مع زيادة حجم الفجوة بين الأجور ومتوسط تكاليف المعيشة في سوريا، تسعى الحكومة السورية إلى توهيم الشارع السوري أنها في صدد تنفيذ خطة لخفض حجم هذه الفجوة، وذلك عبر زيادة الأجور والرواتب بنسب معينة، لكن هل تحقق هذه الزيادة نوعا من الاستقرار المعيشي للسوريين.

حقيقةً فإن أي زيادة في الرواتب والأجور في سوريا، ستساهم فعلا في تحسين المعيشة والقدرة الشرائية للسوريين، لكن المتابع لوضع الاقتصاد السوري، يعلم تماما أن ارتفاع الأسعار لا يتوقف عند حدّ معين، فمنذ بداية العام الجاري شهدت أسعار السلع والخدمات أكثر من 5 قفزات في أسعارها، بنسب وصلت إلى مئة بالمئة في بعض المواد.

هنا نتحدث عن سبعة أشهر فقط، في حين أن آخر زيادة في الرواتب والأجور كانت قبل نحو عامين، ومن ذلك الوقت ارتفعت الأسعار بنسبة قد تصل إلى 200 بالمئة، بينما تتحدث الحكومة اليوم عن زيادة بأقل من هذه النسبة بكثير، ومع ذلك فإن هذه الزيادة ما تزال قيد الدراسة ولم يتم إقرارها حتى اليوم.

زيادة قريبة؟

منذ بداية العام الجاري والعديد من المسؤولين في الحكومة يتحدثون عن الزيادة في الأجور، لكن يبدو أن الحكومة لم تتجرأ بعد على إقرار الزيادة وتطبيقها، وقد أكد عضو مجلس الشعب السوري محمد زهير تيناوي، أن الزيادة في الرواتب قائمة وتتم دراستها، متوقعاً أن يتم إقرارها خلال الشهر الجاري وتطبيقها مع شهر آب/أغسطس المقبل.

تيناوي لم يتحدث عن أسباب تأخير تطبيق الزيادة في الأجور رغم سلسلة الارتفاعات التي ضربت مختلف السلع والخدمات في سوريا خلال الأشهر الماضية، لكنه توقع في تصريحات نقلتها صحيفة “الوطن” المحلية، ألا تتجاوز قيمة الزيادة 60 أو 70 بالمئة، حيث سيتم تغطية الكتلة المالية لهذه الزيادة عبر تعديل أسعار مبيع بعض مشتقات النفط.

قد يهمك: الكهرباء تزيد من معاناة السوريين.. كيلو “البوظة” بـ 70 ألف ليرة

هذا يعني أن زيادة الرواتب قد تكون متزامنة مع ارتفاع أسعار المحروقات، الأمر الذي سينعكس مرة أخرى على معظم السلع والخدمات الأساسية في البلاد، ما سيدخل السوريين في دوامة أخرى من ارتفاع تكاليف المعيشة في البلاد.

انهيار مستوى الحياة المعيشية في سوريا، ومماطلة الحكومة بتعديل الرواتب والأجور لتصبح أقرب نوعا ما إلى مستوى أسعار السلع والخدمات في البلاد، تزامن مؤخرا مع زيادة معدلات الاستقالة من المؤسسات الحكومية، حيث أصبح موظفو الحكومة يفضلون العمل في القطاع الخاص، بعد أن أصبحت رواتب الحكومة تقريبا بلا قيمة.

معظم الموظفين في القطاع العام يتفقون على أن الراتب لا يكفي، فالأجر الشهري الذي قد لا يتجاوز 100 ألف ليرة سورية، في أحسن الأحوال لا يكفي لتغطية مصروفات العائلة لأكثر من 48 ساعة. وقد يكون ذلك الراتب كافيا لشراء منظفات ومحارم لمدة يومين أو ثلاثة أيام على الأكثر، ولا يمكن أن يغطي باقي متطلبات المعيشة الأساسية الأخرى.

ارتفاع بالملايين

بحسب تقرير الصحيفة المحلية، فإن متوسط تكاليف معيشة أسرة سورية مكونة من خمسة أفراد، قفز إلى أكثر من 6.5 مليون ليرة سورية، في حين وصل الحد الأدنى إلى 4.1 مليون ليرة سورية، بحسب “مؤشر قاسيون لتكاليف المعيشة”، في الوقت الذي لم يزد فيه الحد الأدنى للأجورعن 92 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل 10 دولار تقريبا.

التقرير الذي رصد ارتفاع متوسط تكاليف المعيشة، اعتمد على الحاجات الأساسية للفرد من الغذاء الضروري، وبناء على الارتفاع في أسعار السلع الغذائية، فقد سجل شهر تموز/يوليو الجاري، ارتفاع متوسط معيشة الأسرة في سوريا بحوالي 890 ألف ليرة سورية، وذلك عن متوسط التكاليف التي سجلها مؤشر “قاسيون” في نهاية شهر آذار/مارس الماضي.

الحد الأدنى لراتب الموظف الحكومي الثابت عند 92 ألف ليرة، كان غير قادرا في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، على تغطية سوى 1.6. بالمئة من متوسط تكاليف المعيشة، ومع الارتفاع في أسعار مختلف السلع أصبحت مشاركته في متوسط التكاليف لا تتجاوز 1.4. بالمئة.

فقط خلال الثلاث أشهر الماضية، رصد التقرير ارتفاع أسعار اللحوم في سوريا بحوالي 17.8 بالمئة، في وقت ارتفعت فيه أسعار الحلويات بمقدار 10.3 بالمئة، أم الألبان والأجبان فارتفعت بمتوسط نسبة 12.5 بالمئة، وهناك العديد من المواد الغذائية ارتفعت بنسب كبيرة كالبيض الذي سجل ارتفاعا وصل نسبته إلى 41.7 بالمئة، حيث انتقلت تكلفة 50 غرام منه يوميا من حوالي 667 ليرة في آذار/مارس، إلى 944 ليرة في تموز/يوليو.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات