تضافرت عدة أسباب، بما في ذلك الأنشطة البشرية والظواهر الطبيعية مثل التصحر وغزو الكثبان الرملية والرعي الجائر والحرائق، لتجعل المجمعات الوراثية في سوريا التي تشكل بنكا وراثيا للمكونات الطبيعية، غير قادرة على حماية أشجار الغابات المعرضة لخطر الانقراض.

التدفئة على حساب الطبيعة

صرحت مديرة محطة البحوث الحراجية في حماة، المهندسة دلال إبراهيم، أنه بسبب الحرائق في السنوات السابقة، وقطع بعض أنواع أخرى من الأشجار بشكل جائر من أجل كسب مساحات زراعية من قبل الفلاحيين، انقرضت أنواع معينة من أشجار الغابات السورية.

وتابعت مديرة المحطة البحثية للغابات، ومقرها في طاحون الحلاة بمنطقة سهل الغاب، أنه كان هدف المحطة البحثية هو حماية أشجار الغابات والحفاظ عليها من الانقراض بسبب التهديدات التي تتعرض لها، والتي أدت إلى إختفائها نتيجة تدهور النظم الإيكولوجية للغابات بسبب التغيرات المناخية التي أثرت على بيئتها.

ووفقا لاتفاقية التعاون العلمي مع المعهد الدولي للأصول الجينية، كان العلماء الدوليون يدرسون الصنوبر البروتي، وهو نوع طبيعي ينمو في الغابات السورية، ونبهوا بحسب المهندسة، في عام 2001 إلى أن هذه الأنواع قد تفقد وتتعرض للزوال في وقت ما جراء الحرائق والقطع الجائر.

وفي معرض إجابتها عن سؤال  ما هي الأشجار الحراجية المهددة بالانقراض، قالت المهندسة دلال إبراهيم، لصحيفة “تشرين المحلية، هي “الخرنوب والبلوط الرومي،  والزيتون البري،  والمحلب البري،  والدرار السوري،  والتفاح البري والألموس الحقلي، والصنوبر البروتي”.

وطالبت مديرة المركز، بحماية الأشجار ضمن استراتيجيات سياسية وطنية  للبحوث العلمية الحراجية التطبيقية. لا سيما وأن الحكومة السورية لم تفعل سوى هذه المحطة الحراجية. والتي تعد الوحيدة المتخصصة بالأبحاث الحراجية في سوريا، من قبل الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية.

للقراءة أو الاستماع: حرائق الغابات في سوريا… باب لسرقة الأراضي بغطاء قانوني!

غابات سوريا ضحية أخرى للحرب

يقول الأخصائي الزراعي، عبد المولى أبازيد، لـ”الحل نت”، “لقد أهملت حكومة دمشق منذ فترة طويلة البيئة والتراث الطبيعي في سوريا لصالح الإجراءات التي لها مكاسب قصيرة الأجل”. ولكنها أدت إلى زيادة معدل التصحر وتدمير الأراضي الزراعية.

وخلقت الحرب ، وفقا للأبازيد، مجموعة جديدة من المشاكل: الافتقار إلى الحماية للمحميات. وزيادة التهريب بسبب الافتقار إلى القانون والنظام والسياسات الحكومية التي تهدف إلى كسب تأييد الجمهور، وتدمير الأراضي كتكتيك عسكري.

كما أثر اعتماد السكان على الحطب خلال السنوات الماضية بشكل سلبي على كميات الأشجار الحرجية. إضافة إلى ذلك، أدى تهجير الأهالي من قراهم أثناء سيطرة الحكومة السورية على بعض المناطق التي كانت بأيدي المعارضة إلى إهمال حقول الفاكهة مثل الزيتون والعنب والرمان، التي استُخدمت أشجارها لاحقا كحطب للتدفئة.

وقدرت مديرية الزراعة في درعا، أن أكثر من 1.2 مليون شجرة زيتون توقفت عن الإنتاج من أصل ستة ملايين شجرة تم إنتاجها قبل عام 2011. كما تم قطع 90 بالمئة من أراضي الغابات. فيما  أحرق الجيش السوري، حوالي 70 بالمئة من الغابات التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة من خلال قصف هذه المناطق بشكل منهجي.

وواجهت جزر نهر الفرات الصغيرة المعروفة باسم الحواجات المصير نفسه. بعد أن كانت مأهولة بالنباتات الكثيفة والأنواع النادرة. في حين تسببت الحرائق بين 8 و 12 تشرين الأول/أكتوبر 2020، التي شهدها الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط بتدمير الغابات لا سيما في اللاذقية. والتي أصبحت حدثا سنويا متكررا بسبب تغير المناخ. إذ وثقت 187 حريقا طالت 280 بلدة وقرية خلال العام ذاته.

للقراءة أو الاستماع: وسط نداءات استغاثة وحركة نزوح.. استمرار حرائق الغابات في ريفي “حماة” و”اللاذقية”

بيانات الغابات في سوريا

وفقا لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، فإن 2.7 بالمئة أو حوالي 491 ألف هكتار من سوريا بها غابات، إذ إن سوريا لديها 294000 هكتار من الغابات المزروعة.

وحول التغيير في الغطاء الحرجي، قالت المنظمة أنه بين عامي 1990 و 2010، خسرت سوريا ما متوسطه 5950 هكتارا أو 1.60 بالمئة سنويا. وإجمالا، بين عامي 1990 و 2010، تقلصت في سوريا نسبة الغطاء الحرجي إلى ما نسبته 32.0 بالمئة، أو حوالي 119000 هكتار.

وتحتوي غابات سوريا على مليون طن متري من الكربون في الكتلة الحيوية للغابات الحية. أما عن التنوع البيولوجي والمناطق المحمية، فيوجد في سوريا حوالي 519 نوعا معروفا من البرمائيات والطيور والثدييات والزواحف. وفقا للأرقام الصادرة عن المركز العالمي لرصد الحفظ.

ومن بين هؤلاء، 0.8 بالمئة حيوانات متوطنة، مما يعني أنها لا توجد في بلد آخر، و 3.3  بالمئة مهددة بالانقراض. كما أن سوريا هي موطن لما لا يقل عن 3000 نوع من النباتات الوعائية.

ولكن، تظل الإجراءات الحكومية لحماية الثروة الحرجية مقتصرة على إدارة الغابات. بينما لم يتم اتخاذ خطوات وقائية بالتكامل مع المؤسسات الخدمية الأخرى المعنية بتحسين واقع الوقود والكهرباء. مما يقلل بالضرورة الاعتماد على الحطب كوقود.

للقراءة أو الاستماع: حيوانات مفترسة تخرج من الغابات إلى المناطق السكنية في الساحل السوري

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.