الإقبال على تخزين المواد بسوريا والفقراء يدفعون الثمن

الإقبال على تخزين المواد بسوريا والفقراء يدفعون الثمن

تعتبر عملية تخزين المواد الغذائية، إحدى العادات التي اعتاد السوريون عليها، في الأحوال العادية ما قبل الحرب، ولكن ما بعدها، وفي العام الأخير أصبح الإقبال عليها أكثر من ذي قبل، خاصة مع التغيرات الاقتصادية في سوريا وبقية العالم.

على المستوى الداخلي، تسبب النقص التدريجي في المواد الغذائية الأساسية عقب قرار إلغاء الدعم الشهر الماضي، وما رافقه من ارتفاع تدريجي في الأسعار، وحاليا مع اقتراب شهر رمضان، بتوجه المقتدرين من الناحية المادية على شراء كميات كبيرة من المواد وتخزينها.

وعلى المستوى الخارجي، كان للحرب الدائرة في أوكرانيا سبب آخر، يدعو الناس لتخزين المواد وبشكل أكبر خوفا من فقدانها بشكل مفاجىء في السوق.

تسوق ضحيته الفقراء

 موقع “هاشتاغ” المحلي، ذكر في تقرير منشور له يوم أمس الأحد، أن هناك زيادة في الطلب على التسوق، ما يتسبب برفع جديد للأسعار يعود الفقراء لتسديده مجددا، مشيرا إلى أن أعداد المقبلين على الشراء تتزايد، وكل منهم يشتري كل ما يستطيع، ومن كل شي.

وأضاف الموقع، أن أصحاب المتاجر، يخبرون زبائنهم المعروفين ويؤكدون لهم ضرورة أن يشتروا كل ما يستطيعون تخزينة “تحسبا للأيام القادمة”، وذلك إثر تداعيات الأزمة الأوكرانية، مبينا أن هذه العادات يدفع ثمنها الفقراء وأصحاب الدخول المحدودة بسبب ارتفاع أسعار المواد بعد زيادة الطلب عليها، فهم الخاسرون المتفرجون على ما يحصل دون حيلة، وفق التقرير.

وأشار الموقع، من خلال الحديث إلى بعض المواطنين، عن الفوارق المادية بين المواطنين أنفسهم، ففي حين لا يستطيع معظمهم شراء كميات من المواد بقصد التخزين، هناك آخرون يقومون بشراء كل شيء دون حساب آثار ذلك على ذوي الدخل المحدود.

ولفت الموقع، إلى أن المواطنين السوريين، على عكس دول أخرى اعتاد مواطنوها تخزين المواد عند حدوث أزمات كما حصل خلال جائحة كورونا، ليس لديهم دخل يمكنهم من ذلك.

قد يهمك:ارتفاع أسعار القمح عالميا.. ماذا عن رغيف الخبز بسوريا؟

ظاهرة نفسية لا تشملها قوانين التموين

تعتبر ظاهرة تخزين المواد من الظواهر البارزة خلال الأزمات، ولكن من الصعب التعامل معها قانونيا، ففي قوانين التسويق، يجب أن تقوم الجهات المختصة بتنظيم مخالفات بحق الأشخاص الذين يقومون بتخزين كميات كبيرة من المواد خلال الأزمات على حساب الفقراء، لكن في الواقع وفي علوم التسويق، تبقى تجارة وهي تخضع لعمليتي العرض والطلب، ومن الناحية الأخلاقية فعلم التسويق لا يتطرق لها.

ونقل موقع “هاشتاغ”، عن الباحث في القضايا النفسية والاجتماعية، حسام الشحادة وصفه ظاهرة الإقبال على التخزين بالسلوك “الجمعي” الذي ينتج عن مجموعة واسعة ومتداخلة من الأسباب، وليس سبب واحد فقط، والتي ترتبط بمتغيرات اقتصادية ومالية من جهة، وبمتغيرات نفسية وانفعالية من جهة أخرى، سيما خلال الأزمات وما يرافقها من انخفاض ملحوظ لمستوى المعيشة، والتضخم المتسارع وغير المتوازن، بالتوازي مع انخفاض القوة الشرائية لليرة السورية أمام القطع الأجنبي، والارتفاع المتزايد في قيم السلع والمنتجات خلال فترات قصيرة نسبيا “أسبوع أو أقل من شهر”، ما يدفع المواطن للإقبال على شراء المنتجات الاستهلاكية أو تحويل الليرة السورية إلى عملة بالقطع الأجنبي أو ما يعادلها من الذهب.

وأضاف الشحادة، أن هذه الظاهرة أصبحت “هوسا”، بخاصة في الأزمة الأوكرانية الأخيرة وأن هذا وفق مبادئ علم التسويق وعلم النفس الإعلاني، هو تلاعب في البنية المعرفية للمستهلك، وجعله يقتنع بأن سلع معينة قد تكون عرضة للفقدان أو الاحتكار، من قبل بعض التجار.

إقرأ:ارتفاع غير مسبوق في أسعار الأجبان بسوريا

لا تحرك حكومي لوقف جنون الأسعار

شهد العام الحالي، وخاصة بعد إلغاء الدعم في مطلع شباط/فبراير الماضي، ازديادا جنونيا في أسعار المواد، ترافق مع فقدان بعضها بشكل جزئي أو كامل من السوق، كمادة الزيت، حسب موقع “الحل نت”.

حيث نقل “الحل نت”، عن مصدر خاص، أن الزيت الخفيف، أو ما يعرف محليا بالزيت الأوكراني، بات نادر الوجود في أسواق دمشق، منذ بداية الحرب في أوكرانيا، مشيرا إلى أن أوكرانيا كانت المصدر الأول للزيت النباتي الخفيف في سوريا، مضيفا أن الكميات المتوفرة في السوق والتي تم استيرادها في السابق تم احتكارها من قبل التجار الموردين، وإخفاؤها في المستودعات، من أجل رفع سعرها أكثر مما هو عليه الآن، في الأيام القادمة خاصة مع اقتراب شهر رمضان، موضحا أنه في حال تم إيجاد الزيت في المحال التجارية، فإن الليتر الواحد يباع بمبلغ 12 ألف ليرة.

قد يهمك:التنزيلات غائبة في الأسواق السورية.. ارتفاع الأسعار يفرض نفسه

وشمل ارتفاع الأسعار، معظم المواد الأساسية الأخرى، كالسكر والخضار والفواكه، والحبوب، وسط تدهور اقتصادي كبير لدى المواطنين، وفي مقابل ذلك لم تقم الحكومة ومؤسساتها المعنية بالتصدي لارتفاع الأسعار بأي تحرك عملي حتى الآن لوقف ارتفاع الأسعار والاحتكار.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.