اعترف رئيس الوزراء السوري، حسين عرنوس، اليوم الخميس، بعد قراره برفع الدعم عن حوالي 600 ألف عائلة داخل سوريا، بأن الدولة لم تعد قادرة على الاستمرار بنمط الدعم الذي كان سائدا وكان لابد من القرار.

في سوريا خلال الأيام السابقة، وتحديدا منذ الأسبوع الفائت، شهدت البلاد موجة استنكار بدأت من وسائل التواصل الاجتماعي ترفض سياسة الحكومة حول رفع الدعم، وتطور هذا الحراك إلى احتجاج شعبي على الأرض في السويداء، حتى وصل الأمر إلى أن اعتبرت بثينة شعبان، المستشارة الإعلامية للرئيس السوري، بشار الأسد، الاحتجاجات على الأزمة المعيشية، بأنها تصب في مصلحة إسرائيل.

“غير مستحق للدعم”

رئيس الوزراء السوري، أكد أن الحكومة السورية لم تعد قادرة على الاستمرار بنمط الدعم ذاته الذي كان قائما طوال العقود الماضية، ولابد من توجيهه وهيكلته.

وطالب عرنوس،  خلال أول لقاء له عقب القرار الحكومي الأخير بإعادة هيكلة الدعم، استبعاد مصطلح “مستبعد من الدعم” لأنه غير مناسب، وقال “لأن الأصح هو مصطلح غير مستحق للدعم، إذ لا يجوز إطلاقا أن يتساوى القادر مع الفقير”.

وأوضح عرنوس، خلال حديثه لصحيفة “الوطن” المحلية، أن هناك آلاف الحالات التي يتخفى فيها المقتدرين ماليا خلف الفقراء والمحتاجين، وخاصة من أصحاب المنشآت والعقارات والسجلات التجارية، حيث تبين أن هناك الآلاف من السجلات هي لأشخاص لا يمارسون التجارة، إنما بهدف تسخيرها لكبار التجار من أجل التهرب الضريبي.

وكشف رئيس مجلس الوزراء أن كتلة الدعم بنحو ستة آلاف مليار ليرة (باستثناء دعم الكهرباء) في الموازنة، والتي يبلغ مجموعها نحو 13 ألف وخمسمائة مليار ليرة، مما يزيد من عجز الموازنة وينتج عنه تداعيات سلبية للغاية على البلاد.

وبيّن، أنه من خلال عملية حسابية غير مكتملة حتى الآن، فإن إعادة هيكلة الدعم هو لتخفيض مبلغ ألف مليار من أصل 6 آلاف مليار، وتقليل سرعة عجز الموازنة بجزء من هذا المبلغ، وإعادة توزيع الباقي وضخه في الإنتاج ونحو الأسر المحتاجة، و دعم بعض الفئات والمهن التي تحتاج إلى هذا الدعم أكثر من غيرها.

للقراءة أو الاستماع: سوريا: التُجّار فقراء ويريدون إعادة الدعم الحكومي.. هل ينجحون؟

هل الخبز خط أحمر؟

خلال حديثه، أشار عرنوس، إلى أن الهدف هو اقتصادي بحت وسينعكس إيجابا على المجتمع رغم ما يحمله من مصاعب، وخاصة في ظل شح الموارد المالية والحصار الاقتصادي المفروض على سوريا. 

https://twitter.com/kasimf/status/1491349046430105600?s=20&t=zF9UXHF4YjQd4fhe9KEZZg

وحول دعم الخبز، نوه رئيس الوزراء، إلى أن “الخبز لا يزال خطا أحمر، لكن ليس بمفهوم سعر ربطة الخبز، بل بمفهوم استمرار دعم الزراعة، وتأمين القمح والدقيق إلى الأفران بحيث تبقى هذه المادة متوفرة وبسعر مقبول للمواطن”.

ووصف عرنوس، أن ما تعيشه سوريا، هو ظرف استثنائي. قائلا “أغلبية الناس لا تعرف كيف يتم تأمين القمح والدقيق وما الوسائل المعتمدة. وأن الحكومة تستورد وتدفع بالعملة الصعبة لتأمين متطلبات المواطنين وضمان استمراره”.

أما المعايير والتفاصيل المستخدمة في اتخاذ قرار التوقف عن دفع الدعم، فوصفها رئيس الوزراء، بأنها ليست صحيحة دائما. ولكن هناك عدة وجهات نظر ومدارس اقتصادية حول هذا الموضوع، معترفا بأن الحكومة لم تفعل ذلك. ولم تتمكن من الخروج بقائمة بيانات شاملة ودقيقة تغطي جميع جوانب الحياة في سوريا. إذ كان لهذه القضية تأثير كبير عبر وجود ثغرات وأخطاء في هذا القرار، والذي يتحمل جهاز الدولة بأكمله المسؤولية عنها.

للقراءة أو الاستماع: بثينة شعبان ولونا الشبل تتنافسان في الإساءة للسوريين

“عملاء لإسرائيل” يحتجون لليوم الخامس

في مقال نشرته على ذات الصحيفة، الاثنين الفائت، كتبت المستشارة الإعلامية للأسد، بثينة شعبان، أن كل من يشتكي ويرفع صوته سواء على مواقع التواصل الاجتماعي أو في الشوارع حيث عادت التظاهرات لمحافظة السويداء جنوبا، هو مرتبط بشبكات التجسس الإسرائيلية. ومطلقة أوصافا مثل “الطابور الخامس” على الأفراد المتذمرين من تدهور الأحوال الخدمية والاقتصادية في البلاد.

إذ تصاعدت الاحتجاجات السلمية بمحافظة السويداء، جنوب سوريا، على خلفية رفع الدفع الحكومي عن مواد غذائية وأساسية لآلاف العائلات. وانتشار الفلتان الأمني وتدهور الوضع المعيشي بين السكان. حيث اتسعت في المحافظة لتصل إلى أريافها بعد قطع الأهالي لعدد من الطرق الرئيسية، كان من أحدها طريق السويداء دمشق.

ولكن الجديد في الاحتجاجات الأخيرة تصاعد المطالب بإقامة “إدارة ذاتية” في السويداء. إذ تقول مصادر سياسية إنها باتت “مطلبا عموميا”، وأن مناقشات تجري مع الهيئات الدينية وفصائل الحماية بالمحافظة. وذلك من أجل تبني الفكرة وتطبيقها إلى حين انتهاء الأزمة في البلاد.

ولا تزال الاحتجاجات في السويداء مستمرة في عشرات النقاط التي تم تسجيلها، في المدينة وفي بعض البلدات. ما يظهر تمسكا كبيرا من أبناء السويداء بمطالب، أقلها إلغاء القرارات الاقتصادية الأخيرة. ومن أهمها المطالبة بتطبيق قرار مجلس الأمن 2254، فيما بترك الباب مفتوحا لكل الاحتمالات من مواجهة مع الحكومة. وتفجر كامل للأوضاع في المحافظة.

للقراءة أو الاستماع: استمرار الاحتجاجات في السويداء لليوم الخامس وسط مطالب ومساع لإقامة “إدارة ذاتية”

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.