خلال شهر شباط/ فبراير الجاري، يستعد المزارعون في سوريا، وخاصة في الساحل السوري، لموسم تسميد محاصيلهم الزراعية من أشجار الفاكهة وغيرها من المنتجات الزراعية، لكن العديد منهم أصيبوا بالصدمة لأن الحكومة السورية لم تقدم منح مادة السماد للمزارعين أصحاب محاصيل الأشجار المثمرة، وهذا الأمر يتسبب عموما بنتائج كارثية.

وعود حكومية غير جادة!

إبراهيم زيدان مدير المصرف التعاوني الزراعي، قال في تصريح لصحيفة ”البعث” المحلية، عن صدور توجيه من اللجنة الاقتصادية ببيع الأسمدة الآزوتية للمحاصيل الاستراتيجية (قمح- قطن- شوندر سكري) فقط.

وتم صدور هذا القرار بناء على الاجتماع بين الأطراف المسؤولة عن توزيع الأسمدة إلى تقييم الأرصدة المتوفرة في مستودعات المصرف، إضافة إلى العقود التي تجريها مؤسسة التجارة الخارجية لمصلحة المصرف وما يتم استجراره من معمل سماد حمص بعد الانتهاء من تمويل زراعة المحاصيل الاستراتيجية لاتخاذ القرار بتوزيع السماد على مزارعي الأشجار المثمرة في ضوء ما سبق.

فيما برر من جانبه محمد الخليف، رئيس مكتب الشؤون الزراعية باتحاد الفلاحين، في حديثه لصحيفة “البعث” المحلية، بأنه قد طالب مرارا وتكرار الاتحاد المركزي بتأمين السماد خلال الشهر الماضي ليقوم الاتحاد برفع مذكرة إلى رئاسة مجلس الوزراء لتأمين مستلزمات الفلاحين من السماد، لكن قرار اللجنة الاقتصادية كان بأولوية المحاصيل الاستراتيجية وهذا الأمر محق.

ونوّه إلى الجهود التي يبذلونها في سبيل إيجاد حلول سريعة، وتم الوعد بتوفيره قريبا حتى لو في الحدود الدنيا، خاصة وأن تسميد الأشجار المثمرة يجب أن يتم خلال هذا الشهر، وإلا فإن المحاصيل ستتأثر بشكل كبير كما ونوعا وصولا إلى تضاعف سعرها في الأسواق وبالتالي ارتفاع في أسعار بشكل عام في الأسواق.

ورغم وعود الجهات الحكومية بتزويد جميع العاملين في القطاع الزراعي بالأسمدة، لم يصدر حتى الآن قرار رسمي بمنح مزارعي الأشجار المثمرة سمادا. وبررت ذلك بإعطاء الأولوية لمحصول القمح حاليا، ما أثار عشرات التساؤلات عند الفلاحين حول مبررات عدم التوزيع، ولاسيما أن توزيعها في وقت لاحق لا يحقق جدوى زراعية اقتصادية.

قد يهمك: في سوريا.. ساعة الاستصلاح الزراعي تكلف أكثر من 100 ألف ليرة

فساد المؤسسات الحكومية على حساب الفلاحين

وبحسب مزارعين محليين، فإن الأسمدة غير متوفرة في المستودعات الحكومية، بينما تتوافر بكثرة في السوق السوداء، وهذا أمر مثير للدهشة حقيقة. فليس كل المزارعين لديهم القدرة على شراء الأسمدة من السوق السوداء، وحتى لو تم شراؤها من قبل البعض فإنها ستكلف من قيمة تكلفة الإنتاج وبالتالي يتعين على المزارع أن يرفع سعر منتجاته، وهذا هو ما يضعهم في حالة صراع مع التجار في الأسواق والرغبة الشرائية للمواطنين.

وفي الآونة الأخيرة كثر الحديث عن مخالفات وتجاوزات تطال الجمعيات الفلاحية في توزيعها لسماد جميع المحاصيل من خلال التلاعب بمساحات الأراضي المسجلة في دفاتر الجمعية الزراعية الحكومية والأرقام الحقيقية التي لا تصل إلى نصف تلك المساحات، بهدف الحصول على أكبر قدر ممكن من السماد والمتاجرة به في السوق السوداء، الأمر الذي نفى حدوثه مدير المصرف الزراعي جملة وتفصيلا، بحسب الصحيفة المحلية.

https://twitter.com/SamarAlBradan/status/1490315419453898753?s=20&t=LQtQ2tP6uz91ZB7lx8P_bw

لكن هذا الفساد والسرقة أكده العديد من المزارعين الذين كانوا شهود عيان على هذه التجاوزات وغيرها من الحيل الخفية التي تتفنن فيها الجمعيات الزراعية والوحدات الإرشادية على مرأى من الجميع، دون وجود للجان المراقبة والتموين.

في المقابل، نفى رئيس مكتب الشؤون الزراعية وصول أي شكوى من الفلاحين أو الوحدات الإرشادية حول هذا الموضوع، وزعم في حال ورودها سيتم تشكيل لجان للتحقيق بهذا الموضوع المخالف للقوانين والأنظمة، بحسب صحيفة “البعث” المحلية.

ترقب ركود في الأسواق

في ظل الواقع المرير الذي يمر به جميع السوريين، ونتيجة لظروف الحرب والتغيرات المناخية من قلة الأمطار في البلاد خلال العامين الماضيين، إضافة إلى عوامل أخرى تسببت في فقدان جزء كبير من القطاع الزراعي، بالإضافة إلى الفجوة الآخذة في الاتساع بين الإنتاج المحلي والاحتياجات الغذائية الداخلية، الأمر الذي ينذر بارتفاع في أسعار المواد الغذائية وغيرها من الأمور المعيشية قريبا، واضطراب الأسواق والحركة التجارية، فضلا عن انتشار البطالة و زيادة الفقر.

من جهته، تحدث محمد داوود، مزارع منذ 40 عاما، عن “ضرورة الأسمدة للمحاصيل الزراعية، خاصة خلال فتراتها المحددة، في ظل شح الأمطار، وإلا فإن عملية الإنتاج الزراعي لن تنجح ولن تؤدي إلى موسم وفير من أشجار الفاكهة إلى الخضار وانتهاءا بالقمح”.

وأردف داوود في حديثه لـ”الحل نت”، أن الفلاح لا يستطيع شراء السماد من السوق السوداء، لأن سعره غالي جدا مقارنة بالقيمة الإنتاجية، فالفلاح يعمل لكسب لقمة العيش وليس لأن يخسر.

وحذر داود من أنه إذا بقيت الأشجار بدون سماد فإن ذلك “سيكون له عواقب وخيمة وستشهد الأسواق ارتفاعا جديدا، بالإضافة إلى تعطيل بعض الأسواق الشعبية التي تعتمد على موسم هذه المحاصيل، وبالتالي تخلي العديد من الفلاحين الضعفاء عن الأراضي الزراعية، الأمر الذي ينذر بخطر بعيد المدى على الأمن الغذائي في جميع أنحاء البلاد وقدرة المواطنين على الصمود الاقتصادي”.

هذا وتشتهر سوريا بالزراعة منذ زمن بعيد، وخاصة زراعة القمح والشعير، بالإضافة إلى العديد من أنواع الأشجار المثمرة وغيرها من المنتجات الزراعية، حيث تعتبر أشجار الفاكهة التي تصدرتها الحمضيات المنتشرة بكثرة في السواحل السورية، والتي تعد من أجود أنواع الحمضيات في حوض البحر الأبيض المتوسط.

قد يهمك: اللاذقية.. 16 مليار ليرة قروض زراعية والأسعار في ارتفاع مستمر

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.