تصدرت نصيحة السفير الكوري الشمالي لدى دمشق، مون جونغ نام، لوزارة التجارة الداخلية السورية، حول تجربة بلاده في تجاوز الحصار عليها وترقية معيشة أبنائها، وسائل الإعلام السورية والروسية بذات الوقت.

إذ قارن السفير الكوري في دمشق، مع ما تم اتباعه من قبل القوى العالمية، في فرض عقوبات اقتصادية ومالية على كوريا الشمالية لأكثر من عشر سنوات للضغط عليها لنزع السلاح النووي. كما قامت هذه الحكومات بفرض عقوبات لمعاقبة النظام على الهجمات الإلكترونية وغسيل الأموال وانتهاكات حقوق الإنسان، في حين أن هذه الإجراءات تسببت في خسائر فادحة في الاقتصاد الكوري الشمالي.

الحياة داخل أكثر دول العالم سلطوية

يقول الأستاذ في العلاقات العامة الدولية والمختص في شرق آسيا، كيم جي، لـ”الحل نت”، إن تهديدات كوريا الشمالية للعالم الخارجي دائما ما تجذب انتباه وسائل الإعلام، لكن الشعب الكوري الشمالي هو من يواجه أكبر تهديد على الإطلاق.

ويضيف جي، “فمن أجل الحفاظ على سيطرته، جرد النظام الكوري الشمالي الشعب من قوته وإمكاناته من خلال نظام من العزلة والتلقين والقمع الوحشي. كما إن خطورة هذه الانتهاكات وحجمها وطبيعتها تكشف عن دولة ليس لها مثيل في العالم المعاصر”.

ويوضح جي، أنه من غير القانوني للكوريين الشماليين مغادرة بلادهم دون إذن الحكومة، ويمكن أن يواجه الكوريون الشماليون الذين يحاولون مغادرة البلاد بشكل غير قانوني ويتم القبض عليهم عواقب وخيمة، بما في ذلك التعذيب والعمل القسري والسجن مدى الحياة في معسكر اعتقال سياسي.

وحول أولئك الذين يسمح لهم بالسفر إلى الخارج مثل الدبلوماسيين وطلاب النخبة والعاملين المجندين والرياضيين، يشير الأستاذ الجامعي، إلى أنهم يخضعون للمراقبة عن كثب، ويجب عليهم حضور استخلاصات أيديولوجية خاصة بمجرد عودتهم إلى كوريا الشمالية.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فوفقا لـ “جي”، فإن الكوريون الشماليون معزولون ومنفصلون عن العالم الخارجي، لدرجة أنهم لا يعرفون حتى ما تعنيه كلمة إنترنت، إذ لا يوجد اتصال بالإنترنت بالعالم الخارجي. ويتم ضبط أجهزة التلفزيون والراديو مسبقا على القنوات الحكومية المعتمدة، ولا يمكن للهواتف الكورية الشمالية إجراء مكالمات دولية، كما يتم التشويش على إشارات الراديو والهاتف الخلوي الأجنبية. 

للقراءة أو الاستماع: البضائع السورية تصل لـ 100 دولة.. فما قصة الحصار والاقتصاد المتدهور؟

الفقر القسري

ويرى الأستاذ الجامعي، أن حديث السفير الكوري الشمالي لدى دمشق مع وزير التجارة الداخلية السوري، لشرح تجربة بلاده في تجاوز الحصار، لا تعني سوى أنهم يقولون للحكومة السورية “استمروا في تجويع الشعب، فالأزمة الاقتصادية لا حل لها مع النظام الحالي القائم”.

https://twitter.com/LaylaMeslmani/status/1467172512085729287?s=20&t=zF9UXHF4YjQd4fhe9KEZZg

إذ إن فقر كوريا الشمالية ليس بسبب الافتقار إلى شروط التنمية الاقتصادية، حيث تتمتع البلاد بنفس الإمكانات التي حولت كوريا الجنوبية من واحدة من أفقر دول العالم إلى اقتصاد ديناميكي كما هي عليه اليوم.

ولكن فقر كوريا الشمالية ينبع من النتيجة المأساوية لإعطاء النخبة الحاكمة الأولوية المطلقة للسيطرة السياسية. والتي يتم الحفاظ عليها من خلال الإدارة الدقيقة للمجتمع والاقتصاد، والقمع القاسي للآراء والنهج البديلة. وهذا يخنق إمكانات الشعب الكوري الشمالي والاقتصاد الكوري الشمالي.

وبيّن جي، أن صادرات كوريا الشمالية مقابل كوريا الجنوبية 1.74 مليار دولار مقابل 596 مليار دولار. حيث تم تدمير نظام التوزيع العام، وهو النظام الذي اعتمد عليه الكوريون الشماليون في الغذاء لعقود. بسبب إعطاء الأولوية للنخب وأولئك الذين يُعتبرون موالين.

وقطع النظام الكوري الإمدادات الغذائية عن المناطق الأقل تفضيلا سياسيا، ما تسبب بمجاعة قتلت ما يصل إلى مليون شخص في منتصف وأواخر التسعينيات، من إجمالي عدد سكان يبلغ حوالي 20 مليونا، مما يجعلها واحدة من أسوأ المجاعات في القرن العشرين.

كما يدعي نظام كوريا الشمالية، أنه يوفر رعاية صحية شاملة لشعبه. وفي الواقع، وطبقا لحديث جي، فقد انهار غالبية نظام الرعاية الصحية العامة في التسعينيات. مع استمرار عمل المستشفيات ذات الأولوية فقط في مناطق مثل بيونغ يانغ. كما إنه في أجزاء أخرى من البلاد، لا تتوفر الخدمات الصحية إلا لمن يستطيع تحمل تكلفتها. فالكوريون الشماليون العاديون معرضون للإصابة بالأمراض المرتبطة بالفقر التي يمكن الوقاية منها أو العلاج بسهولة، مثل السل.

للقراءة أو الاستماع: أزمة النقل الداخلي مستمرة.. السياسات الاقتصادية الفاشلة لدمشق هي السبب؟

إشادة سوريّة بتجربة كوريا الشمالية

وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك السورية، ذكرت يوم الثلاثاء الفائت، أن الوزير عمرو سالم، بحث مع السفير الكوري علاقات بلديهما و”بالأخص تجربة الحصار”. وقالت الوزارة إن الوزير “استمع إلى شرح مفصل عن تجربة جمهورية كوريا الشمالية في تجاوز الحصار المفروض عليها. وترقية معيشة الشعب الكوري بظل الضغوطات”.

ونقلت صفحة الوزارة عن سالم، أن “الهم الأول والأخير للحكومة السورية هو تحسين الواقع المعيشي للشعب السوري. ولهذا تولي وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أهمية كبرى في دعم المواطن وكل ما يخدمه ضمن إمكاناتها”.

الجدير ذكره، أن كوريا الشمالية، قامت بمجموعة واسعة من الأنشطة على مدار السنوات التي قوبلت بإدانة دولية في شكل عقوبات. من أهمها تطوير الأسلحة النووية والصواريخ الباليستية.

وأصدر مجلس الأمن الدولي، المؤلف من 15 عضوا ما يقرب من اثني عشر قرارا. جميعها بالإجماع، تدين كوريا الشمالية بسبب مساعيها النووية وتفرض عقوبات عليها. كما إنه بمرور الوقت، توسعت التدابير إلى حظر تجارة الأسلحة والمعدات العسكرية، والتكنولوجيات ذات الاستخدام المزدوج والمركبات والآلات الصناعية والمعادن.

كما شملت العقوبات، تجميد أصول الأفراد المشاركين في البرنامج النووي للبلد. وحظر استيراد بعض السلع الكمالية، وحظر تصدير المعدات الكهربائية والفحم والمعادن والمأكولات البحرية. وغيرها من المنتجات الغذائية والزراعية والأخشاب والمنسوجات والأحجار.

 كما حددت سقف صادرات العمالة الكورية الشمالية، والحد الأقصى لواردات النفط والمنتجات البترولية المكررة، وحظر استيراد الغاز الطبيعي.

وبسبب تعنت النظام الكوري، ارتفعت أسعار الصرف وأسعار السوق لبنود مثل الأرز والبنزين لقياسات عالية جدا تفوق قدرة السكان. فيما لم تستطع الحكومة الكورية الشمالية من تأمين ظروف اقتصادية داخلية، تمكن الناس من تناول ثلاث وجبات متواضعة على الأقل في اليوم.

للقراءة أو الاستماع: قلة البضائع في أسواق دمشق.. فهل ترتفع الأسعار؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة