متحور أوميكرون في إدلب: هل تتمكن المنظمات المدنية من وقف انهيار القطاع الصحي؟

متحور أوميكرون في إدلب: هل تتمكن المنظمات المدنية من وقف انهيار القطاع الصحي؟

انتشر متحور أوميكرون في إدلب، ليشكل ما نسبته  خمسة وستين بالمئة من مجمل عدد الاصابات بوباء كورونا في شمال غرب سوريا، بحسب مديرية الصحة في إدلب.
 وأوضحت المديرية أن “نتائج التنميط الجيني أظهرت وجود المتحور الجديد أوميكرون في العينات التي اخذت من نحو سبعين بالمئة من سكان شمال سوريا، ممن اصيبوا بوباء كورونا، وخضعوا للتنميط الجيني”. ولفتت المديرية إلى أن هذه النسبة “تمثل مدى انتشار المتحور، المعروف بسرعة انتشاره مقارنته بغيره من المتحورات. وهو ما يفسر سبب ارتفاع الإصابات المتزايد بين السكان خلال الاسابيع الماضية”.
ونصحت المديرية السكان المحليين بـ”الالتزام بالإجراءات الوقائية، والمبادرة الفورية لأخذ اللقاح. وذلك للتخفيف من آثار أي ذروة إصابات جديدة، قد تضرب المنطقة في قادم الأيام”.
بدورها حذرت منظمة منسقو الاستجابة في شمال سوريا من ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا ومتحور أوميكيرون  في إدلب، وشمال غرب سوريا عموما. فما الوضع الوبائي الفعلي في المحافظة الشمالية؟ وهل تملك المؤسسات الصحية فيها الإمكانية للتصدي للانتشار الكبير للمتحور الجديد؟

“الوضع مأساوي في إدلب مع انتشار متحور أوميكرون”

الطبيب يحيى نعمة، رئيس دائرة الرعاية الصحية الثانوية، ومسؤول ملف كورونا، قال لـ”الحل نت”: “نعيش اليوم أصعب إحساس بالعجز. يموت المرضى أمام أعيننا، دون أن نتمكن من إيجاد شواغر في غرف العناية المركزة. وسط نقص أجهزة التنفس”. مؤكدا أن “أعداد الإصابات في  تزايد مستمر، والأمور خرجت عن السيطرة”.
ويضيف نعمة أن “الوضع مع انتشار متحور أوميكرون في إدلب مأساوي. والمؤسسات الصحية على شفير الانهيار. وموارد الحماية الطبية، من أقنعة ومواد تعقيم، شحيحة جدا. والوفيات والإصابات اليومية في ارتفاع كبير”.
مشيراً إلى أن “المستشفيات تغص أصلا بمرضى متحور دلتا. وجاء متحور أوميكرون في إدلب ليزيد الطين بلة. ووصلنا إلى الطاقة الاستيعابية القصوى. الأزمة الصحية تتفاقم هنا، ومئات المصابين بحاجة للأوكسيجين،  كما نفدت المسحات الخاصة بفحص كورونا”.
بدوره حذّر الدفاع المدني السوري، في بيان  نشره الأسبوع الماضي، من “ارتفاع أعداد الوفيات والإصابات بفيروس كورونا في شمال غرب سوريا”.
وقال إن “الجهات الصحية سجلت حتى الآن أكثر من اثنين وسبعين ألف إصابة، ونحو ألف ومئتين حالة وفاة، مع توقعات بارتفاع كبير في أعداد الوفيات، في ظل إشغال كافة أسرّة العناية المركزة، والنقص الحاد في الأوكسجين”.

“انتشار متحور أوميكرون في إدلب يحدث على صورة انفجارات”

الطبيب نعمة يوضح أن “الانتشار السريع للفيروس، وخاصة متحور أوميكرون في إدلب، يحدث على شكل انفجارات. أي بمعنى أن منطقة بأكملها من الممكن ان تصاب بالفيروس خلال يوم واحد، أو عدة أيام”.
متابعا: “ما لاحظناه وجود جيوب للوباء. على سبيل المثال هناك مخيمات ينتشر فيها الفيروس بشكل سريع جدا. وهذا الأمر يؤكد أن سكان هذه المخيمات لم يصابوا من قبل بالفيروس، طوال فترة انتشاره الماضية في الشمال”.
وحول فعالية اللقاحات المتوفرة في مواجهة انتشار متحور أوميكرون في إدلب يؤكد نعمة: “الحديث حالياً عن أي لقاح لم يعد بالأمر اليسير، ولم يعد يفيد أصلاً. لكون الفيروس ينتشر بشكل هائل”.
وسبق أن تلقى الشمال السوري دفعات من لقاحات كورونا، عبر بعض المنظمات الدولية، إلا أن تلقي تلك اللقاحات بقي محصورا في فئات معينة، مثل العاملين في المجال الطبي والتعليمي. مع عدم وجود جرعات كافية من أجل تلقيح كافة المواطنين.
وبحسب وحدة تنسيق الدعم، المسؤولة عن تسجيل مسار الوباء في مناطق الشمال السوري، بلغ عدد الإصابات بالفيروس 32438 حالة، منذ بدء انتشار الوباء في الشمال السوري العام الماضي. كما بلغ عدد حالات الشفاء من الفيروس 32879 حالة.

مسؤولية القوات النظامية وحلفائها عن الانهيار الصحي في إدلب

ونظرا لسوء الوضع وتفاقم انتشار متحور أوميكرون في إدلب، قررت منظمات عاملة في الشمال السوري، بالتعاون مع منظمة الدفاع المدني، وفريق ملهم التطوعي، ومنظمة  بنفسج،  ومجموعة من الأطباء والإعلاميين، إطلاق حملة  “نفس”، لمنع انهيار القطاع الصحي في شمال غرب سوريا.  
وتهدف الحملة، في مرحلتها الأولى، لتأمين ألف عبوة أوكسجين، إضافة إلى المعدات الطبية اللازمة لمصابي متحوري دلتا وأوميكرون. كما أطلق فريق  ملهم التطوعي حملة تبرع، لجمع مبلغ خمسين ألف دولار، لشراء أجهزة تنفس. وقامت منظمة  بنفسج  بحملة إغاثية، لمساعدة المتضررين من انتشار متحور أوميكرون في إدلب والشمال السوري. 
وجاء في بيان إطلاق حملة نفس: “الكارثة، التي تهدد حياة أكثر من أربعة ملايين مدني في شمال غرب سوريا، بينهم أكثر من مليون ونصف يعيشون في المخيمات، لم تكن مفاجئة، بل كانت متوقعة. بسبب الاستنفاذ الكبير للقطاع الطبي، واستهدافه المباشر من قبل قوات الحكومة السورية وروسيا، وتدمير بنيته التحتية، وغياب الخدمات الأساسية، وصعوبة تطبيق إجراءات التباعد الاجتماعي، لاسيما في المخيمات”. 

مقالات قد تهمك: منظمات إنسانية تتهم “حكومة الإنقاذ” بالتسبب في تزايد إصابات كورونا بإدلب

وبحسب البيان فإن “العجز الحاصل في الاستجابة لانتشار متحور أوميكرون في إدلب والشمال السوري يرجع إلى النقص الكبير في أسرّة العناية المشددة، البالغ عددها مئة وثلاثة وسبعين سريرا فقط. في حين يبلغ عدد المنافس مئة وسبعا وخمسين منفسة. وهو عدد قليل، لا يغطي التفشي الكبير للإصابات، الذي يتجاوز متوسطه ألفان ومئتي حالة في اليوم”.
وقالت الحملة إن “النقص الحاد في الأوكسجين يتجاوز نسبة خمسين بالمئة من الاحتياجات، البالغة 2156 عبوة أوكسجين سعة أربعين ليترا. لا يتوفر منها سوى 1078 عبوة فقط”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.