الرشوة والمساعدات والحوالات مصادر معيشة السوريين بدلاً من الرواتب

الرشوة والمساعدات والحوالات مصادر معيشة السوريين بدلاً من الرواتب

في ظل أزمة معيشية خانقة يعاني منها أغلبية السوريين وخاصة في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية، بسبب تواصل ارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق، واستمرار فقدان مداخيل العائلات السورية الشهرية جزءا كبيرا من قيمتها بسبب الانهيار القياسي لسعر صرف الليرة السورية أمام العملة الأجنبية، حيث يقدر الدولار الواحد اليوم نحو 3800 ليرة سورية.

معدل مداخيل السوريين ليست واقعية

هناك أحاديث وشائعات بين الأوساط السورية هذه الأيام، حول احتمال زيادة رواتب الموظفين، وسط الغلاء الفاحش الحاصل في البلاد خلال الآونة الأخيرة، خاصة وأن مستوى الرواتب في أدنى مستوياته، ومستويات الفقر تتجاوز الـ 85 بالمئة في سوريا.

يقول المختص الاقتصادي، هاني الخوري، “أن المعاشات والأجور اليوم في سوريا أقل من أي معدل معقول وأنه لا يمكن استمرار مستويات الأجور الحالية معتبرا أن الأجور لا تشكل ميزة تشغيلية لأن قيمة الرواتب تمنع نمو السوق ولا تدعم الاستهلاك”، وفق صحيفة “الوطن” المحلية.

وأكد الخوري، أنها ليست واقعية تجاه الحاجة الحقيقية بل تشكل حالة تشويه اقتصادي وتنموي وهي بحاجة إلى مضاعفة عدة مرات وخلال فترات قريبة حتى يستعيد السوق عافيته وتوازنه ويعيد للعمل قيمته.

وقدم المختص الاقتصادي أرقام اقتصادية تقريبية حول معدلات الأجور والرواتب الحالية في سورية 2021 خلال محاضرته التي ألقاها أمس ضمن جمعية العلوم الاقتصادية بعنوان “الرواتب ودورها في تطور الموارد البشرية في سورية خلال الأزمة”، مبينا بالأرقام أن الحد الأدنى للأجور هو 92 ألف ليرة سورية شهريا، والحد الأعلى للأجور مع بعض التعويضات يقل عن 200 ألف ليرة سورية، أي نحو 50 دولار أمريكي.

معدلات رواتب الموظفين والعيش على المساعدات والحوالات

قال الخوري خلال المحاضرة التي ألقاها، “أن معدل الرواتب التقاعدية في القطاع العام تبلغ نحو مئة وعشرة آلاف ليرة سورية للمتقـاعدين حديثا، وحجم قوة العمل الحالية تقدر بـ4 ملايين شخص تقريبا.

في حين نجد أن التشغيل في المؤسسات العامة والمثبتين أقل من مليون شخص، وعدد الأشخاص المقيمين في سورية نحو 18مليون مواطن. والمتقاعدين المقيمين في سوريا نحو 500 ألف سوري.

وأشار إلى أن، “حجم الناتج الإجمالي الحالي 35 مليار دولار، في حين نجد أن حجم الناتج الإجمالي الوطني الرسمي عام 2010 نحو 56 مليار دولار، وأن معدلات الفقر العامة في سورية حاليا أكثر من ثمانين بالمئة، وفي الوقت ذاته نجد أن معدل استئجار المنزل في الضواحي يتجاوز 100 ألف ليرة سورية شهريا ويمكن أن يصل لأكثر من 2 مليون ليرة في وسط العاصمة.

ولفت الخوري، وفقا لصحيفة “الوطن” المحلية، إلى أنه وصل معدل مساهمة المنظمات الإغاثية لدعم الأسر الفقيرة لـ3 مليارات دولار سنويا، ومعدل تحويلات السوريين العاملين في الخارج لمساعدة عائلاتهم 5 مليارات دولار سنويا.

في إشارة إلى أن معظم السوريين اليوم يعتاشون على المساعدات المقدمة من الدول الخارجية، بالإضافة إلى الحوالات التي تأتي من الخارج من قبل الأهالي والأصدقاء وغيرهم، في تعبير واضح عن مدى التدهور الاقتصادي في سوريا، حيث كشفت مصادر اقتصادية موالية لحكومة دمشق في وقت سابق وفقا لتقارير إعلامية، عن أن  70 في المئة من السوريين يعيشون على الحوالات، مقدرة حجم المبالغ التي تصل سوريا من المغتربين يوميا بـ5  ملايين دولار.

وكانت وكالة “سبوتنيك” الروسية ذكرت في تقرير سابق نقلا عن الباحث الاقتصادي عمار يوسف، أن “هذه الحوالات ليست بمبالغ ضخمة، حيث أن متوسط ​​قيمة الحوالة الواحدة لا يتجاوز 200 يورو أو دولار بالحد الأقصى.

وأن معظم الحوالات تصل بطرق غير نظامية عن طريق المعارف، موضحا أن” الفرق بين سعر صرف الدولار الحكومي وسعره في السوق السوداء حوالي  20 بالمئة، وهذه النسبة يعتبرها المواطن من حقه “. حيث أن تدني رواتب الموظفين سببا أساسيا لاحتياج المواطن السوري إلى هذه الحوالات والمساعدات الخارجية.

قد يهمك: أسباب جديدة قديمة لارتفاع الأسعار في سوريا

الرشاوى والمحسوبيات

وأكد المختص الاقتصادي لصحيفة “الوطن”، أن الفرد يحتاج حسب دراسات الفقر إلى 1900 وحدة غذائية من مواد غذائية محددة كالنشويات والسكريات والبروتينات والفواكه.

ويلاحظ وفق المختص الاقتصادي أن الفاتورة الغذائية للأسرة السورية ارتفعت بشكل حاد وصارت تقنن على نفسها بالنوعية والكم بشكل كبير لأن الحصول على هذه الحصة الغذائية تحتاج إلى أكثر 500 ألف ليرة سورية شهريا لأسرة مكونة من أربعة أفراد، وإذا أضفنا لها النقل والاستطباب والدراسة واللباس والترفيه بحده الأدنى وأجرة المنزل التي ارتفعت بشكل حاد نجد أن فاتورة المواد الغذائية تشكل أكثر من ستين بالمئة بالنسبة لأي أسرة في سوريا اليوم.

واعتبر أنه “يحدث تشوهات في المصاريف الأسرية ودخلت أموال غير قانونية والفساد والسرقة والاعتماد الكبير على الأهل وعلى المنظمات الإغاثية في السلات الغذائية والاستطباب والتدفئة وغيرها”، وفق تعبيره.

والاتجاه نحو الفساد والبيروقراطية وتسعير مداخيل جانبية للموظفين تتراوح بين الدروس الخاصة للأساتذة واللامبالاة وبين الرشوة والإكراميات… إلخ، وأضاف: كما أنه أصبح هناك توجه عميق لدى الشباب السوري للهجرة لتأمين مستقبله، في الوقت الذي نجد فيه نزفا كبيرا في الموارد البشرية والعقول من القطاع العام.

وختم حديثه وفق ما نقلته صحيفة “الوطن”، سرعان ما أصبحت المؤسسات العامة بالتدريج بيئة طاردة للخبرات وتراجع حجم التشغيل بشكل عام في المؤسسات العامة وتكرست نظرة لدى المجتمع بأن قيمة الرواتب والأجور في القطاع الخاص تتعافى بشكل أعلى نسبيا دوما من القطاع العام وبعد سنوات من الأزمة في سوريا صرنا نشهد أجورا ومعاشات في القطاع الخاص تفوقها بنسبة مئتين إلى ثلاثمئة بالمئة للأجور الموازية في القطاع العام ومؤسساته.

أكثر من 85 بالمئة من المواطنين في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة يعيشون تحت خط الفقر، بحسب “الأمم المتحدة”، في حين أن متوسط ​​الراتب الشهري لموظفي القطاع العام لا يتجاوز 35 دولارا، ولموظفي القطاع الخاص حوالي 60-70 دولارا، يذكر أن قبل الحرب كان راتب الموظف الحكومي يقدر نحو 600 دولار.

أما بالنسبة لموظفي الحكومة، فالرشوة تشكل “أهم مصدر رزق أساسي غير قانوني له” وينمو ويقل حسب درجة التوظيف، ويلتزم الكثير منهم بوظائفهم بسبب أزمة المعيشة ونسبة الدخل غير القانوني الذي يحصلون عليه من خلال وظائفهم، ويلاحظ أن أغلب السوريين اليوم ينفقون شهريا عدة أضعاف الراتب الشهري الذي يتلقونه من الحكومة، حيث البعض ينفق حوالي نصف مليون والبعض الآخر مليون أو مليونين حسب الحاجة لكل أسرة.

قد يهمك: أبرز تأثيرات الغزو الروسي لأوكرانيا على اقتصاد سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.