تراجعت مساحة الأراضي المزروعة بمحصول القمح، ريا وبعلا في محافظة الحسكة خلال الموسم الحالي، بنحو 180 ألف هكتار مقارنة بالعام الفائت، فيما فاقت المساحة المزروعة بالمحاصيل العطرية والطبية بنحو 16 ألف هكتار عن العام الفائت.

لكن مزارعين من المنطقة ينفون وجود رابط بين تراجع المساحات المروية من القمح وتزايد مساحة المحاصيل العطرية والطبية في المنطقة.

وأفادت مصادر من مديرية الزراعة الحكومية في الحسكة “الحل نت” أن المساحات المزروعة بمحصول القمح بلغت هذا العام 335 ألف هكتار؛ من بينها 95 ألف هكتار مروي و240 ألف هكتار بعلي.

المازوت وارتفاع أسعار البذار

وأضافت المصادر أن مساحات العام الفائت وصلت إلى514 ألف هكتار من بينها125200هكتار مروي و389 ألف هكتار بعلي، أي أن هناك تراجع في المساحات المروية للقمح بنحو 180 ألف هكتار.

ويأتي ذلك في ظل تراجع للمخزون الاستراتيجي للقمح في المنطقة إلى نحو 200 ألف طن، بحسب ما أعلنت “الإدارة الذاتية” أواخر العام 2021، الأمر الذي دفعها لاتخاذ إجراءات للحفاظ عليه بحسب الرئيس المشترك لهيئة الاقتصاد سلمان بارودو.

وقال أحمد حسين، وهو مزارع من ريف الحسكة الجنوبي، إن مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية بقيت هذا العام بورا جراء خشية المزارعين من شح الأمطار وتأخرها في بداية الموسم.

وأضاف المزارع أن ارتفاع أسعار البذار إلى نحو مليوني ليرة سورية للطن، و تأخر توزيع المازوت في المنطقة في بداية الموسم تسببا أيضا في عزوف الكثير من المزارعين عن زراعة القمح المروي.

ونفى المزارع أن يكون هناك توجه للمزارعين لزراعة المحاصيل العطرية بدل زراعة القمح في منطقتهم، رابطا تراجع المساحات المزروعة بالقمح، بنقص المازوت وارتفاع أسعار البذار والأسمدة.

وكانت “شركة تطوير المجتمع الزراعي شمال شرقي سوريا” التابعة لـ”لإدارة الذاتية”، قد رفعت أسعار الأسمدة بنوعيه؛ الآزوتي من 490 إلى 650 دولار، والفوسفاتي من 500 إلى 650 دولار للطن الواحد.

وبررت الشركة حينها السبب الذي دفعها إلى رفع الأسعار إلى “ارتفاع أسعار السماد في دول الجوار والعالم”.

في ريف القامشلي الشرقي تبدو الأوضاع مشابهة، حيث اضطر الكثير من المزارعين إلى ترك أراضيهم بورا، جراء ارتفاع أسعار الأسمدة أيضا.

وأفاد مزارعون من قرية غيبي شرق القامشلي “الحل نت” أنهم كانوا يخصصون سابقا نحو 40كليو غراما من السماد العادي “اليوريا” للدونم الواحد ولكنهم باتوا الآن مضطرين للاكتفاء بـ10 كليوغرامات للدونم.

وقال مزارعون من منطقة الدرباسية غرب القامشلي إن الزراعات المروية تراجعت في قراهم، رغم توافر مشاريع زراعية تعتمد على نحو 170 بئر بحرية.

وأضافوا أن مازوت الإنبات الذي كان من المفترض أن يوزع من جانب لجنة الزراعة في “الإدارة الذاتية” بداية الموسم لم يغط نصف المساحات.

وأشار سليمان فاضل وهو مزارع من ريف الدرباسية، إلى أن الكثير من القرى باتت تعتمد على موسم شتوي بدل موسمين كانا متبعين لدى مزارعي المنطقة قبل سنوات، موضحا أن هناك ترخيص لنحو ثلاثة آلاف بئر من أصل 5500 بئر في المنطقة.

وأسهم التصعيد العسكري التركي على مناطق شمال وشرق سوريا في تراجع المساحات الزراعية بمناطق التماس مع مناطق سيطرة “فصائل الجيش الوطني” كبلدة أبو رأسين-(زركان) وريفها التي تعرضت للتهجير والقصف لمرتين هذا العام، بحسب سكان من المنطقة.

واستلمت “الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا”، خلال الموسم الفائت، أقل من 200 ألف طن من القمح، فيما تحتاج المنطقة سنوياً إلى نحو 700 ألف طن من القمح للبذار والطحين.

إقبال على المحاصيل العطرية

في سياق متصل أشارت مصادر من مديرية الزراعة الحكومية في الحسكة، إلى أن المساحات المزروعة بـالمحاصيل العطرية والطبية في هذا العام وصلت إلى 23 ألف هكتار لتتجاوز بفارق 18 ألف هكتار عن مساحات العام الفائت.

وأضافت المصادر أن المساحات المزروعة تتوزع على 15ألف هكتار من الكمون و7 ألف هكتار من الكزبرة وألف هكتار من الحبة السوداء.

وأوضحت أن الإقبال على زراعة المحاصيل العطرية والطبية جاء نتيجة الأمطار التي هطلت مؤخرا، وانخفاض تكلفة زراعتها مقارنة بزراعة القمح والشعير.

في السياق ذاته قالت مصادر من مديرية الإنتاج النباتي في القامشلي التابعة لـ”لإدارة الذاتية” إن المساحات المزروعة بالمحاصيل العطرية والطبية في ريف القامشلي وحدها وصلت إلى 273500دونم من الكمون والكزبرة والحبة السوداء.

وأضافت أن غالبية المساحات تركزت بمناطق جنوب المدينة كقرية كرباوي-(أبو رأسين) و ناحية تل حميس وفي شرقها كمنطقة ديريك-(المالكية).

ورغم وجود فارق في إحصائيات الجهتين إلا أن الأرقام تشير في كلا الحالتين إلى وجود إقبال على زراعة المحاصيل العطرية والطبية، لكنه “لا يعكس بالضرورة أن الإقبال على زراعة المحاصيل العطرية والطبية هو السبب في تراجع مساحات محصول القمح المروية”، وفق مزارعين من المنطقة.

وعادت ما تستمر زراعة المحاصيل العطرية والطبية خلال شهري كانون ثاني/يناير وشباط/فبراير، لذا من المتوقع أن تزداد المساحات المزروعة بالمحاصيل العطرية والطبية أكثر خلال الاسبوعين القادمين.

وخلال العام الفائت اقتصرت المساحات المزروعة بالمحاصيل العطرية والطبية بالكاد على منطقة الاستقرار الزراعي الأولى المحاذية للحدود السورية التركية والتي تمتاز بمعدل أمطار جيد، فيما خرجت باقي المناطق عن الإنتاج نتيجة انحباس الأمطار خلال فترة الإنبات ذلك أن هذه المحاصيل تزرع في الغالب بعلا.

وعادة ما يتم بيع انتاج المحاصيل العطرية والطبية في أسواق المنطقة لتأمين حاجة الأهالي فيما يباع الفائض منها في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة السورية.

وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية لمحصولي القمح والشعير ثلاثة ملايين هكتار في شمال وشرق سوريا، المروية منها 300 ألف هكتار فقط، بحسب “هيئة الاقتصاد في الإدارة الذاتية”.

وشهدت الجزيرة السورية تراجعاً ملحوظاً في الانتاج الزراعي خلال السنوات الماضية، بينما كانت تساهم في إنتاج القمح بنسبة تفوق 60 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي السوري.@⁨مالك الحافظ⁩

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.