أزمة اقتصادية غذائية خانقة يمر بها العراق في الأيام الأخيرة، نتيجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وخاصة الزيت، قابلتها تحركات حكومية لحلها، فهل كانت بمستوى الطموح؟

بدأت الأزمة منذ نحو أسبوع، بارتفاع سعر بطل الزيت الذي يتسع إلى لتر واحد لنحو 4 آلاف دينار عراقي، ما يعادل زهاء 3 دولار أميركي.

قبل ارتفاعه، كان يبلغ سعر بطل الزيت 2000 دينار، ما يعني نحو دولار وربع أميركي، لكنه ارتفع إلى الضعف في آخر أسبوع.

ذلك الارتفاع أحدث ضجة واسعة لم تنته حتى اللحظة في الشارع العراقي، مع دعوات ومطالبات يومية لوضع حلول عاجلة لذلك الارتفاع، خاصة وأن الزيت هو حاجة أساسية يستخدم بكل الأكلات.

أزمة غلاء الأسعار، دفعت بناشطي “التواصل الاجتماعي” لإطلاق حملة تحت هاشتاغ “الغلاء يقتل الفقراء”، هدفها الضغط لتخفيض أسعار المواد الغذائية.

منحة مالية

الغضب الشعبي دفع بالحكومة العراقية لعقد اجتماعات طارئة لحل أزمة “الأمن الغذائي”، واتخذت قرارا بإعطاء منحة مالية قدرها 100 ألف دينار عراقي، أي زهاء 70 دولار أميركي.

تلك المنحة هي مرة واحدة من الحكومة لذوي الدخل اامحدود وللمتقاعدين ممن يتقاضون راتبا أقل من مليون دينار شهريا، وللموظفين ممن يتقاضون راتبا أقل من 500 ألف دينار شهريا، إضافة الى الرعاية الاجتماعية.

ورغم منح تلك اامنحة، إلا أن الغضب المستعر لم ينته بعد؛ لأن غلاء أسعار المواد الغذائية لم ينخفض، حتى أن أصحاب المخابز والأفران الحجرية قلّلوا حجم الخبز والصمون وعددها.

إذ بعد أن كان المستهلك يشتري 8 “صمونات” حجرية بمبلغ ألف دينار، باتت الأفران تبيع 6 “صمّونات” بذلك المبلغ، وذات الحال أصبح مع الخبز.

للقراءة أو الاستماع: قرع ناقوس الخطر في العراق.. ما مصير الأمن الغذائي؟

وعن ما يجري من أزمة غذائية، يرى الخبير الاقتصادي كوفند شيرواني، أن ما يحدث هي أزمة مختلقة اختلقتها الحكومة؛ لأنها لا تمتلك سياسة اقتصادية صحيحة.

سوء تعامل

وتبرر الحكومة ارتفاع الأسعار بسبب الغزو الروسي لأوكرانبا وتأثر العراق بتلك التداعيات؛ لأن البلدين من أكثر الدول المصدرة للذرة والقمح والزيوت.

ويستورد العراق الزيت بشكل أساسي من روسيا، بينما يستورد القمح والذرة من موسكو وأوكرانيا، وأكدت بغداد أن الغزو الروسي لأوكرانيا انعكست تداعياته الاقتصادية على العالم وليس العراق وحده.

https://twitter.com/albdiri2/status/1500530808515407876?t=sbPmxWDTH27iw4g1h7O1ig&s=19

لكن شيرواني، يقول إن ما يحدث في العراق، هو نتيجة سوء التعامل الحكومي؛ لأن البدائل متوفرة عن روسبا وأوكرانيا، وهي أستراليا وكندا والهند.

ويضيف لـ “الحل نت”، أنه كان على الحكومة تنويع البدائل وعدم الاعتماد على دولة بعينها، ويجب التعاون مع الدول البديلة لحل أزمة غلاء الأسعار في السوق العراقية.

ويردف أن الأزمة نتيحتها تأخر وصول الزيت المستورد من روسيا إلى العراق، وكان يفترض بالحكومة استيراد الزيت بوقت مبكر من شهر شباط/ فبراير المنصرم أو في منتصفه ولا تنتظر حتى شهر آذار/ مارس الحالي، وهي تعلم بالتوتر الروسي الأوكراني قبيل الغزو.

الحل بالبدائل والاستثمار الزراعي

ويشير إلى أنه، بمجرد وصول الزيوت والقمح والذرة ستنتهي الأزمة وتنخفض الأسعار، لكن ذلك يعتمد على الوقت الذي تصله به المواد إلى العراق.

وعن المعالجة الحكومية عبر منحة الـ 100 ألف، يلفت شيرواني إلى أنها ليست صائبة وهي غلطة حكومية وتعبر عن عدم دراسة اقتصادية صحيحة.

ويتابع أن المتحكمين في السوق، عندما يرون أن المستهلك سيستلم منحة مالية، ويذهب للمتاجر لشراء المواد الغذائية، فإنهم لن يقرروا خفض الأسعار؛ لأنهم يرون أن المستهلك بين يديه المال ويشتري منهم.

لكن لو تكدست المواد الغذائية لدى الأسواق وقل الإقبال عليها من المستهلكين، لاضطر صاحب المتجر إلى تخفيض السعر؛ كي لا يخسر ولا تستمر المواد في التكدس لديه.

ويوضح أن الأزمة تحتاج إلى التعامل بأسرع وقت مع البدائل الدولية غير روسيا وأوكرانيا، واستثمار الزراعة المحلية وصناعة الزيوت والقمح والذرة، ووضع آلية صحيحة لذلك وعدم الاعتماد على الاستيراد حصرا.

للقراءة أو الاستماع: لتجنب تداعيات أزمة أوكرانيا.. الزراعة العراقية تطالب بزيادة تخصيصاتها

وكانت وزارة الزراعة العراقية، طالبت السبت الماضي، مجلس الوزراء بزيادة الدعم المقدم إليها في موازنة 2022، وإعارة ملف الأمن الغذائي أولوية، لمواجهة التحديات التي أثرت على إنتاج العديد من المحاصيل، لاسيما في ظل تداعيات الغزو الروسي على أوكرانيا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.