اعتاد الشعب السوري على ربط عقدة الحصار حول كل أزمة اقتصادية تنشأ في البلاد، رغم حقيقة أن الوضع الاقتصادي للبلاد كان يزداد سوءا قبل فترة طويلة من عقوبات قيصر والعقوبات الدولية الأخرى. قد يندهش بعض الناس عندما يعلمون أن أوروبا، على سبيل المثال، تشتري المنتجات السورية، كون الحكومة منذ سنوات تروج أنها تحت الحصار وأن الأماكن الوحيدة التي يمكن لسلعهم تصديرها هي الأردن والعراق وربما بعض دول الخليج.

الحكومة تختلق عثرات التصدير

أكد فايز قسومة، الرئيس السابق للجنة الصادرات بغرفة تجارة دمشق، أن المنتجات السورية تباع في أكثر من 100 دولة، وأن هناك معلومات خاطئة حول تأثير الحظر والعقوبات الدولية على الصادرات السورية.

وأضاف قسومة، في تصريح لراديو “ميلودي إف إم” المحلي، أن الصادرات السورية بحاجة إلى إعادة تنشيط وأن القطاع الخاص لا يواجه أي مشاكل في أي مكان، ولا حتى مع التحويلات.

مشيرا إلى أن ظروف التصدير صعبة، لكنها ليست قاسية وأن الوضع مقبول. مع ذلك، فإن الحكومة مسؤولة عن خلق بيئة مناسبة أو غير مناسبة للتصدير، وبرنامج مساعدة الصادرات الحكومي قديم وصعب.

وقال قسومة، “إن الحكومة تقدم ما يقرب من 5 بالمئة مساعدة للمصدرين، لكن الدعم يجب أن يكون نقدا ويتم تسليمه في أسرع وقت ممكن، وأنه تم تقديم مذكرة للتو لإيجاد حل، لكن لم يحدث شيء حتى الآن”.

وأشار الرئيس السابق للجنة الصادرات بغرفة تجارة دمشق، إلى أن الحكومة وليس التجار هم المسؤولون عن تدفق السلع. ومع ذلك، عندما تسحب الحكومة الدعم، تزداد أسعار السوق وتدابير مراقبة السيولة تلحق الضرر بالواردات وتقلل المنافسة.

وحث قسومة، الحكومة السورية على تحسين سعر الصرف، وعدم وجود خيار آخر سوى زيادة الصادرات في الدولة، وفتح العديد من الأسواق الجديدة.

للقراءة أو الاستماع: رئيس الوزراء السوري يعترف بضرورة التخلي عن دعم المواطنين 

مراجعة شاملة لفعالية العقوبات على سوريا

ظل موضوع العقوبات الغربية على سوريا محور جدل بين المحللين وصناع القرار المهتمين بإنهاء معاناة مواطني البلاد، إذ يأتي هذا الانقسام في وقت تحتاج فيه البلاد، أكثر من أي وقت مضى، إلى سياسة شاملة تنهي معاناة معظم السوريين.

يقول “معهد الشرق الأوسط للدراسات”، أن جميع العقوبات الأميركية والأوروبية استهدفت بشكل خاص، الحكومة السورية من خلال تجميد أصول البنك المركزي السوري في الاتحاد الأوروبي، ومنع كيانات بنك الاستثمار الأوروبي والاتحاد الأوروبي من إصدار منح جديدة أو تداول السندات العامة أو منح قروض للحكومة السورية.

كما استهدفت العقوبات الأفراد المنخرطين بالصراع، حيث منعت الأفراد المتورطين في الانتهاكات الجماعية من دخول الاتحاد الأوروبي، فضلا عن تجميد أصولهم.

وتضمنت العقوبات حظر الأسلحة والمعدات التي من شأنها تسهيل ارتكاب الانتهاكات وجرائم الحرب. هذا يشمل السلع ذات الاستخدام المزدوج مثل المواد الكيميائية المستخدمة في كل من الأسمدة والمتفجرات. 

بينما استهدفت قطاعات معينة، بهدف تجفيف مصادر الدخل التي يمكن أن تمارس ضغطا قويا على الحكومة، وتلحق أضرارا جسيمة. 

واستهدف الاتحاد الأوروبي قطاع الطاقة بشكل أساسي من خلال حظر جميع واردات النفط السوري، فضلا عن حظر القروض والتأمين والتكنولوجيا التي يمكن الاستفادة منها في هذا القطاع. 

أما بالنسبة للوجستيات التجارة، فقيّدت العقوبات رحلات الشحن فقط وحظر تصدير السلع الكمالية مثل الذهب والماس. 

للقراءة أو الاستماع: بغداد تسمح بتجارة مفتوحة مع دمشق: ما الأسباب ومن المستفيد؟

حصائل التجارة بين الاتحاد الأوروبي وسوريا

تأثرت العلاقات التجارية والتجارية الثنائية بين الاتحاد الأوروبي وسوريا بشكل كبير بسبب الحرب في سوريا. ففي عام 2011، علق الاتحاد الأوروبي كل تعاونه الثنائي مع الحكومة السورية.

ومع تنفيذ الاتحاد الأوروبي للتدابير التقييدية، انخفض حجم التجارة الثنائية بشكل كبير على مر السنين. ففي عام 2020، بلغ إجمالي التجارة في البضائع بين الاتحاد الأوروبي وسوريا 393 مليون يورو. إذ يعتبر الاتحاد الأوروبي هو أكبر شريك تجاري لسوريا، حيث يمثل 8.7 بالمئة من إجمالي تجارة دمشق، وتحتل سوريا المرتبة رقم 136 من حيث الشريك التجاري للاتحاد الأوروبي.

وبلغت قيمة واردات الاتحاد الأوروبي من سوريا في عام 2020، 61 مليون يورو. حيث بلغ إجمالي المنتجات الزراعية والمواد الخام نحو 47 مليون يورو. وبلغت صادرات الاتحاد الأوروبي إلى سوريا 332 مليون يورو. 32 بالمئة منها مواد للزراعة ومواد خام بقيمة 107 مليون يورو، والكيماويات (86 مليون يورو، 25.9 بالمئة). والآلات ومعدات النقل (62 مليون يورو، 18.7 بالمئة).

وبلغ إجمالي التجارة الثنائية في الخدمات 642 مليون يورو في عام 2019. حيث تخضع العلاقات الثنائية بين الاتحاد الأوروبي وسوريا لاتفاقية التعاون الموقعة في عام 1977. ومع ذلك، فقد تم تعليق هذا الاتفاق في عام 2011 للتجارة في النفط الخام والمنتجات البترولية والذهب والمعادن النفيسة والألماس فقط. في حين لا تخضع التجارة المنتظمة وتصدير المواد الغذائية أو المعدات الطبية أو الأدوية لعقوبات الاتحاد الأوروبي.

للقراءة أو الاستماع: سوريا: التُجّار فقراء ويريدون إعادة الدعم الحكومي.. هل ينجحون؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.