تبرع التنظيمات الراديكالية، سواء كانت إسلامية أم غير إسلامية، بالأمور المتعلقة بالتنقل عبر الدول والتخفي والتنسيق في عملها، وسهولة وصول عناصرها وقياداتها للجهات التي تسهل أعمالها، كمروجي الأوراق المزورة وغيرها.

ويعتبر تنظيم داعش من أوائل هذه التنظيمات التي حرصت على تدريب عناصرها على مختلف العمليات الأمنية والعسكرية بشكل كبير، ليكونوا مؤهلين للوصول إلى الأماكن التي يريدون، وتنفيذ هجمات تصب في سياق فكر التنظيم وأهدافه.

وقد استفاد عدد كبير من عناصر وقيادات التنظيم، من الجنسيات العربية والأجنبية من إخفاء جوازات سفرهم الأصلية، أو استخدام جوازات سفر مزورة عند مجيئهم للعراق وسوريا في عامي 2013،و2014 عند الإعلان عن قيام دولة التنظيم.

الذئاب المنفردة وجوازات السفر المزورة

يطلق مصطلح الذئاب المنفردة على الاستراتيجية التي تبناها تنظيم داعش بعد الإعلان عن القضاء عليه في العراق وتفكيك مناطق سيطرته عام 2017، وتقوم هذه الاستراتيجية على شن هجمات منفردة من عناصر التنظيم دون التنسيق مع قيادته.

ويستفيد هؤلاء المقاتلون من الكتيبات التي أتاحها لهم التنظيم والتي تشرح كيفية صنع المتفجرات بأنواعها، وخاصة الأحزمة الناسفة، وحقائب الظهر شديدة الانفجار، وصناعة المتفجرات التي تعمل بأجهزة التحكم عن بعد، وشرح للاختباء من الكاميرات الحرارية وطائرات التجسس العادية.

وقال مرصد الأزهر، في تقرير نشره موقع اليوم السابع يوم أمس، أن عددا كبيرا من مقاتلي التنظيم تمكنوا من التسلل إلى مجتمعات آمنة باستخدام جوازات سفر مزورة، تمكنهم من الدخول إلى الدول الأوربية والولايات المتحدة.

ونقل المرصد عن تقرير لصحيفة الغارديان، نشر في نهاية الشهر الماضي، أن هناك رواجا عبر الإنترنت لتوفير جوازات سفر مزورة بها تأشيرات وأختام سفر رسمية، تتيح للأشخاص الذين تربطهم علاقة بتنظيم داعش الإرهابي فرصة السفر إلى المملكة المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وكندا، والولايات المتحدة. ووفقا للتحقيق الصحفي الذي أجرته “الغارديان”، فإن بائعي هذه الجوازات المزيفة يزعمون أن الاتحاد الأوروبي هو الوجهة الأكثر شيوعا.

وأكد تحقيق “الغارديان”، أن بعض الأشخاص تمكنوا من السفر إلى المكسيك بجوازات سفر روسية مزورة، ثم عبور الحدود بشكل غير قانوني إلى الولايات المتحدة، كما أفادوا أن النيجر وموريتانيا وأوكرانيا وأفغانستان هي أيضًا وجهات شائعة لهؤلاء الأشخاص.

إقرأ:مقتل خليفة آخر .. ما الذي يربط بين بن لادن والبغدادي والقريشي؟

اختفاء لعناصر التنظيم وآلات لطباعة الجوازات من العام 2015

يشير تقرير مرصد الأزهر، إلى أن من أبرز النقاط التي حيَّرت الباحثين والمتابعين مسألة الاختفاء المفاجئ لهؤلاء المقاتلين بعد إعلان رئيس وزراء العراق حيدر العبادي القضاء على داعش أواخر عام 2017.

وكان مسؤولون أمنيون غربيون في عام 2015، حذروا من أن تنظيم داعش نجح في الحصول على معدات مهمة مثل دفاتر جوازات السفر الفارغة، وطابعات لتصنيع جوازات سفر سورية وعراقية، والتي استخدمها لإخفاء عناصر تابعين له بين أكثر من مليون شخص فروا من جحيم الحرب في العراق وسوريا وتوجهوا إلى أوروبا خلال ذروة أزمة اللاجئين.

ويتحدث التقرير عن تبني تنظيم داعش الإرهابي العديد من الهجمات الإرهابية في أنحاء قارة أوروبا بعد مدة وجيزة من هذا التاريخ، بما في ذلك هجمات باريس التي وقعت خلال شهر نوفمبر 2015، وكان أشدها تأثيرا الهجوم على مسرح باتاكلان في باريس الذي راح ضحيته نحو 130 شخصا، وأصيب أكثر من 400 شخص، وكذلك تفجير مانشستر في عام 2017، وغيرهما من الهجمات الإرهابية.

داعش هدف عالمي في الحرب على الإرهاب

يشدد تقرير مرصد الأزهر، على أن قضية تزوير جوازات السفر، هي مسألة محورية وحيوية للغاية، متعلقة بدول العالم أجمع، حيث تيسر لعناصر هذه التنظيمات الإرهابية التسلل إلى البلدان والمجتمعات الآمنة، وإحداث فوضى ودمار، وهو ما يتطلب تعاونا وثيقا بين جميع دول العالم على جميع المستويات، الأمنية والسياسية والقانونية وغيرها، من أجل الحد من هذا التهديد الخطير، ومحاولة المساهمة في تحقيق مستوى أعلى من السلم والاستقرار على مستوى العالم.

وتعمل دول العالم، وخاصة التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة، على ملاحقة كل قيادات وعناصر تنظيم داعش أينما وجدوا، وكانت العملية الأخيرة للتحالف استهداف زعيم التنظيم أبو إبراهيم القريشي.

وكان موقع “الحل نت”، تابع من خلال عدة تقارير مقتل القريشي، والذي قتل في منزل في قرية أطمة الحدودية شمال سوريا، خلال هجوم نفذته وحدة خاصة أميريكية على المنزل الذي كان يتردد إليه.

ويعمل التحالف على محاولة الكشف عن قيادات وعناصر التنظيم، حتى من يحمل منهم ثبوتيات مزورة، وهذا ما ساعد التحالف في النجاح بالقضاء على عدد منهم.

وكان الباحث الأردني في شؤون الجماعات الإسلامية، حسن أبو هنية، قال لموقع “الحل نت”، أن تنظيمي القاعدة وداعش، يتعرضان لملاحقة كبيرة، منذ أحداث 11 أيلول / سبتمبر، وهي ملاحقة استخباراتية، وأمنية، وعسكرية مكثفة، من دول العالم، وعلى رأسها الولايات المتحدة، وهنا التعامل ليس مع دول محلية فقط، إنما مع دول كبرى.

قد يهمك:ما الرابط بين هجوم “داعش” على الحسكة وعملية اغتيال قرداش في إدلب؟

حرب عل الإرهاب أعلنتها الولايات المتحدة منذ أحداث أيلول / سبتمبر ولا تزال مستمرة حتى الآن، سخرت لها الإدارات الأميريكية المتلاحقة ميزانيات ضخمة، وتشن بتحالفات دولية كبيرة، حرب أطلقت يد الولايات المتحدة لتطال هذه الجماعات في أي مكان تتواجد فيه، فيما تعمل التنظيمات المتطرفة على إدارة طريقتها في الحرب بوسائلها المتاحة والمتجددة في محاولة للتخلص من الملاحقة العالمية لها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.