ملف الجهاديين الأجانب بإدلب: ضعف أمني أم تواطؤ من قبل “الأمير الكبير”؟

ملف الجهاديين الأجانب بإدلب: ضعف أمني أم تواطؤ من قبل “الأمير الكبير”؟

ملف الجهاديين الأجانب بإدلب ما يزال يثير كثيرا من الجدل والتحليلات. فقد مهدت الإخفاقات الأمنية في مناطق شمال غرب سوريا الطريق أمام عديد من المدرجين على قوائم الإرهاب الدولية للتنقل والإقامة في تلك المنطقة، التي يسكن فيه حوالي خمسة مليون شخص. ما بين سكان أصليين ونازحين من مختلف المناطق السورية.
وفي غضون ستة عشر شهرا قتلت القوات الأمريكية زعيمي تنظيم داعش، أبو بكر البغدادي وعبد الله قرداش، بريف إدلب الشمالي. وتتشابه العمليتان من حيث الخطة والتنفيذ والمستهدفين في التنظيم.
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد أعلن في مؤتمر صحفي مقتل قرداش في عملية إنزال أميركية. واللافت في تصريحاته القول إن “العملية استغرق الإعداد لها عدة أشهر”. مما يدل أن قرداش كان يقيم في المنطقة منذ مدة طويلة. الأمر الذي يحمّل سلطات الأمر الواقع فيها مسؤولية الخروقات الأمنية، وتواجد الجهاديين الأجانب في إدلب.
ويرجّح متابعون لشؤون المنطقة أن قادة هيئة تحرير الشام كانوا على علم مسبق بمكان إقامة قرداش، ويخضعونه لرقابة شديدة.
وتسيطر هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) على مناطق إدلب، وانفردت بحكمها بعد إخراج آخر الفصائل المعارضة منها، في الربع الأخير من عام 2019.
وعلى الرغم من وجود وحدة للمهام الخاصة في وزارة الداخلية ما يسمى “حكومة الإنقاذ”، التابعة للهيئة، إلا أن تدفق الجهاديين الأجانب إلى إدلب ما يزال مستمرا. ويلاحظ بين الحين والآخر استهداف جهات متعددة للجهاديين في المنطقة، وبمختلف الوسائل، مثل الطائرات المسيرة أو الاغتيال المباشر. مما يبقي المنطقة في حالة توتر دائم.

قوى الأمر الواقع غير قادرة على منع وجود الجهاديين الأجانب في إدلب


خبير عسكري، فضل عدم ذكر اسمه، قال  لـ”الحل نت” إن “هيئة تحرير الشام غير قادرة على تأمين المنطقة أمنيا، ومنع وجود الجهاديين الأجانب في إدلب. بسبب انتشار شبكات التهريب، ووفرة المتعاونين مع جميع أطراف السيطرة الميدانية. وبسبب هذه الثغرة فإن عملية ضبط الحدود الداخلية بين قوى الأمر الواقع صعبة للغاية».
ويُعتقد أن اختيار قيادات داعش لريف إدلب ملاذا لهم يعود لقرب المنطقة من الحدود التركية، التي نادرا ما تشهد قصفا من قبل القوات النظامية، أو حلفائها الروس والإيرانيين. إلى جانب سهولة ذوبان الجهاديين الأجانب بين ملايين النازحين.
من جهته يبيّن نوار شعبان، الخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية في مركز عمران للدراسات، أن “الواقع الأمني يختلف من منطقة لأخرى في شمال سوريا، ولكل منها تحدياتها الخاصة. وبخصوص مناطق إدلب بالتحديد فإن هيئة تحرير الشام دائما ما تترك هامشا من انعدام الأمن. كي يشعر الناس هناك بالحاجة لجهاز أمني قادر على ضبط الأوضاع”.
مضيفا، في حديثه لـ”الحل نت”، أن “الهيئة أنشأت عام 2020 جهاز الأمن العام. وادعت أن مهامه ملاحقة خلايا داعش والجهاديين الأجانب».

شبكات تهريب قوية وأنظمة أمنية رخوة

وفيما بتعلق بتنقّل الجهاديين الأجانب من مناطق شرق سوريا، وتحديدا البادية السورية، إلى المناطق الشمالية الغربية، وخاصة محافظة إدلب، يرى شعبان أن “السبب يعود لفشل المنظومة الأمنية في مناطق سيطرة قوى الأمر الواقع. وفي الغالب فإن قرداش عبر حواجز عديدة، في طريقه إلى دلب، قد يكون أحدها تابعا للميلشيات الإيرانية. وعموما هناك شبكات تهريب من المرتزقة، الذين لا ينتمون لأي من قوى الصراع. قادرة على تهريب أي شخص كان بمقابل مادي مجزٍ».
ويشدد الخبير الأمني على أن “قطاع إدلب يسكنه ما بين 70 و80 بالمئة من النازحين السوريين. ولا يوجد في تلك المنطقة نظام مراقبة للإيجارات، وجنسية المستأجرين. كما يصعب التعرف على الجنسية الحقيقية للوافدين، بسبب تشابه اللهجات بين أهالي المناطق الشرقية السورية والمناطق العراقية بالضفة المقابلة”.

جهاديون أجانب في شمال غرب سوريا برعاية “الأمراء الكبار”

وحول مدى انتشار الجهاديين الأجانب في إدلب وشمال غرب سوريا عموما يقول شعبان: “ما أثار انتباهي في العملية الأخيرة، التي استهدفت قرداش، زعيم تنظيم داعش، أن كثيرا من المتابعين في البداية ظنوا أن العملية كانت موجهة ضد المدعو أبو حسام البريطاني، أحد الجهاديين الأجانب. لكن الأخير سرعان ما بث فيديو من منزله في مدينة أعزاز، الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة الموالية لتركيا، ليعلن عدم صحة هذا».
واستنكر الخبير الأمني “وجود شخص مثل أبو حسام البريطاني في أعزاز. فهذا يعتبر خطرا على المدينة وسكانها. ومن غير المفهوم تجاهل الجيش الوطني المعارض لهذه الثغرة الأمنية”.  

مقالات قد تهمك: اغتيال عبد الله قرداش: هل كانت “تحرير الشام” وتركيا تجهلان وجود زعيم داعش في إدلب؟

وبالتزامن مع التحليلات والأقاويل، التي انتشرت بعد مقتل قرداش. تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو، يحمل شعار وكالة إباء الإخبارية، المقربة من هيئة تحرير الشام، لمعتقل من تنظيم داعش، يعترف بتسلل أعضاء التنظيم إلى إدلب، بعد دفع مبالغ كبيرة لـ”الأمير الكبير”، حسب قوله. في إشارة إلى قائد هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني. فضلا عن تأكيده على أن “الأمر معروف للجميع”. وهو ما اعتبره كثير من المراقبين تفسيرا واضحا لوجود الجهاديين الأجانب في إدلب.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.