تضم سوق دمشق للأوراق المالية 27 شركة مساهمة عامة، تنتمي لعدة قطاعات، أبرزها القطاع المصرفي الذي يحتوي على 14 مصرف، وقطاع التأمين 6 شركات، بينما يضم قطاع الخدمات شركتان، وقطاع الصناعة شركتان، كذلك قطاع الاتصالات يضم أيضا شركتان، أما القطاع الزراعي فيضم شركة وحيدة هي “نماء” (الشركة الهندسية الزراعية للاستثمار).

وللدخول إلى أي سوق أوراق مالية والاستثمار فيها، يجب فتح حساب لدى ما يسمى بـ “شركة وساطة مالية”، حيث تقوم هذه الشركة بلعب دور الوسيط بين المستثمر والشركات المدرجة في السوق، وتتقاضى هذه الشركة عمولة مقابل خدماتها التي تقدمها بتنفيذ أوامر الشراء والبيع، ويتبع لسوق دمشق 8 شركات وساطة مالية.

المصارف في سوق الأوراق المالية

المدير التنفيذي لسوق دمشق للأوراق المالية، عبد الرزاق قاسم، قال مؤخرا، أنه سيتم إدراج شركات جديدة في سوق الأوراق المالية خلال العام الحالي 2022، وقال أن أداء الشركات المدرجة دعم السوق في العام الماضي، كما توقع أن يساهم قطاع المصارف بمرحلة إعادة الإعمار بشكل كبير من خلال تجميع المدخرات وإعادة فرزها في عملية إعادة الإعمار.

وقد أرجع المدير التنفيذي للسوق استحواذ قطاع المصارف على أعلى قيمة تداول إلى أن قطاع المصارف في سوريا استطاع التأقلم مع ظروف الحرب، وأضاف أن القطاع المصرفي اتجه نحو عمليات الإقراض الداخلي بشكل كبير واحتفظ بمحافظ القطع الأجنبي.

يأتي هذا التصريح بعدما ارتفعت موجودات قطاع المصارف بنسبة 88 بالمئة، وارتفعت الأرباح بنسبة 66 بالمئة خلال العام 2021.

من جهته قال الباحث خالد المحمد لـ “الحل نت” على خلفية سؤاله حول تصريحات المدير التنفيذي لسوق دمشق، بأن الأرباح المصرح عنها هي أرباح تضخمية نتيجة لانخفاض قيمة الليرة السورية وأن أغلب السوريين لا يتجهون للإيداع في المصارف السورية، إلا في حالة إجبارهم على ذلك من خلال معاملات متعلقة بالدولة تطلب بيان مصرفي.

أما عن مساهمة المصارف السورية في مرحلة إعادة الإعمار فقد أردف المحمد قائلا بأن المصارف تفتقر للخبرة والملاءة المالية لتمويل مشاريع ضخمة تتعلق بإعادة الإعمار، وأن سيطرة أصحاب النفوذ هم من يسيطرون على المصارف مما يقلل من مساهمة السوريون بنسبة كبيرة في بناء وطنهم.

بين التأسيس وغياب الشفافية

تأسست سوق دمشق للأوراق المالية بعد 6 سنوات من استلام الرئيس بشار الأسد للسلطة، وذلك عندما أصدر مرسوما تشريعيا عام 2006م برقم 55 يقضي بإنشاء سوق دمشق للأوراق المالية، ولكن تم افتتاح السوق بعد ثلاث سنوات من المرسوم وذلك في عام 2009، لترتبط سوق دمشق للأوراق المالية بـ “هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية” وتعمل تحت إشرافها.

تتمتع سوق دمشق للأوراق المالية بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، وتملّكها للأموال المنقولة وغير المنقولة وحق التصرف بها، والقيام بجميع التصرفات القانونية لتحقيق أهدافها ومقرها العاصمة دمشق، وذلك بحسب ما جاء في نص المرسوم.

وكان الهدف من تأسيس سوق دمشق تنظيم جميع العمليات المتعلقة بإصدار وطرح وتداول وتسوية وانتقال ملكية الأوراق المالية.

زادت قيمة التداولات في سوق دمشق للأوراق المالية لعام 2021 بنسبة 1500 بالمئة عن العام 2020، حيث بلغت قيمة التداولات في العام 2020 ما مجموعه 22 مليار ليرة سورية أي ما يقارب 7.8مليون دولار، و في العام المنصرم شهدت السوق أداء وصف بـ “التاريخي” وفق وسائل إعلام محلية، حيث بلغ مجموع التداول في السوق 351 مليار ليرة سورية أي ما يقارب 97.5 مليون دولار.

وعن عدد الأسهم في سوق دمشق عام 2020 فقد وصل إلى 29 مليون سهم، أما في عام 2021 فقد وصل عدد الأسهم في السوق إلى 114 مليون سهم بحسب بيانات سوق دمشق للأوراق المالية، وارتفع مؤشر سوق دمشق للأوراق المالية 118 بالمئة، ولكن يبقى التداول في سوق دمشق مقتصر على السوريين، أي أن السوريين هم فقط من يحركون السوق التي تفتقر للاستثمارات والمساهمات الأجنبية.

تعاني اليوم سوق دمشق للأوراق المالية بالمقام الأول من عدم استقرار أسعار الصرف والذي ينعكس عليها سلبا من خلال التخبط الحاصل لدى المستثمرين فيها، وحالة عدم اليقين التي يعانون منها فيما يتعلق بالدخول أو الخروج من السوق، وفي الفترة الأخيرة عكفت السوق على عدم نشر بيانات مفصلة تتعلق بالصفقات ونسب الملكية الموجودة في الشركات، وقد انعكس ذلك على المستثمرين من خلال إحجامهم عن الاستثمار في السوق لعدم تحقيقها للشفافية المطلوبة في الأسواق المالية، في حين يأتي عدم إعلان سوق دمشق عن بعض البيانات وأسماء أصحاب الصفقات، لعدم تعريض تلك الأسماء للعقوبات الغربية.

واقع القطاع المصرفي المتعثر

يأتي واقع القطاع المصرفي مغايرا لما صرح به المدير التنفيذي لسوق دمشق، حيث أن المصارف العامة والخاصة تعاني من آليات الرقابة الخانقة من قبل الحكومة السورية، والهيمنة الشخصية عليها من قبل أشخاص في رأس السلطة في سوريا.

لقد كانت نظرة المستثمرين العرب والأجانب لمستقبل سوريا المصرفي قبل عام 2011 نظرة واعدة في بلد يعتبر ناشئا مصرفيا مثل سوريا، وقد عكفت أغلب المصارف الخاصة بعدم الخروج من سوريا خلال فترة الحرب لنظرتها المستقبلية بصعوبة عودتها إذا ما تم إغلاقها، فضلا عن حجم النفقات الكبيرة التي تم إنفاقها خلال الفترة الماضية ووصول المصارف إلى هذه المرحلة من الانتشار والسمعة السوقية التي وصلت إليها.

كذلك كان لطرح ملف إعادة الإعمار على مستوى دولي وانخفاض وتيرة الحرب وتسوية الكثير من المناطق في سوريا دور أيضا في عدم إغلاق تلك البنوك لما تتطلع إليه للمساهمة في ملف إعادة الإعمار كبنوك موجودة وفاعلة في الاقتصاد السوري، ولكن الوصول إلى مرحلة إعادة الإعمار في سوريا مرهونة بتسوية سياسية على مستوى الدول المتدخلة في الملف السوري، مما يصعب الوصول إلى مرحلة إعادة الإعمار واستفادة البنوك منها في المنظور القريب.

يمكن أن يأتي سبب بقاء المصارف في سوريا، انطلاقا من الاستفادة من عمليات المضاربة على العملة السورية مقابل العملات الأجنبية والتي كانت تتم بطريقة أو بأخرى، فتكلفة إعادة الإعمار تحتاج إلى ما هو أكبر من مساهمة مصارف محلية أو إقليمية كالمصارف الموجودة في سوريا، حيث قدّرت تكلفة إعادة الإعمار في سوريا إلى ما يقارب 400 مليار دولار وتعتبر بعض الدراسات أن هذا الرقم متواضع أمام التكلفة الحقيقية لإعادة الإعمار في سوريا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.