في ظل الاحتجاجات الحالية في محافظة السويداء، على خلفية قرارات الحكومة السورية بإنهاء الدعم عن حوالي 600 ألف عائلة سورية، إضافة إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار المواد الغذائية، مع تضارب التصريحات من قبل مسؤولي الحكومة.

وبرر أحدهم و ربطها بموجة الصقيع التي  أدت إلى رفع أسعار الخضار، بينما  المسؤول الآخر الذي حمل الأمر  لعدم استقرار تكاليف الشحن عالميا ، بالإضافة إلى اتهام بعض التجار باستغلال قضية الدعم، والإدعاء بأن أسعار جميع السلع في السوق السورية آخذة في الارتفاع.

تبريرات متضاربة!

نفى محمد العقاد، عضو لجنة تجار ومصدري الخضار والفواكه بدمشق، أن يكون لقرار الاستبعاد من الدعم الذي شمل نسبة من التجار أي تأثير على ارتفاع أسعار الخضار والفواكه.

وبرر العقاد خلال حديثه لصحيفة “الوطن” المحلية، بأن موجة البرد والصقيع التي ضربت عموم سوريا في الفترة الماضية، قد أثرت بشكل كبير في إنتاج الخضار وأدت إلى ارتفاع أسعارها في الأسواق، وهذا يحصل في كل فصل الشتاء من السنة.

ورغم استقرار قيمة الليرة السورية أمام العملة الأجنبية خلال هذه الفترة، إلا أن الأسعار في ارتفاع مستمر، وأصبح المواطن أمام هاجس من الخوف بشكل يومي من الارتفاع المستمر بسبب قرارات حكومية غير مدروسة، بعيدا عن هاجس ارتفاع الدولار، لم يعد السوريون قادرين على تحمل عبء هذا الارتفاع غير المبرر.

يقول أحد أصحاب المحلات للمواد الغذائية من العاصمة دمشق: “إن ثمن البضاعة ليس بأيدينا، بل حسب أهواء التجار والمتحكمين من أصحاب القرار، خاصة في ظل غياب لجان التموين والرقابة “.

وأردف صاحب المحل الذي فضل عدم الكشف عن اسمه في حديثه لـ “الحل نت”: “لم نعد نفهم حقيقة هذا الوضع المتردي، وكلما أصدرت الحكومة قرارا جديدا بشأن الواقع المعيشي، الأسعار ترتفع معها، وإذا ما تم تقديم الشكاوى من أصحاب المصلحة إلى الجهات المختصة، فإن الحكومة دائما تبرر استغلال التجار للوضع، فهل هذه الحكومة عاجزة عن وضع حد لهؤلاء التجار، أم أنها شريكة معهم في تجويع المواطنين، سؤال برسم الجهات المعنية”.

فيما صرح مدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، تمام العقدة لموقع “ميلودي” المحلي، إنه هناك تغير في الأسعار دائما على المواد الغذائية نظرا لارتفاع تكاليف الشحن عالميا وعدم استقرارها.

وحمل المسؤولين في الحكومة السورية، “ارتفاع التأمين الخارجي للبضائع والصعوبات التي يواجهها المستورد” العقوبات الاقتصادية الدولية قانون “قيصر” المفروضة على سوريا، حيث قال إن المستورد يضطره إلى تغيير مجرى البضائع من جهة لأخرى حتى تصل إلى الموانئ السورية.

للقراءة أو الاستماع: أسلوب اقتصادي جديد في دمشق للتهرب من العقوبات


هل ستشهد الأسواق المزيد من الارتفاع في قادم الأيام؟

وحول ارتفاع الأسعار بهذا الشكل المتفاوت، قال المسؤول في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، للموقع المحلي، “لوحظ ارتفاع بسيط في الأسعار بالإضافة إلى التغيير في حوامل الطاقة التي تعتبر مقومات مدخلات سعرية”.

وأنه هناك توجيه من وزير التجارة الداخلية للمديريات في المحافظات بالمتابعة والتواجد في الأسواق لمراقبة الأسعار، إلا أنه يلاحظ أن المستوى العام للأسعار تشهد ارتفاعات دورية شبه يومية، من مواد أساسية إلى الخضار والسلع الغذائية، في ظل صعوبة القدرة الشرائية التي يتحملها المواطن السوري.

لكن يبدو إشكالية قرار الحكومة السورية برفع الدعم من أحد الأسباب الرئيسية التي تقف وراء هذا الارتفاع، في ظل غياب مراقبة الحكومة حول هذا الأمر الذي يحرم آلاف الأسر السورية من الكثير من المواد الغذائية.

ويقول مؤيد الأحمد، متخصص في الشؤون الاقتصادية، أن هذا الارتفاع ما هو إلا لعبة من التجار واستغلالهم لقرارات الحكومة، وهو تشليح بالحرف الواحد لجيب المواطن، ولا ضمير لديهم أو محاسبة من قبل الحكومة.

ويردف الأحمد خلال حديثه لـ “الحل نت”، صحيح أن موجات الصقيع تسببت في خسائر للمزارعين، لكن هذا لا مبرر له من أن يتم على حساب المواطنين. لذا فعلى الحكومة الوقوف أمام هذه الخسائر وتعويض المزارعين والفلاحين لعدم التأثير على الأسواق، وهذه من أهم مسؤوليات الدولة لحماية المواطنين من الأضرار المناخية والبيئية بشكل عام.

ويحذر، المختص الاقتصادي، من موجة ارتفاع جديدة في الأسعار بشكل عام الأسواق السورية، ويقول: “إذا استمرت أسعار المواد الغذائية والخضروات في الارتفاع، فإن بقية المواد والبضائع الأخرى من السوق سيلتحق بها في الارتفاع، من محال الألبسة إلى الأجهزة المنزلية إلى المطاعم والمواصلات، فمثلا يشتري بائع الملابس المواد الغذائية بسعر مرتفع كل فترة، هل من المعقول أن يبقى أسعار الألبسة على حاله؟

في ظل ارتفاع أسعار المحروقات والغاز، والكهرباء وعموم التكلفة المعيشية في سوريا، وإزالة الدعم عن أكثر من نصف مليون مواطن سوري، مع غياب حلول للحكومة وانخفاض سلم الرواتب في البلاد، فهل سيصمد السوريين أمام موجة جديدة من ارتفاع في السلع في الأسواق السورية؟

للقراءة أو الاستماع: أسعار الخضار تُحلّق.. هل استغل التجار موضوع رفع الدعم؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.