مع اقتراب موسم الربيع، يهتم المزارعون في سوريا ولا سيما في الجنوب، باستصلاح أراضيهم، بحيث يمكن استثمارها في المحاصيل الحقلية، في مناطق الريف الشمالي والجنوبي من المحافظة، والأشجار المثمرة في مناطق الريف الشرقي. لكن مايعوقهم هو التسعيرة التي تفرضها الحكومة لا سيما وأن ذات المديرية المعنية بالاستصلاح اتخذها الحكومة أداة لمصادرة أراضيهم.

اجتماع لـ”مص دم المزارع”

وصف المزارع، لطيف النميري، لـ”الحل نت”، بدء اجتماعات مديريات الزراعة من أجل تحديد الأراضي والآليات التي ستعمل على الاستصلاح الزراعي، بأنه “سن أسنان المديرية من أجل سلب المزارع أمواله”، في حين اضطر العديد من المزارعين لهجر أراضيهم بسبب التكلفة العالية للمحاصيل.

وركزت مداخلات فرع استصلاح الأراضي والتنمية المثمرة في اجتماع، اليوم الأربعاء، والتي ضمت كافة كوادره على ضرورة الإسراع بتنفيذ أعمال الصيانة حتى تكون جميع الآليات جاهزة للعمل في تنفيذ خطة استصلاح الأراضي في المواقع المحددة في خطة العام الحالي اعتبارا من آذار/مارس المقبل.

وشدد المجتمعون، على ضرورة تنفيذ خطة استصلاح الأراضي في المواقع المحددة في خطة العام الحالي اعتبارا من الشهر المقبل. والتغلب على أهم التحديات مثل النقص في قطع الغيار وارتفاع تكاليفها لضرورة إجراء الصيانة، وآليات الاستصلاح المتاحة والتي تتكون من 5 بلدوزرات و3 تركسات، و6 بلدوزرات وتركسان معارة لدى جهات أخرى.

وأوضح المهندس مدير فرع الاستصلاح في درعا، خالد الخالد، أن 90 في المئة من خطة الاستصلاح المخطط لها قد اكتملت العام الماضي، وأن خطة هذا العام تتضمن استصلاح 300 هكتار في مواقع مختلفة على مستوى المحافظة، مع جاهزية المواقع لبدء العمل في كل منطقة.

وأوضح الخالد، أن الأجور التي يتلقاها الفلاحون مشجعة، مشيرا إلى أن ساعة عمل البلدوزر تتراوح بين 53 و 64 ألف ليرة حسب قدرة الجرافة، بينما تتراوح ساعة عمل التركس بين 42 و 47 ألف ليرة فقط. أي 30 بالمئة مما يتقاضاه القطاع الخاص من شكل أجور.

للقراءة أو الاستماع: مديرية الزراعة بحلب تبرر سبب ارتفاع أسعار الزيت والزيتون

الأجور أعلى بكثير

ووفقا لحديث النميري، فإن مئات الدونمات خلال السنوات السابق، ظلت غير مستثمرة بسبب ارتفاع الأجور لأصحاب “الجرافات” الخاصة، إذ تجاوزت أجور الاستصلاح بالساعة 100 ألف ليرة، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن آليات الحكومة إما غائية بسبب أعطال فنية، أو لا يتوفر لديها الوقود للعمل.

https://twitter.com/SpicyarD/status/1487496056879341569?s=20&t=WyaGS5Np2DIR3firt8thqg

وتابع النميري، أن “الهروب من شبح استغلال القطاع الخاص مرهون بتزويد مشروع استصلاح الأراضي الزراعية بآليات إضافية. وتحديث الآليات التي كان يمتلكها سابقا، لأن أسعاره أكثر رحمة وضمن الحدود المعقولة. خاصة أن هناك المئات من الدونمات التي تحتاج إلى تطوير”.

وأوضح النميري، أن الخطة السنوية محدودة للفرع، بالإضافة إلى آلياته القديمة، حالت دون مشاركة العديد من المزارعين في المشروع. كما أبقت الكثير من المزارعين ينتظرون سنوات لوصول آليات التطوير إليها.

للقراءة أو الاستماع: “الزراعة تحتضر”.. بوادر أزمة نقص محصول السكر في سوريا العام المقبل

كيف استُخدمت القوانين السورية لأغراض تمييزية؟

تم تنفيذ قانون الاستصلاح الزراعي رقم 161 في 11 حزيران/يونيو 1958، بعد أقل من أربعة أشهر من الاتحاد بين سوريا ومصر، وتشكيل الجمهورية العربية المتحدة في 22 شباط/فبراير 1958. حيث دخل القانون حيز التنفيذ لتحديد الحد الأقصى المسموح به لملكية الأراضي الزراعية.

وعليه تم تحديد أكبر مساحة من الأرض يمكن لأي شخص المطالبة بملكيتها. وتم تحديد الحد الأقصى للملكية بناء على مجموعة من المعايير، تتناقص أو تزداد من محافظة إلى أخرى، ومن منطقة إلى أخرى. مع الأخذ في الاعتبار متوسط ​​هطول الأمطار السنوي في كل منطقة. 

ومنح القانون الحكومة 10 سنوات لمصادرة جميع قطع الأراضي الزائدة. وأصبحت الدولة هي المالكة للأراضي ذات الحجم المحدد بأمر نزع الملكية النهائي، اعتبارا من تاريخ المصادرة الأولية. ويحق لملاك الأراضي تحديد (اختيار) الجزء الزائد الذي سيتم فصله عن عقاراتهم، ما لم يكن لدى “مؤسسة الاستصلاح الزراعي” رأي مختلف تمشيا مع المنفعة العامة. 

الجدير بالذكر أن القانون قد منح لجنة الاستصلاح، صلاحيات واسعة في حيازة مناطق من الأراضي المصادرة، وقت يكون ذلك لمصلحة الشعب أو الإنتاج الوطني أو الاقتصاد. مع ذلك، فإن المصطلح المشار إليه والعناصر المرتبطة به يظل من الصعب إصلاحه تماما كما أنه مفتوح لتفسيرات متعددة.

وبحسب تقرير لمنظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، فإنه في محافظة الحسكة، كان لتطبيق القانون دوافع وأغراض سياسية. كان هذا واضحا في المصادرة التعسفية لممتلكات ملاك الأراضي الأكراد، بالمقارنة مع المكونات العرقية الأخرى. إذ عانى ملاك الأراضي من أكبر نسبة من مصادرة الأراضي. 

وبالإضافة إلى ذلك، قالت المنظمة، أنه تم توزيع الأراضي المصادرة على غير الأكراد. إذ يتضح تعسف هذه المصادرات بشكل خاص عند وضعها في سياق التعداد الخاص لعام 1962 في الحسكة. ففي أعقاب الإحصاء، جُرد عشرات الآلاف من الأكراد السوريين من الجنسية السورية وأصبحوا بلا جنسية. نتيجة لذلك، واجه الأكراد تحديين ما أدى إلى استحالة إثبات ملكية الأرض بالنسبة للمالكين الذين تم تجريدهم من الجنسية. وكذلك استحالة توزيع تلك المساحات المستولى عليها على الفلاحين الأكراد المجردين من الجنسية.

للقراءة أو الاستماع: جائحة تهدد الزراعة في سوريا.. تراجع غير مسبوق في هذه المحاصيل

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.