الفيالق الثلاثة، بقرار تأجيل العملية العسكرية، حتى نهاية  حزيران/يونيو القادم.

وكان من المرتقب بدء العملية التركية الجديدة وفق رئيسها، بعد انتهاء اجتماع مجلس الأمن القومي التركي الخميس الفائت، الذي لم يخرج بمواقف واضحة حول التهديدات المزمعة، ما يوحي بأن أنقرة كانت تريد اختبار المواقف الدولية لأي عملية عسكرية متهورة بسوريا، فكان التراجع وعدم إعلان أي موقف تصعيدي جديد ضد الشمال السوري بعد إعلان الخارجية الأميركية والأمم المتحدة رفضهم لأي تصعيد عسكري في الشمال السوري.

لا استعدادات حقيقية

بدورها، جددت وزارة الخارجية الأميركية، الخميس الفائت، خلال تصريحات لـ”الحل نت” التأكيد على رفض أية عملية عسكرية يمكن أن يقوم بها الجانب التركي في الشمال السوري.

المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، قال للصحفيين، يوم الثلاثاء الماضي، إن من شأن تصعيد كهذا أن يعرض أرواح العسكريين الأمريكيين المنتشرين في المنطقة للخطر. وأضاف: “ندين أي تصعيد، ونؤيد الإبقاء على خطوط وقف إطلاق النار الراهنة”، كما أكدت الأمم المتحدة تمسّكها بموقفها المُدافع عن سلامة ووحدة أراضي سوريا.

الاستعدادات الإعلامية التركية للمعركة وصلت إلى ذروتها، لكن على الأرض لا يوجد استعدادات حقيقية حتى الآن، وفق مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان.

مدير المرصد السوري، رامي عبدالرحمن، قال خلال حديث سابق لـ“الحل نت”، “لاحشود عسكرية تركية حقيقة على الأرض”، واصفا إياها بالحشود الإعلامية فقط، وهي على عكس سابقاتها.

وأشار مدير المرصد السوري، إلى أن روسيا أرسلت تعزيزات من سلاح الجو الروسي إلى مطار القامشلي وحلقت المروحيات الروسية على طول الحدود السورية – التركية، ولا يوجد انسحابات روسية من شمال سوريا بل على العكس من ذلك هناك تعزيزات لمواقع الروس في شمال الرقة واستقدام طائرات مروحية وحربية إلى مطار القامشلي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.