تعمل روسيا من خلال تصعيد عملياتها العسكرية في أوكرانيا على إخضاع الحكومة الأوكرانية من خلال الحصول على ضمانات أمنية تريدها، فيما يبدو أن كييف لاتزال ترفض التحركات الروسية التي تسعى لتحويل الحكومة الأوكرانية لحكومة موالية لها، وهذا ما يدفعها للعمل عسكريا على تحقيق أهدافها.

لكن، وحتى الآن لا تزال الحكومة والجيش الأوكرانيين، صامدين في وجه المحاولات الروسية للتقدم داخل الأراضي الأوكرانية، وخاصة العاصمة كييف، ما غيّر في المعادلة بشكل عام، حيث ازدادت العزلة الدولية الروسية، نتيجة للعقوبات الغربية، كما دفع الصمود الأوكراني، روسيا للتفاوض، لكن دون أن تتمكن روسيا حتى الآن من فرض شروطها.

لا خيار سوى الصمود

يشتد الحصار الذي تفرضه القوات الروسية على مدينة ماريوبول الواقعة جنوب شرق أوكرانيا، في ظل تأخر قافلة المساعدات التي من المفترض وصولها اليوم الأحد للمدينة، لكنها متوقفة على إحدى نقاط التفتيش الروسية، حسب تقارير صحفية.

حيث تشهد هذه المدينة الساحلية الاستراتيجية الواقعة بين شبه جزيرة القرم ودونباس وضعا حرجا، حسب منظمة أطباء بلا حدود، وهي تفتقر إلى الطعام، وسكانها محرومون من الماء والغاز والكهرباء والاتصالات.

ومن جهة ثانية، ذكرت تقارير صحفية، أن العاصمة كييف باتت مُحاصرة بشكل متزايد بالجنود الروس، الذين دمروا مطار فاسيلكيف، أصبحت الطرقات المؤدية إلى الجنوب من كييف، الوحيدة المفتوحة، وقالت هيئة أركان الجيش الأوكراني إن القوات الروسية الموجودة بضواحي العاصمة تحاول تحييد المناطق المحيطة بها، من أجل محاصرة المدينة، كما تعرضت الضاحية الشمالية الغربية لكييف “إيربين وبوتشا” لقصف مكثف في الأيام الأخيرة.

أما وزارة الدفاع البريطانية، فقالت، أن القوات الروسية كانت موجودة السبت، 12 آذار/مارس 2022، على بُعد 25 كيلومتراً من العاصمة، وإن رتلا في شمال المدينة قد تفرق، وهو ما يعزز فكرة وجود نية لتطويق كييف.

ولكن في مقابل ذلك، تواجه القوات الروسية، مقاومة من الجيش الأوكراني، غرب العاصمة وشرقها، ووعدت الرئاسة الأوكرانية بـ”دفاع لا هوادة فيه” عن كييف، حسب تقارير صحفية.

وقال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، أن روسيا تكبدت في بلاده خسارة غير مسبوقة، وجيشها تعرض لأكبر ضربة منذ عقود، وفق تعبيره، وأضاف أن “العدو لن يتمكن من دخول كييف إلا بعد إبادتنا جميعا”، متعهدا بالقتال دفاعا عن المدينة حتى الموت.

إقرأ:نموذج روسي سوري في أوكرانيا.. كيف تتم مواجهته؟

دبلوماسية اللاتنازل؟

تتسارع تطورات الغزو الروسي لأوكرانيا، على الصعيدين العسكري، والدبلوماسي، في وقت أشار فيه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى تغير في الموقف الروسي خلال المفاوضات السياسية، وفق تقارير صحفية.

حيث أجريت مكالمة هاتفية ثلاثية مطولة أمس السبت، بين كل من المستشار الألماني أولاف شولتز والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لمناقشة ما يجري في أوكرانيا، في وقت تستمر فيه المفاوضات بين الوفدين الأوكراني والروسي عبر الفيديو، وتشكيل مجموعات عمل فرعية خاصة.

كما نقلت مصادر صحفية، عن زيلينسكي، أن روسيا تبنت نهجا مختلفا بشكل جوهري عن توجهاتها السابقة في المفاوضات الرامية إلى إنهاء الحرب، لافتا إلى أن هذا النهج يتناقض مع محادثات سابقة عندما كانت موسكو تكتفي بإصدار إنذارات، وأكد أنه سعيد بتلقي إشارة من روسيا، بعدما أعلن الرئيس فلاديمير بوتين أنه يرى بعض التحولات الإيجابية في المفاوضات.

وكان وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، قال يوم أمس السبت، أن بلاده ستبقي الدبلوماسية مفتوحة مع روسيا، لكنها لن تتنازل، مضيفا أنه يجب إبقاء قناة الدبلوماسية مفتوحة، مع إدراك محاولات روسيا التلاعب علنا بهذا المسار، ومشددا أن حكومته لن تقدم أي تنازلات بشأن القضايا الوجودية لأوكرانيا، معربا عن اعتقاده أن “تنحية بوتين عن رئاسة روسيا ستكون كافية لوقف الصراع”، بحسب تعبيره.

قد يهمك:أوكرانيا.. المفاوضات إلى طريق مسدود وتحذيرات من كارثة نووية

تصعيد عسكري مستمر، ومفاوضات دبلوماسية مستمرة بتدخل من الفرنسيين والألمان، وصمود عسكري أوكراني كبير حتى الآن في مواجهة الجيش الثاني في العالم، عامل مجتمعة تجعل كل الاحتمالات مفتوحة، بما فيها تقديم تنازلات روسية في النهاية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة