وقعت إيران مع العراق في نهاية كانون الأول/ديسمبر الماضي، اتفاقا يقضي ببدء الأعمال التنفيذية لمشروع الربط السككي بين شلمجة الإيرانية، والبصرة العراقية، بعد توقف دام 20 عاما، بحيث تُمكّن شبكات السكك الحديدية الموجودة في العراق بربط إيران بسوريا، في طريق يمر من البصرة إلى بغداد ومنها إلى مدينة القائم على الحدود العراقية – السورية، وصولا إلى مدينة اللاذقية السورية.

وزير النقل الإيراني، محمد إسلامي، كان قد تحدث مؤخرا عن تقدم في مشروع سكة الحديد بين إيران والسواحل السورية مرورا بالأراضي العراقية، حيث كانت المحادثات، في حينها، حول ربط الترانزيت مع سوريا عبر سكك الحديد في الأراضي العراقية بلغت مراحل جيدة.

اتفاق عراقي- سوري

مدير عام الخطوط الحديدية في سوريا، نجيب فارس، أعلن بأنه تم الاتفاق على مشروع الربط السككي بين سوريا والعراق، مبينا أنه سيخفض تكاليف النقل عند المباشرة بالعمل وفقه، ومشيرا إلى أنه على مدى ثلاثة أيام ماضية كان هناك اجتماعات مع مدير عام السكك الحديدية في العراق وتمت مناقشة موضوع الربط السككي بين شبكة حديد سوريا وشبكة حديد العراق، وهي تكملة لسلسلة اجتماعات سابقة حول هذا الموضوع، حسبما أفاد به موقع “أثر برس” المحلي.

ونقل الموقع، عن فارس، اليوم الأحد، قوله إنه تم الاتفاق على توحيد المواصفات الفنية والخدمية لشبكتي السكك الحديدية في البلدين بما يتوافق مع المواصفات الفنية المعتمدة حاليا لدى اتحاد السكك الحديدية، بحيث تكون القطارات السورية عندما تمر على الشبكة الحديدية العراقية بنفس مواصفات نظيرتها العراقية.

وأشار فارس، إلى أن المشروع حاليا في مرحلة إعداد الدراسات التنفيذية لتنفيذ محاور الربط، فيما لم يتم تحديد مدة زمنية للانتهاء من المشروع لكون مشروع الربط السككي يعتمد على مراحل ومحاور قديمة معتمدة، ومحاور تكملة لتلك القديمة لتغطي كافة الحمولات التي ستخرج من المرافئ السورية باتجاه العراق وبالعكس، عبر شبكة الربط الحديدية.

قد يهمك:إيران تفعل مشروع سكة حديد مع العراق وسوريا.. للقفز فوق العقوبات!

فوائد اقتصادية وأمنية

الخبير الاقتصادي، حسن سليمان، لموقع “الحل نت”، قال إن طابع مشروع الربط السككي المنشود إن كان بجزء منه اقتصادي مدني، ولكن ذلك لا يخفي البعد الاستراتيجي الأمني لهذا الخط.

ومن ناحية التجارة البينية الداخلية، بين دول المحور الإيراني في المنطقة، فهي تجارة غير شرعية في القسم الأكبر منها، ولا تصب في مصلحة شعوب هذه الدول، لكنها بالطبع تدعم الأنظمة الحليفة لإيران من حيث تزويدها لوجستيا بأهم سبل بقاءها وهي السلاح، في ظل العقوبات المفروضة عليها، لذلك يعتبر خيار الربط السككي لهذه الدول خيار استراتيجي لتقوية تجارتها البينية لتأمين احتياجاتها التي تساعدها على السيطرة على مناطقها، حسب سليمان.

وأضاف سليمان، “من الناحية الاقتصادية، يُسهم الربط السككي في سهولة تدفق البضائع وسهولة عبور الحدود دون رقابة مشددة، هو خط استراتيجي بالطبع، ولكن بجانبه الأكبر هو خط إمداد لوجستي حربي، والوجه الأخر له لتهريب وتجارة الممنوعات، وعلى رأسها المواد المخدرة”.

بينما لفت سليمان إلى أنه يُخشى أن يكون هذا الخط هو تكملة لطريق الحرير التي بدأت الصين به منذ بداية القرن، وعندها سيكون أداة لاحكام السيطرة الاقتصادية الصينية على المنطقة، وفي ظل هذه السيطرة سيكون للأنظمة الحالية حصة الأسد منه.

إقرأ:مشروع ربط طهران بدمشق.. هل تسعى إيران لتحدي روسيا؟

من المستفيد من الربط السككي؟

الباحث في الشأن الإيراني، اسلام المنسي، كان قد تحدث في وقت سابق لموقع “الحل نت” في تقرير سابق، بأن هذا الموضوع يأتي في إطار مشروع الهلال الشيعي، وربط المنطقة كاملة من إيران والبحر المتوسط بكل السبل، ضمن العديد من المشاريع ومنها الربط السككي.

وأضاف المنسي، أنه تم الإعلان عن مشروع السكك الحديدية التي تربط إيران بالعراق بسوريا منذ سنوات ولم ينفذ نتيجة عقبات مالية وسياسية، ولكن إيران تصر عليه بهدف ربط اقتصادات هذه البلاد فيها، وتعمل بالتوازي على وتر التغيير الديمغرافي.

وأوضح المنسي، أن تأمين المشروع ليس أمرا سهلا، لأنه يمر بمساحات كبيرة وهي عرضة للصراعات والتحديات الأمنية والتي تختلف من منطقة لأخرى، وتسعى إيران لإنجازه لأسباب جيوسياسية واقتصادية وديمغرافية وهي لا تخفي ذلك.

ومن الناحية الاقتصادية، تستفيد إيران، من الربط السككي في خرق العقوبات الدولية المفروضة عليها وكذلك على الحكومة، من خلال تمرير البضائع إلى سوريا عبر العراق وكذلك السواحل السورية، كما سينعكس المشروع  إيجابيا على كل من العراق وسورية، من ناحية نقل الترانزيت، وتنشيط التجارة بين البلدين.

إقرأ:حكومة النظام تضع خطة لربط السكك الحديدية مع إيران

يشار إلى أن الحكومة السورية، تشير في العديد من المناسبات إلى العلاقة الاستراتيجية التي تربطها بإيران، إضافة إلى التصريحات المتكررة بأن الحصة الأكبر من عملية إعادة إعمار سورية ستكون للدول الصديقة كروسيا وإيران، ومثل هذا المشروع سيكون من أهل الوسائل التي ستساعد إيران حال انطلاق هذه العملية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة