لا يزال ارتفاع الأسعار المستمر يلقي بظلاله على السوريين بشكل يومي، وعلى الرغم من كل الوعود الحكومية بإيجاد حلول، إلا أن ذلك لم ينتج عنه أي أثر حقيقي، حيث تجاوزت أسعار المواد الأساسية قدرة غالبية المواطنين على شرائها.

بورصة دون ضوابط

تقرير لصحيفة “تشرين” المحلية، يوم أمس الثلاثاء، أشار إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار المواد الغذائية، حيث بلغ سعر كيلو السكر 4800 ليرة، فيما وصل سعر كيلو الرز القصير إلى 4000 ليرة، والرز الطويل من الماركات المعروفة تجاوز لدى بعض التجار عتبة الـ 10000 ليرة، وبين هذين السعرين يمكن إدراج أنواع مختلفة من الرز منها، هو جديد على الساحة وما زال يخضع للتجريب، ووصل كيلو السمنة النباتي إلى 18 ألف ليرة، وكيلو الشاي إلى 37 ألفا.

هذه الأسعار المرتفعة، دفعت كثيرين للتعامل معها بكثير من الحذر وبطريقة شد الأحزمة، على حد وصف عدد من المواطنين، الذين شكوا من استمرار ارتفاع الخط البياني لأسعار هذه المواد الأساسية التي لا تقف عند حد معين، وكأنها بورصة لا تخضع لضوابط ولا لمحددات، مشيرين إلى أن ما يجري حاليا، هو اكتفاء البعض بشراء حاجتهم اليومية فقط، وبالحد الأدنى الذي بات يتطلب ميزانية مستقلة، بحسب الصحيفة.

ونقلت الصحيفة، عن رئيس دائرة حماية المستهلك في مديرية التجارة الداخلية بدرعا، وسام دخل الله، أن المديرية تعمل على تشديد رقابتها وتكثيف جولاتها لمتابعة حركة الأسواق وضبطها وخاصة بما يتعلق بمنع الاحتكار والتدقيق بالفواتير التي بحوزة التجار، والتأكيد على الأسعار والإعلان عنها وإبراز الفواتير، إضافة للتأكد من توافر مختلف المواد وانسيابها، مشيرا إلى أن المواد الأساسية كانت تخضع للنشرات التي كانت تصدرها الوزارة بشكل دوري، لكن وبعد توقف إصدار هذه النشرات، بات التعامل يتم حسب الفواتير المتداولة بين حلقات الوساطة بعد إضافة هامش ربح 5 بالمئة.

ومن جهتهم طالب مواطنون، بتدخل مؤسسة “السورية للتجارة” لتوفير هذه المواد الأساسية بأسعار منافسة، وطرحها بكميات كافية ونوعيات جيدة، لافتين إلى ضرورة، أن تقوم هذه المؤسسات ببيع مواد كالسكر والرز من خارج البطاقة وبالسعر الطبيعي 2400 ليرة، ما يوفر على المستهلك شراء هذه المواد من السوق بأسعار مضاعفة.

إقرأ:أزمة أسعار في السوق السورية.. الليمون والفاصولياء على رأس القائمة

الحكومة سبب في ارتفاع الأسعار

تقرير سابق لـ”الحل نت”، أشار إلى أن الإجراءات التي تدعي الحكومة القيام بها، كتسيير دوريات لمراقبة الأسواق وتحرير ضبوط بحق المخالفين لم تجد نفعا، كما أنها لم تؤثر في الأسعار مطلقا، فالأسعار لا تزال في صعود بشكل يومي، وهذا ما جعل المواطنين في حالة تساؤل وتشكيك حول دور الحكومة الموافق ضمنا على ما يجري.

ونقل التقرير تصريحا سابقا لرئيس مجلس إدارة جمعية حماية المستهلك، عبد العزيز المعقالي، وصف فيه كل ما تنادي به الحكومة من تحسين للواقع المعيشي للمواطن، وتأمين احتياجاته هو مجرد تصريحات، لا أساس لها على أرض الواقع، ورأى أن الحكومة شريك في ارتفاع الأسعار والفوضى العارمة في الأسواق، والارتفاع بأسعار السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية من فوط أطفال ومنظفات وغيرها.

وحمّل المعقالي دوريات التموين وحماية المستهلك مسؤولية ذلك نظرا لعدم وجود عناصر كافية للقيام بمهامهم، خاصة أن هناك تجارا محتكرين همهم الاستفادة من الأزمة، ورفع أسعار السلع وزيادة أرباحهم الفاحشة المرهقة للمواطن.

ولفت التقرير إلى التواطؤ الذي تقوم به دوريات حماية المستهلك عند ضبطها للمخالفين، حيث لا تقوم بواجبها في تنظيم ضبوط ومخالفات، بل لا تقوم بأي شيء تجاههم فيما يعتبره المواطنون “لفلفة” للأمور.

قد يهمك:مخاوف جديدة من ارتفاع الأسعار في سوريا

تقنين المواد الغذائية وتقسيطها

مع الارتفاع الكبير للأسعار، وخاصة المواد الغذائية، تحولت الأسواق والمحال التجارية لأماكن للعرض دون أن يكون هناك إقبال على الشراء من قبل السوريين، فالأسعار باتت فوق طاقتهم، كما أن الدخل لم يعد يساعد على تلبية حتى الاحتياجات البسيطة.

وفي هذا السياق، أوضح تقرير سابق لـ”الحل نت”، أن الحالة الشرائية والتسوق شبه معدومة في الأسواق السورية، بسبب ارتفاع الأسعار، حيث بات المواطن “يقنن” استهلاكه بصرف ما يملك من مال على الأولويات، واختصار نصف المواد الغذائية، مشيرا إلى أن أكثر من نصف السوريين ليس لديهم مصدر دخل ثاني.

وأشار التقرير، إلى اتساع الفجوة بين ارتفاع الأسعار والدخل وسعر صرف الليرة السورية، وهذا ما جعل الفوارق المادية بين المواطنين أنفسهم كبيرة، ففي حين لا يستطيع معظمهم شراء كميات من المواد بقصد التخزين، هناك آخرون يقومون بشراء كل شيء دون حساب ما يؤثّر على ذوي الدخل المحدود.

وكانت المؤسسة السورية للتجارة لجأت مؤخرا إلى تقسيط المواد الغذائية، حيث أعلنت قبل نحو شهرين فتح باب التقسيط للموظفين والعاملين بالقطاع العام، على المواد الغذائية المتوافرة في صالاتها، وبسقف 500 ألف ليرة، وذلك في محاولة لمساعدة الموظفين في مواجهة الغلاء الفاحش للمواد الغذائية، موضحة أن المستفيدين من القرض لن يحتاجوا إلى كفيل، ولن يدفعوا فوائد، مشيرة إلى أن مدة السداد ستكون على مدى 12 شهرا.

وأشارت المؤسسة، إلى أن القرار يشمل المواد الغذائية المتوافرة في صالاتها باستثناء المواد التي يتم توزيعها بموجب البطاقة الذكية، بسقف 500 ألف ليرة لكل عامل، وعلى كل فرع في المحافظات تحديد مركز أو أكثر معتمد بالتقسيط مع تسمية محاسب.

إقرأ:انخفاض في أسعار الخضار بسوريا.. البندورة فقط تخالف التوقعات

الاستمرار في ارتفاع الأسعار، هي الحرب الأقسى التي يتعرض لها السوريون، في ظل انهيار اقتصادي كبير، ووسط عدم وجود حلول حكومية حقيقية قادرة على التخفيف من معاناتهم.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.