تعتبر العقوبات الاقتصادية، من أخطر الأسلحة التي باتت تعتمد عليها الدول الغربية تجاه الغزو الروسي على أوكرانيا.

ومع بداية الغزو الروسي لأوكرانيا قبل عدة أيام، سارعت الدول الغربية إلى فرض عقوبات، مختلفة وصفت بالأشد والأوسع، لتعزل روسيا من الناحية الاقتصادية بشكل كبير، وتضيق الخناق عليها في معظم مفاصل الاقتصاد.

هل تقوض العقوبات الاقتصاد الروسي؟

أدت العقوبات التي تم فرضها على روسيا، إلى تقلبات اقتصادية حادة في السوق العالمي، حيث قلبت سلاسل التوريد رأسا على عقب في أنحاء العالم، فقد أثرت على الغذاء والطاقة والصناعة ومنتجاتها، في ظل التضخم الكبير الذي تشهده الأسواق العالمية.

وتعتبر روسيا من أكبر مصدري النفط للولايات المتحدة، كما تزود معظم الدول الأوربية بالغاز، وكانت في العام 2020 ثالث أكبر مزود خارجي بالنفط للولايات المتحدة، وعلى الرغم من أن العقوبات التي فرضها الرئيس الأميركي جو بايدن على روسيا استثنت قطاع الطاقة إلا أن أسعار النفط بدأت بالارتفاع حيث بلغ سعر برميل نفط خام برنت لليوم 113 دولار للبرميل الواحد.

من جهتهم، دعا مسؤولون أوربيون إلى استراتيجية الانفصال عن الطاقة الروسية، عبر طرق جديدة لتسريع الطاقة في الدول الأوربية، وإيجاد طرق بديلة لتدفئة المنازل وتوليد الكهرباء، مع وجود خطة أوربية سيتم العمل عليها قريبا، لخفض استخدام الوقود الأحفوري بنسبة 40 بالمئة.

ويرى مراقبون أن انفصال الطاقة سيؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الروسي الذي يعتمد على تصدير النفط والغاز لأوربا بشكل كبير.

قد يهمك: ما هي خيارات واشنطن لفرض عقوبات على بوتين؟

ويعتقد الخبير الاقتصادي حسن سليمان، أن العقوبات الاقتصادية، يجب أن تتوافر فيها بعض الشروط لتحقق نتائجها، وهذه الشروط تتعلق بطبيعة الدولة المحاصرة، ومدى قدرة الدول الأخرى على الاستغناء عن وارداتها منها، إضافة لتدني سعر صرف عملة هذه الدولة وهذا يؤثر في عمليات التبادل التجاري، وأيضا، مدى اكتفاء الدولة المحاصرة ذاتيا واستغنائها عن الواردات.

وأضاف سليمان، أن روسيا كدولة كبرى، تستطيع خلق ما يعرف بتجارة الظل، أي القيام بعمليات التصدير عن طريق شركات أجنبية أخرى، وهذه الشركات العابرة للقارات كثيرة ولها سوابق في أن تكون واجهة اقتصادية للعديد من الدول التي تتعرض لعقوبات.

وأوضح سليمان، أنه حتى تؤتي هذه العقوبات أُكلها، تحتاج لفترة زمنية لا تقل عن 3 سنوات كحد أدنى ومن الممكن أن تمتد لعشر سنوات، وبالطبع انعكاسها الأول على الشعب الروسي وليس على السلطة الحاكمة، فروسيا تحتكر الكثير من طرق التصدير والبضائع والخامات التجارية منها الغاز والنفط لأوروبا، وتعتبر المورد الأول لهذه المواد، وثانيا القمح والمعادن، وبالمرتبة الثالثة للروس شركات استثمار ضخمة في الخارج لن يكون من السهل استبدالها بالسرعة التي يتوقعها الفرنسيون.

أما بالنسبة لتكنولوجيا المعلومات فباستطاعة روسيا إيجاد طرق للحصول عليها عبر شبكات التجسس التي تتمتع بها روسيا، لذلك لن يكون هناك عائق أمامها للحصول على تقنيات حديثة وبالأخص باتت هذه التجارة متوفرة عبر “الإنترنت المظلم”.

إذا، وحسب سليمان، لن يكون بالسهولة تقويض الاقتصاد الروسي خلال فترة قصيرة، وهذه العملية تحتاج لحصار مشدد يتناول كل أركان الاقتصاد الروسي داخل وخارج روسيا، وتحتاج لفترة زمنية طويلة.

إقرأ: عقوبات أميركية وأوروبية على روسيا.. التفاصيل الكاملة

ما تأثير إزالة البنوك الروسية من نظام سويفت؟

نظام “سويفت”، نظام عالمي، يوفر للبنوك خدمات إضافية منها سرعة انتقال الأموال، ونظام الكفالات المالية لشراء بضائع والدفع عند الاستلام أو التسليم، وغيرها الكثير من الخدمات المالية وسياسة التصنيف الائتماني.

ويرى حسن سليمان، خلال حديث لـ”الحل نت”، أن حرمان البنوك الروسية من خدمات نظام سويفت، سيؤثر على مكانة وسمعة البنوك بالإضافة لحرمانها من العديد من التعاملات المالية وبالتالي حرمانها من لعب دور الوسيط في التعاملات التجارية الصادرة والواردة من روسيا، مضيفا أن هذه البنوك ستخسر الكثير من قيمتها السوقية وستخسر إمكانية استخدام أموالها المودعة في البنوك الأجنبية، وسيكون على هذه الأموال حجوز مؤقتة.

ولفت سليمان، إلى أن هناك تجارة دولية مستمرة مع حلفاء روسيا مثل إيران والصين وكوريا وكوبا والبرازيل والهند، ومع هذه الدول تشكل اقتصاد خاص به أسعار منخفضة مقارنة بالحلف المقابل، لذلك الزبائن من الشركات والدول الأخرى ستسعى جاهدة للحصول على بضائع رخيصة من هذا الحلف.

وختم بأنه، إذا تمت السيطرة على المعابر البرية الجوية والمائية من قبل الغرب، بشكل كامل يمكن القول حينها بأن الانهيار الاقتصادي وشيك في روسيا، وهذا صعب جدا حاليا، لأن لروسيا شركات مرخصة في دول لا تخضع للعقوبات ومن الصعب إثبات تبعيتها للحكومة والمسؤولين الروس.

قد يهمك: تصعيد حاد ضد روسيا… أقوى عقوبات بريطانيّة ضد موسكو

وجد الأوربيون والولايات المتحدة الأمريكية، أن العقوبات الاقتصادية هي السلاح الأفضل للضغط على روسيا للاستجابة لمطالبهم بوقف غزو أوكرانيا، معتبرين أنها سلاح “نووي مالي” أفضل من استخدام السلاح التقليدي، وقادر على جعل روسيا ترضخ في نهاية المطاف.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة