في مقابل الشح الرهيب لمشتقات الوقود التي تعاني منه مدينة حلب منذ سنوات، فضلا عن الأسعار الباهظة في السوق غير المشروعة “السوداء”، تمكن الناس من الحصول على المازوت للاستخدام المنزلي على مدار فصل الشتاء، وذلك بسبب نظام توزيع المازوت المدعوم من دمشق.

تكمن أهمية المازوت المدعوم حكوميا في أن سعره مناسب لأوضاع المدنيين الاقتصادية وخصوصا في حلب، ولكن بسبب فقدانه وصل إلى 2500 ليرة مؤخرا في الأسواق السوداء في حلب، بسبب تلاعب محطات الوقود في المخصصات التي تصرفها الحكومة للسيارات ووسائل النقل الكبيرة.

4 مليارات من 9 محطات

لا يزال ملف التلاعب بالمشتقات النفطية والاتجار بها من الملفات المهمة والمعقدة، خاصة بعد سرقة مليارات الليرات على حساب الخزينة وحقوق المواطن، وفشل المؤسسات الحكومية في ضبط المخالفين واستخدام ورقة قانون حماية المستهلك الجديد الرابحة في ردعهم ومحاسبتهم.

في هذا الإطار، كشفت صحيفة “تشرين” المحلية، أمس الخميس، عن ضبط مبلغ 3977 مليار ليرة سورية من 9 محطات وقود في حلب، إضافة إلى عدد من الشركات البولمان، نتيجة التلاعب بمخصصات المازوت، واستخدامها للبيع في الأسواق السوداء، دون أن تستخدمها لعملها المخصص لها في نقل الركاب.

ووفقا لما نقلته الصحيفة عن مصادر الرقابة الداخلية في محافظة حلب، فقد تبين أن أصحاب ومستثمري المحطات وملاك عدد من شركات بولمان، هم المسؤولون عن الأضرار الناجمة عن الضرر الحاصل من خلال استجرار مادة المازوت خلافا للقوانين والأنظمة.

ونتيجة لذلك، جرى الحجز الاحتياطي على أموال الجناة المنقولة وغير المنقولة بغية ضمان دفع المبالغ المستحقة فضلا عن حقوقهم القانونية، كما تم جمع الاموال بالتساوي وبالاشتراك بين مالكي محطات البترول وشركات البولمان المخالفة، وفقا لما ذكرته المصادر، بعد تحديد قيود زمنية متنوعة لاستعادة هذه المدفوعات.

سعر الليتر يتجاوز 5 آلاف ليرة

تعود معاناة السوريين وخصوصا في حلب مع مادة المازوت إلى الأعوام الثلاثة الماضية، والتي شهدت انخفاضا في مستوى وتوفر المادة بالسعر المدعوم، وحتى بعد إقرار توزيعه وفق “البطاقة الذكية”، حيث لم تكن الكميات الموزعة كافية لاحتياجات المواطنين، وهو ما يدفعهم حتى الآن للاعتماد على مازوت “السوق السوداء”، رغم ارتفاع سعره الكبير.

وفي هذا السياق، ذكر مدير محروقات ريف دمشق، محمد ليلى، في وقت سابق، نفيه توقف توزيع الدفعة الثانية من مازوت التدفئة للمواطنين، مشيرا إلى محدودية الكميات المتوافرة بسبب قلة التوريدات نتيجة الأزمة الأوكرانية، مضيفا أن التوزيع مستمر بضوابط ووفق الإمكانات المتاحة.

وأشار ليلى، إلى أنه خلال الفترة الحالية، ووسط الظروف الراهنة والتي أدت إلى ارتفاع في أسعار المحروقات وتوقف توزيعها في عدد من الدول، فإن الأولوية في توزيع مازوت التدفئة على المناطق “الأكثر برودة”.

وكان موقع “الحل نت”، تابع في مطلع العام الحالي النقص في توزيع مادة المازوت في محافظة دمشق وحلب، حيث بلغ عدد طلبات توزيع المازوت وصل إلى 486865، تم تنفيذ 123660 طلبا، أي بنسبة 26 بالمئة، وتأجيل 173 طلبا، في حين 359032 طلبا قيد الانتظار، و261 طلبا قيد التنفيذ، بينما وصل عدد الطلبات المتوقفة إلى 3428، وهذا ما دفع  الكثير منهم لشراء كميات قليلة من المادة كل يوم بيومه، خاصة مع ارتفاع سعر اللتر الواحد في السوق السوداء ليتجاوز 5 آلاف ليرة.

البنزين والمازوت بخطر في حلب

بحسب صحيفة “الوطن” المحلية، فقد تم تخفيض الكميات المخصصة للمحافظات وتحديدا في حلب “عدد الطلبات” من مادة المازوت بنسبة تتراوح بين 25 و30 بالمئة، مع استثناء عدد من القطاعات التي تشكل أولوية كبيرة كالمشافي والأفران التي يستمر تزويدها بالمادة، علما أن الكميات الإجمالية المخصصة يوميا انخفضت إلى حدود الـ18 طلب، وإدارة هذه الكميات من قبل المعنيين في المحافظات.

عضو المكتب التنفيذي لقطاع المحروقات في محافظة دمشق، شادي سكرية، قال في وقت سابق، إن نسبة تخفيض مادة المازوت على صعيد المحافظة يصل إلى 30 بالمئة، مشيرا إلى أن عدد الطلبات اليومية كان بمعدل 24 طلبا وأصبح 17 طلبا، بنسبة كميات مخفضة تقدر بـ144 ألف ليتر مازوت يوميا، بما فيه قطاع النقل، ومختلف القطاعات ما عدا المخابز والمشافي.

وحول آلية توزيع المازوت في دمشق، أكد عضو المكتب التنفيذي لقطاع النقل والمواصلات في المحافظة مازن دباس، أنه تم التوجيه بتخفيض الكميات اليومية للمازوت بنسبة تصل إلى 10 بالمئة من إجمالي المادة المخصصة للمحافظة، مبينا أن المحافظة قررت عدم تزويد السرافيس بالمادة يوم السبت إضافة إلى الجمعة، بدلا من تخفيض النسبة أو الكميات بشكل يومي، معتبرا أن هذا التوجه أفضل ولاسيما أنه يشهد يوم عطلة رسمية، لتبقى الكميات اليومية على مدار الأسبوع كما هي بمعدل 30 ليترا كل يوم من دون أي تغيير للسرفيس 11 راكب، و40 ليترا للآليات 20 راكب.

الجدير ذكره، أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، قامت في منتصف أيار/مايو الماضي برفع أسعار الوقود الحر،حيث بلغ سعر مادة البنزين (أوكتان 90) الجديد هو 3500 ليرة سورية للتر الواحد، بعد أن كان بـ2500، في حين ارتفع سعر البنزين (أوكتان 95) من 3500 إلى 4000 ليرة.

أما سعر مادة المازوت فارتفع، من 1700 إلى 2500 ليرة للتر الواحد، بينما أرجعت الوزارة الارتفاع بسبب الارتفاع الكبير في أسعار المشتقات النفطية عالميا، ومنعا من استغلال السوق السوداء نتيجة الفرق الكبير بأسعار المشتقات النفطية، بحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.