استمرار أزمة الكهرباء في سوريا يلقي بظلاله على تكاليف العديد من السلع الغذائية، التي تعاني أصلا من ارتفاع المواد الأولية الداخلة في صناعتها، حيث تشهد البلاد زيادة في ساعات التقنين تزامنا مع اشتداد وتيرة ارتفاع درجات الحرارة، على الرغم من الوعود الكثيرة التي أطلقتها الحكومة بشأن تحسين الواقع الكهربائي في البلاد.

مع اشتداد وتيرة الحر خلال فصل الصيف، زادت صعوبات صناعة المثلجات على المعامل، فمع غياب التيار الكهربائي تضطر هذه المعامل إلى استخدام المولدات الكهربائية، كذلك المتاجر المنتشرة في المدن تضطر إلى الاعتماد على كهرباء المولدات لتأمين تشغيل البرادات وحفظ المثلجات، الأمر الذي يرفع تكاليف الإنتاج والتخزين.

تقرير لمنصة “غلوبال نيوز” المحلية، أشار إلى أن معظم أصحاب المحال التجارية والبقاليات، فضّلوا عدم المخاطرة وبيع المثلجات في متاجرهم، وذلك خشية عدم استطاعتهم تأمين كميات كافية من الكهرباء لحفظها، كذلك فإن الأسواق شهدت غياب العديد من أصناف المثلجات هذا العام، بسبب ضعف الإقبال على تخزينها وبيعها.

صعوبات كبيرة

أصحاب متاجر بيع المثلجات، اشتكوا من الصعوبات المتعددة التي تعاني منها هذه المهنة، وفي مقدمتها ارتفاع تكاليف إنتاج المادة، والتي تحتاج بالدرجة الأولى لتأمين حوامل طاقة بديلة عن التيار الكهربائي، ناهيك عن ارتفاع أجور العمال والمواد الداخلة بصناعة “البوظة”.

ومع هذا الارتفاع الكبير في أسعار المادة شهدت الأسواق السورية انخفاضا على استهلاك المثلجات، حيث وصل سعر “طابة البوظة” بحسب تقرير المنصة المحلية إلى أكثر من 3 آلاف ليرة سورية، في بعض المحال، وكيلو “البوظة بالفستق الحلبي” وصل لأكثر من 70 ألف حسب كمية الفستق الموضوعة سواء أكانت 50 غراماً أو 100 غرام.

من جانبه أوضح رئيس “الجمعية الحرفية لصناعة البوظة والحلويات والمرطبات في دمشق” بسام قلعجي، أن سبب غلاء المثلجات يعود بالدرجة الأولى، إلى ارتفاع التكاليف من سكر وحليب ومسكة والفستق الحلبي واللوز والكاجو، إضافة لغلاء مسحوق الكاكاو الذي يُستخدم في بعض الأصناف لتصنيع البوظة المنكّهة بالشوكولا.

بحسب تصريحات قلعجي للمنصة المحلية، فإن الإقبال على شراء المثلجات في الأسواق السورية، تراجع بنسبة وصلت إلى أكثر من 80 بالمئة، الأمر الذي تسبب بخروج العديد من صنّاع المثلجات من خط الإنتاج.

قد يهمك: راتب لا يشتري الخبز.. ما هو متوسط تكاليف معيشة الأسرة السورية هذا العام؟

غياب التيار الكهربائي أثذر على على مختلف مناحي الحياة، وكان له تأثيرات بارزا على صناعة المواد الغذائية، في وقت فشلت فيه الحكومة السورية في تنفيذ عشرات الوعود التي أطلقتها خلال السنوات القليلة الماضية المتعلقة بتحسين ساعات التغذية الكهربائية.

مع غياب الكهرباء يعتمد الأهالي وأصحاب المحال التجارية على المولدات الكهربائية، إلا أن قرارات الحكومة المتعلقة برفع أسعار المحروقات، شكلت عبئا اقتصاديا إضافيا على صناعة وبيع مختلف السلع في الأسواق السورية.

طوال فصل الشتاء كان المسؤولون الحكوميون في وزارة الكهرباء السورية، يطلقون الوعود بشأن تحسّن واقع التغذية الكهربائية في سوريا بعد انتهاء الشتاء، وذلك بدعوة ارتفاع معدلات الاستهلاك خلال فترات انخفاض درجات الحرارة في الشتاء، كون الأهالي يستخدمون الكهرباء في تشغيل وسائل التدفئة.

لكن ما إن دخل فصل الصيف حتى بدأت وزارة الكهرباء تتنصل من وعودها، حتى وصل الأمر إلى إقرار زيادة ساعات التقنين في بعض المناطق خلال الأيام القليلة الماضية، لتصل في كثير من المناطق إلى نحو 20 ساعة يوميا، في ظل عجز الحكومة عن تأمين الحد الأدنى من حاجة السوريين من التيار الكهربائي.

 برنامج التقنين الكهربائي المطبّق في العاصمة دمشق، شهد خلال الأسابيع الماضية تغيّرا ملحوظا، حيث انخفضت ساعات التغذية الكهربائية من ساعتين مقابل 6 ساعات قطع إلى ساعة واحدة فقط، تزامنا مع الحاجة الماسة للكهرباء في ظل ارتفاع درجات الحرارة واعتماد الأهالي على الكهرباء في تبريد المياه والعديد من الأعمال اليومية.

تبريرات حكومية

وكعادتهم، حال المسؤولين المعنيين إطلاق تبريرات عشوائية، لتغطية عجز الحكومة عن تأمين الكهرباء، حيث أوضح مدير عام شركة كهرباء دمشق لؤي ملحم، في تصريحات صحفية، أن سبب انخفاض ساعات التغذية الكهربائية التي لمسها قاطنو مدينة دمشق هو وجود مشكلة في توليد الكهرباء، مفضّلا عدم تحديدها.

الحكومة يبدو أنها بدأت تتعايش مع الأزمة، وأدركت مؤخرا أنها لا تستطيع حل الازمة أو تحسين واقع الكهرباء، لتبدأ بتنظيم البدائل للمواطنين، لا سيما فيما يتعلق بالمولدات الكهربائية المحلية المنتشرة في الأحياء السكنية لتزويد المنازل والمنشآت التجارية بالكهرباء.

في مؤشر يؤكد على عجز الحكومة على حل أزمة الكهرباء، بدأت “محافظة دمشق”، منح تراخيص العمل بنظام “الأمبيرات”  في عدد من أسواق العاصمة السورية والأحياء السكنية، وذلك في ظل غياب الكهرباء معظم ساعات اليوم.

نظام “الأمبيرات” يعني الاعتماد على الكهرباء المولدة عن طريق المولدات الصناعية مقابل دفع اشتراك شهري، ويبدو أن الأمر بات واقعا في دمشق و”الحبل على الجرار” كما يقولون، في ضوء معطيات غير مبشّرة بحدوث تحسّن في واقع الكهرباء في المنظور القريب.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
5 1 صوت
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات