في خضم الأزمة العالمية التي سببها الغزو الروسي لأوكرانيا، جاءت تلك الحرب لتعكر أجواء العلاقات الروسية الإسرائيلية، وذلك بعد أن شهدت العلاقات بين الجانبين تفاهمات عديدة خلال الأشهر الماضية، إلا أن إعلان إسرائيل موقفها من الغزو الروسي، دفع بموسكو إلى إعادة حساباتها مع إسرائيل.

توتر روسي إسرائيلي بسبب أوكرانيا

وعقب البيان الإسرائيلي بدعم تل أبيب لـ“وحدة أراضي وسيادة أوكرانيا“، في مواجهة الغزو الروسي، ردت روسيا الأربعاء لإعلانها “عدم الاعتراف بالاحتلال الإسرائيلي لمرتفعات الجولان السورية“.

ووصفت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلي التصريحات الروسية بأنه جاء “كرسالة احتجاج من موسكو إلى تل أبيب” نتيجة الموقف الإسرائيلي الأخير من الحرب على أوكرانيا.

وحول التفاصيل، ذكرت “هآرتس“، أنه في “إحاطة شهرية حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في مجلس الأمن الدولي، الأربعاء، هاجم نائب سفير روسيا لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي، إسرائيل وأكد موقف روسيا بعدم الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، وأنها جزء لا يتجزأ من سوريا“.

قد يهمك:غارات إسرائيلية لمصلحة موسكو في سوريا.. هل يزداد التصعيد ضد إيران؟

وعلى أثر ضغوط من الإدارة الأميركية ونواب من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في «الكونغرس»، ومطالب مباشرة من كييف، أصدرت الحكومة الإسرائيلية قبل يومين موقفا قريبا من الغرب، ولكن من دون توجيه انتقادات لروسيا؛ فأعلنت أنها «تدعو إلى الحفاظ على وحدة أراضي أوكرانيا»، وأنها «تأمل أن يوجد حل دبلوماسي يقود إلى الهدوء».

ويراقب محللون عن كسب مستقبل العلاقات الروسية الإسرائيلية، ومدى تأثير الغزو الروسي على العلاقات بين الجانبين، لا سيما بعد أن جمعتهما علاقات جيدة خلال الفترة الأخيرة، لا سيما فيما يتعلق بالملف السوري والاتفاق غير المباشر ربما بشأن تحجيم النفوذ الإيراني في سوريا.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي حسام نجار أن التصريحات الأخيرة المتبادلة بين روسيا وإسرائيل، هي متوقعة في ظل الهجوم الروسي على أوكرانيا، مؤكدا بالوقت ذاته إلى أن المصالح التي تجمع الطرفين تمنعهما من التصعيد السياسي خلال الفترة الراهنة.

ويقول نجار في حديثه لـ“الحل نت“: “من المعلوم أن هناك توافق وتعاون مستمر بين اسرائيل وروسيا هذا التعاون مستمر ومتواصل في سوريا وغيرها وتمتلك اسرائيل لوبي كبير داخل الكرملين والحكومة الروسية وإيقاف التعاون بينهما أو التصريحات المضادة لا يعول عليها في الوقت الحالي“.

ويعتقد نجار أن إسرائيل كان لا بد لها من إعلان موقف يعارض الغزو الروسي، وذلك حتى لا تتعارض سياسة تل أبيب، مع سياسة حليفتها الأبرز في العالم وهي الولايات المتحدة الأميركية، إضافة إلى أن أوكرانيا تحوي جزء كبير من اليهود الذين يحملون الجنسية الأوكرانية ويعيشون فيها.

وحول مستقبل العلاقات الروسية الإسرائيلية يوضح نجار قائلا: “حديث الروسي متجدد حول عدم اعتراف روسيا بالسيادة الإسرائيلية فقد تم التصريح به في عدة مناسبات، وبعد انتهاء أزمة أوكرانيا ستعود المياه لمجاريها كما كانت لأن المصالح هي التي تحكم تلك العلاقات ومصالحهما متشابكة وعديدة”.

وشكّل الملف السوري مؤخرا نقطة تقارب بين روسيا وإسرائيل، لا سيما مع توسع النفوذ الإيراني، ورغبة الجانبين في تقويض هذا النفوذ من خلال التعاون والتنسيق بين الجانبين.

لقاء بوتين وبينت نقطة تحول

وكان الخطاب الروسي اتخذ منعطفا جديدا إزاء هجمات إسرائيل، منذ لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت أواخر شهر تشرين الأول /أكتوبر الماضي، إذ كانت روسيا قبل ذلك اللقاء دائما ما تعلن عن التصدي للصواريخ الإسرائيلية، مع ذكر تفاصيل الأسلحة المستخدمة، إلا أن موسكو غيرت من استراتيجيتها مع بدء قصف إيران في مناطق الساحل السوري.

روسيا لن تقف بوجه إسرائيل

الكاتب المختص بالشأن الروسي طه عبد الواحد، أكد خلال حديث سابق لـ“الحل نت” أن روسيا لن تذهب باتجاه اتخاذ أي خطوات جدية، للتصدي للهجمات الإسرائيلية في سوريا، لا سيما وأنها تستهدف مواقع ومراكز القوات الإيرانية في البلاد.

وقال عبد الواحد في حديثه: “أعتقد أنه ضمن الظروف الحالية، وضمن طبيعة العلاقة بين موسكو وتل أبيب في هذه المرحلة، سيبقى الوضع على حاله، وستواصل إسرائيل ضرب أي أهداف على الأراضي السورية، ترى أنها مصدر تهديد لأمنها، ومن جانبها ستواصل روسيا وصف ذلك القصف بأنه انتهاك للقانون الدولي ويجب وقفه فقط“.

ويرى عبد الواحد أن روسيا مستفيدة من الهجمات الإسرائيلية، كونها ترغب في تحجيم الدور الإيراني المنافس لها في بعض النقاط، داخل الأراضي السورية.

للقراءة أو الاستماع: سفن روسية في طرطوس.. مخطط جديد لموسكو؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.