استمرار الأحزاب العراقية الجديدة بالتصدع.. هل تتحول “تشرين” إلى لعنة؟

استمرار الأحزاب العراقية الجديدة بالتصدع.. هل تتحول “تشرين” إلى لعنة؟

أمال، وتطلعات كبيرة، عقدت بالأحزاب الناشئة التي انبثقت من حركة الاحتجاجات الشعبية التي اجتاحت العراق أواخر تشرين الأول/أكتوبر 2019.

وفي الوقت الذي انتظر فيه السواد الأعظم من العراقيين، الناقمين على العملية السياسية في البلاد، والأحزاب التقليدية، والمنادين بالتغيير، انبثاقة جديدة. حطمت الأحزاب الجديدة تلك الآمال، بفشلها في تكوين حزب سياسي جامع، يمثل الشارع المحتج.

حيث لم تغب الأنانية ورغبة التسلط عن المشهد، في وقت تستعد فيه القوى التقليدية بالدخول إلى الانتخابات المبكرة التي أجريت في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، ليحدث ذلك شرخا بين القوى الجديدة، ويصنع منها أطراف متناثرة.

لقراءة المزيد: في مواجهة القوى السياسية المترسّخة: الأحزاب الشبابية تسعى لخوض الانتخابات العراقية المقبلة

بداية التصدع

بعض القوى الناشئة قررت عدم الدخول في الانتخابات، احتجاجا على عدم توفر بيئة انتخابية ناضجة، فيما انخرطت أخرى من دون برنامج واضح في السباق، أنتج ذلك عن صعود 9 أعضاء للبرلمان العراقي عن حركة “امتداد” وأعضاء آخرون متفرقين لا يتجاوز عددهم الخمسة، من بين 329 نائبا في البرلمان.

ورغم توفير الاحتجاجات، فرصة مثالية، لتكوين جبهة تستند إلى الشارع العراقي، في مصيرها السياسي، استمرت الحركات “التشرينية” في التصدع والتشتت فيما بينها، ليصل ذلك حد الانشقاقات الداخلية والانسحابات.

وعقب انعقاد الجلسة الأولى للبرلمان العراقي، لانتخاب رئيس للمجلس، تجلى ذلك التصدع، بانسحاب عدد ليس بالقليل من الأعضاء المؤسسين لحركة “امتداد”، بدعوى انحراف بعض أعضاء الحركة الممثلين في المجلس، عن النظام الداخلي للحركة.

في مطلع شهر شباط/فبراير الجاري، استقال ثلاثة من أعضاء الأمانة العامة للحركة احتجاجا على تصويت رئيس الحركة علاء الركابي، وستة نواب آخرين لصالح رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، بعد أن أعلنت عضو ومرشحة حركة “امتداد” آلاء الياسري، استقالتها في الأول من ذات الشهر.

وفي الثالث عشر من شباط/فبراير الجاري، أعلن 17 عضوا أخرين في الحركة، الانسحاب على خلفية ما وصفوه بـ”إنحراف” أغلب الأعضاء الذين يمثلون الحركة في البرلمان العراقي، عن النظام الداخلي لها.

ليست امتداد وحدها

مسلسل الانسحابات استمر ليطال حزب “البيت الوطني” هو الآخر، الحزب الذي يمثل أبرز القوى المنبثقة من حركة الاحتجاج – “تشرين”، حيث أعلن، مدير المكتب الانتخابي للحزب، وأحد أعضاء المكتب السياسي والأمانة العامة، مهتدى “أبو الجود”، يوم الجمعة الماضي، انسحابه من الحزب.

وجاء انسحاب “أبو الجود” بعد عجزه عن تصحيح مسار الحزب، وعدم اقتناع شركائه في الحزب بالخطر الذي يتعرض له مسار الحزب، بحسب تدوينة نشرها على “فيسبوك” وتابعها موقع “الحل نت”.

للمزيد: انتخابات العراق المبكرة.. “الصدر” في المقدمة والأحزاب الولائية من بعده

اضطراب تمر به القوى “التشرينية” بعد أن مثلت في مرحلة مهمة من تاريخ العراق، خيار البديل الناجح عن طغمة الفساد التي تقوده على مدى 18 عاما، ما يدق ناقوس الخطر حول مسار تلك الأحزاب، في أن يتحول اسم “تشرين” الذي حملته وأهلها إلى مضمار السياسية الذي يرفض كل من يدخله في العراق، قبل الاحتجاجات، بأن يتحول إلى لعنة تلاحق كل من يحمل اسمها، بسبب الممارسات الخاطئة.

وفي هذا الشأن، يقول الناشط السياسي عمار عبد السلام، في حديث لموقع “الحل نت” إن: “العملية السياسية في العراق معقدة، ومتشابكة، والعمل فيها يتطلب التسليم لشروطها”.

شروط تفرض نفسها

شروط لعل العاملين الجدد في الأحزاب السياسية “التشرينية” لا يمكن لهم تحملها أو الانسياق معها، لما يضعف حظوظهم ويجعلهم في خانة الفاسدين، لا سيما وأنهم حكموا على أنفسهم بذلك، بعد عدم اتفاقهم في تكوين جبهة قوية يستندون لها، ليصبحوا أفرادا ضعفاء وسط عملية تحاصصية، وفقا لعبد السلام.

ويرى أن “ما يحدث من انشقاقات وانسحابات داخل الحركات التشرينية، هو ليس إلا تمهيدا لحالة من الفوضى التي ستصاب بها هذه الأحزاب، لعدم امتلاكها إدارات متمرسة، وكوادر مدربة”، لافتا في الوقت ذاته إلى أنها “ستمثل حالة صحية تجاه بلورة أفكارهم وأحزابهم، حتى الوصول إلى حالة النضج السياسي”.

ويؤكد وفق رأيه أن “هذه الأحزاب إذا لم تتمكن من فرد الممارسات الشخصية، ومناهجها الحزبية العامة، فإنها ستحول من اسم “تشرين” إلى سُبة يلاحق بها كل من حملها ودافع عنها، لا سيما بظل خصوما متمرسين وبارعين في ابتداع الأكاذيب”.

هذا ومن المؤمل أن تمثل الأحزاب الجديدة عن حركة الاحتجاج، حالة ديمقراطية في ممارسة العمل السياسي في العراق، وأن تؤسس قاعدة جماهيرية يمكنها التفريق بين عمل الأفراد، وثبات الفكرة، وهذا ما سيقي الأحزاب “التشرينية” من التفكك والاندثار، كما يعتقد عبد السلام.

وأكد أن “هذه الأحزاب إذا لم تتمكن من فرد الممارسات الشخصية، ومناهجها الحزبية العامة، فأنها ستحول من اسم “تشرين” إلى سُبة يلاحق بها كل من حملها ودافع عنها، لا سيما بظل خصوما متمرسين وبارعين في ابتداع الأكاذيب”.

للمزيد: قوى تشرين والتيار الصدري: هل يشهد العراق تحالفاً ضد الجهات الرافضة لنتائج الانتخابات؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.