دفعت ظروف الحرب، وما تبعها من انهيار اقتصادي في سوريا، أدى إلى ازدياد نسبة الفقر، السوريين إلى البحث بشتى الوسائل عن فرص للعمل لتحسين أوضاعهم المعيشية، سواء كان ذلك في سوريا أو خارجها، وأيا كانت شروط العمل التي تعتبر غير مقبولة فيما لو كانت أوضاع السوريين الاقتصادية على طبيعتها.

هذه الظروف جعلت من السوريين، ضحية استغلال وابتزاز، من الدول، والشركات والمؤسسات الوهمية، وحتى مكاتب السفر التي تقوم بجلب عقود عمل مزورة وبيعها بأسعار باهظة الثمن، يضطر معها السوريون لبيع معظم مقتنياتهم لتأمين ثمنها.

وتعتبر ليبيا من الوجهات التي يسعى السوريون للسفر إليها، بسبب المغريات الشكلية لعقود العمل، وتسهيلات السفر من ناحية التأشيرات، لكن في نفس الوقت تعتبر بمثابة الفخ الأكبر الذي يقع فيه السوريون خاصة بعد وصولهم، للعمل أو حتى للهجرة على اعتبار ليبيا محطة عبور للسواحل الأوروبية.

عقود نصب واحتيال في ليبيا

يوم أمس الأحد، نقل موقع “هاشتاغ” المحلي، عن مواقع محلية في السويداء، مناشدة لإحدى الممرضات من المحافظة، والتي تطالب بإنقاذها وزميلاتها بعد أن علقن في ليبيا على خلفية السفر للعمل بموجب عقود ثبت لاحقا أنها عقود تنطوي على الاحتيال.

ونقلت مواقع التواصل الاجتماعي، عن الممرضة في رسالتها، أنها ذهبت إلى ليبيا بموجب عقد عمل براتب 700 دولار أميركي، والسكن والطعام على حساب المستشفى، لكنها فوجئت في البداية أن الراتب لا يعطى إلا في كل 3 أشهر، كما كان من المفترض حسب العقد أن تجلب كل ممرضة من تريد من عائلتها وعلى حساب وزارة الصحة الليبية.

وحسب الممرضة، فبعد وصولها وزميلاتها إلى ليبيا وجدن أن العقد مجرد احتيال، بعد أن تعرضن لعملية نصب بدفع كل واحدة منهن ما يزيد عن 1500 دولار، بعد بيع ما يملكنه، وتركهن لبيوتهن وأطفالهن في سوريا من أجل السفر والعمل.
وأوضحت الممرضة، أنها وزميلاتها لم يحصلن على أي رواتب منذ ثمانية أشهر، ويعشن في ظروف بالغة الصعوبة، ولا يمكنهن العودة إلى سوريا بسبب حجز جوازات سفرهن، وعدم وجود أموال لديهن.

إقرأ:هجرة واسعة للكوادر الطبية من سوريا.. ما الأسباب الحقيقية؟

الأوضاع الاقتصادية أفقرت القطاع الطبي في سوريا

تفاقمت هجرة الكوادر الطبية السورية، من أطباء وممرضين ومخبريين، إلى العديد من الدول نتيجة الأوضاع الاقتصادية السيئة التي يعانون منها، ولعدم وجود فرص عمل وأجور كافية لهم.

وحسب تقرير، لموقع “الحل نت”، نشر في وقت سابق، فإن ليبيا دخلت أيضا على خط استجرار عمالة التمريض والكوادر الفنية في الآونة الأخيرة، بعد العراق، حيث ان دول الخليج التي تشترط تعديل الشهادات للممرضين وتحتاج دوله إلى إتقان الإنكليزية، بخلاف العراق وليبيا اللتين تعترفان بالشهادة السورية.

وأشار التقرير، إلى أن تدفق كبير للأطباء في الآونة الأخيرة لأطباء التوليد من الخريجين الجدد، وتعتبر الصومال وليبيا والعراق واليمن أبرز وجهاتهم،حيث يتراوح راتب الطبيب منهم بين 2000 – 3000 دولار شهريا، بينما تتراوح رواتب التخصصات النادرة كجراحي الصدر والعظام والعمود الفقري، وأطفال الأنبوب ما بين 20 – 30 ألف دولار شهريا.

ولفت التقرير، إلى أن هناك 300 طبيب سوري في الصومال، مقابل حوالي 1000 طبيب في العراق، وهو عدد ليس بالقليل، رغم أنه لا يؤثر على العمل الطبي في بعض التخصصات داخل سوريا. لكنه يؤثر في تخصصات أمراض الأوعية الدموية والصدر والجهاز العصبي والرئوي، بينما محافظة حلب لديها ثلاثة أطباء صدرية فقط ونفس العدد من جراحي الأوعية الدموية، وهو عدد ضئيل للغاية.

كما نقل “الحل نت”، عن الطبيب السوري ماهر الزعبي، المدير الإداري ومسؤول التواصل في مشفى الجيزة، إلى أن البيانات المتعلقة بأزمة الهجرة في سوريا تقدر بأن حوالي أكثر من 25 ألف طبيب غادروا البلاد منذ بداية الأزمة في عام 2011.

عقود حراسات تحت مسميات مدنية

لم يقتصر استغلال السوريين خلال السنوات الأخيرة على الكوادر الطبية والأكاديمية، فهناك نوع آخر ينطوي على استغلال دول للشبان السوريين، خاصة من مقاتلين سابقين في فصائل المعارضة السورية، ممن قاموا بالدخول في المصالحات مع الحكومة السورية.

ففي مرحلة ما بعد المصالحات وجد معظم هؤلاء الشبان أنفسهم دون أي عمل، مع تردي الأوضاع الاقتصادية، ما دفع بعضهم للهجرة أو الهروب خارج البلاد، فيما التحق بعضهم بقوات غير نظامية نظمتها روسيا خلال العامين الأخيرين، ونقلتهم إلى ليبيا تحت مسمى حراسات للمنشآت النفطية الليبية.

وحسب معلومات، حصل عليها موقع ” الحل نت”، فإن قيادة القوات الروسية في قاعدة حميميم، قامت بالتنسيق لاجتذاب هؤلاء الشبان بالتعاون مع فرع الأمن العسكري، وبواسطة بعض المتعاملين معهم من قيادات الفصائل السابقة.

وتشير المعلومات إلى أن هؤلاء القياديين يقومون بتسجيل أسماء الراغبين بالسفر إلى ليبيا، ثم يتم نقلهم إلى مقر قيادة الفرقة 18 دبابات في ريف حمص الشرقي، ليخضعوا لدورة تدريبية مدتها نحو شهر، وبعد ذلك يتم توقيع العقود معهم لسنة أو ستة أشهر.

وتؤكد المعلومات التي حصل عليها “الحل نت”، من مصدر خاص، أن العقود كانت تنص على راتب شهري قدره 1000 دولار شهريا، وتعويض قدره 25 ألف دولار لعائلة المنتسب للحراسات، في حال وفاته أو مقتله خلال تأدية عمله.
ويوضح المصدر، أن الظروف الاقتصادية دفعت بالشبان إلى هذا العمل، مع أن معظمهم غير راغبين فيه، ولكن مستوى الفقر الذي وصل إليه الناس كان هو الأقوى.

قد يهمك:استاذٌ جامعي في سوريا يُعلن استعداده للقتال في ليبيا بسبب الأزمة الاقتصادية

لم تتوقف محاولات السوريين، سواء كانوا أكاديميين أم لا، حتى الآن عن محاولات السفر والهروب من الواقع الاقتصادي المتردي على الرغم من المخاطر وعمليات الاحتيال التي يتعرضون لها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.