في خطوة روسية تظهر استعراض قوتها العسكرية، رست 6 سفن روسية ضخمة في ميناء طرطوس السوري يوم الجمعة الماضي، في وقت بلغ التصعيد بين روسيا ودول غربية ذروته حول الأزمة الأوكرانية، والتهديدات التي تتعرض لها أوكرانيا من قبل روسيا.

وكانت وزارة الدفاع الروسية، قد أعلنت في بيان لها، أن 6 سفن من سفن الإنزال الكبيرة، من أسطول الشمال، وأسطول بحر البلطيق وصلت إلى المركز اللوجستي للبحرية الروسية في ميناء طرطوس السوري.

وأوضح البيان أن السفن التي وصلت تضم سفن “بيوتر مورغونوف، غيورغي بوبيدونوسيتس، أولينيغورسكي غورنياك، كوروليف، مينسك، وكالينينغراد”.

وأشار البيان إلى أن السفن قطعت أكثر من 6 آلاف ميل بحري، عبر أوربا إلى الشرق من البحر المتوسط، كجزء من مناورات تجريها البحرية الروسية، وأن السفن ترسو حاليا في ميناء طرطوس للتزود بالوقود ومياه الشرب والمواد الغذائية.

رسالة روسية.. نحن موجودون في شرق المتوسط!

تعمل روسيا من خلال عدة مناورات أجرتها مؤخرا، إلى توجيه رسائل مختلفة أن قواتها قادرة على العمل والتواجد في مناطق مختلفة، ومنها منطقة شرق المتوسط، ويأتي إرسال السفن الروسية بعد مناورات أجرتها البحرية الأميركية نهاية الشهر الماضي، سميت بـ”نبتون سترايك”، شاركت فيها حاملة الطائرات الأميركية “هاري ترومان”، والتي تهدف حسب وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون”، إلى إظهار قدرة الناتو على إدماج قوة الضربة البحرية المتطورة لمجموعة جوية لمؤازرة جهود الحلف في الردع والدفاع.

يقول الخبير في الشؤون الروسية، سامر الياس، لموقع “الحل نت”، في ظل تصاعد المواجهة مع الغرب يبدو أن روسيا تريد استعراض قوتها في أكثر من مكان في العالم، فقد نظمت في أسابيع الاخيرة مناورات وتدريبات بحرية ضخمة مع الصين وإيران في بحر العرب، وكذلك في البحر الأسود وبحر البلطيق، وشمال المحيط الأطلسي.

وأضاف الياس، أنه من المؤكد أن روسيا تريد القول إنها قوة بحرية عظمى استطاعت إعادة بناء أساطيلها بشكل أفضل مما كانت عليه في زمن الاتحاد السوفيتي، كما العملية جاءت كرد على المناورات الأخيرة للولايات المتحدة في البحر المتوسط.

وقلل إلياس، من فكرة أن يتم استخدام ميناء طرطوس كقاعدة عسكرية خلفية في حال نشوب أي حرب ضد أوكرانيا، معتبرا أن الساحة الأساسية في حال نشبت الحرب، هي حرب برية في دونباس، وربما من شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا، وفي المجال البحري فإن المواجهات إن حدثت ستكون في بحر آزوف ومضيق كيرتش الواصل بين بحر آزوف والبحر الأسود، حيث تمتلك روسيا قواعد عسكرية كبرى في سيفاستوبل وأبخازيا ضمن أسطول البحر الأسود.

لا أهمية للرأي الرسمي السوري؟

يحق لروسيا وفق الاتفاقية التي وقعتها مع الحكومة السورية، استثمار ميناء طرطوس اقتصاديا وعسكريا، ولمدة 49 سنة حسب المادة 25 الموقعة بين الطرفين عام 2017، ويمكن تجديد هذه المدة تلقائيا لمدة 25 سنة أخرى ما لم يعترض على ذلك أحد الطرفين.

كما يحق لروسيا أن تحتفظ بعدد من السفن يصل عددها إلى 11 سفينة، بينها سفن تعمل بالمفاعلات النووية، حسب المادة الخامسة من الاتفاقية، و لروسيا حسب المادة التاسعة من الاتفاقية، حصانة التواجد في المرفأ، حيث لا يحق للسوريين أو لممثلي السلطة السورية الدخول إلى أرض المرفأ بدون موافقة القائد العسكري الروسي للمرفأ.

ويعتبر المرفأ غير خاضع للقوانين السورية من إجراءات أمنية وقانونية وجمركية، ولا يمكن للجانب السوري الاطلاع على وثائق وأرشيف المرفأ، كما أن الكوادر العسكرية الروسية وعائلاتهم لهم حصانة وامتيازات في التعامل ولا يمكن تفتيشهم أو اعتقالهم بأي شكل من الأشكال من قبل الجانب السوري. كذلك الأمر، فإن السفن الحربية وكافة المعدات العسكرية البحرية والجوية الروسية وغيرها، لا تخضع للرقابة أو التفتيش من الجانب السوري، وتقوم السلطات السورية، بتزويد السفن الروسية الست بمياه الشرب، والمواد الغذائية، والوقود حسب المادة 14 من الاتفاقية.

وما يجري من هيمنة روسية على ميناء طرطوس أثار استياء كبيرا بين السوريين الموالين للحكومة السورية، خاصة أن القوات الروسية التي تعتبرها الحكومة السورية هي قوات حليفة، لكن هذه القوات لم تقم بالتصدي مؤخرا للغارات الإسرائيلية على ميناء اللاذقية المجاور.

تتعامل روسيا مع الحكومة السورية وفق مصالحها العليا فقط، بصرف النظر عن رأي الأخيرة، وتعمل روسيا من جهة أخرى من خلال تواجدها في شرق المتوسط ” المياه الدافئة” على إيصال رسالة مفادها أن هذه المياه لم تعد حكرا على حلف شمال الأطلسي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.