تعتبر العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الدول الغربية على روسيا، على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا، هي السلاح الرئيسي الذي اعتمدته هذه الدول في ظل عدم تدخلها عسكريا لإيقاف هذا الغزو، حيث اعتبرها وزير المالية الفرنسي”عقوبات اقتصادية نووية”.

ولم تنقض ثلاثة أسابيع، منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، حتى بدأت آثار هذه العقوبات بالظهور على الاقتصاد الروسي، وخاصة القطاع المصرفي، الذي تأثر إلى حد كبير بها.

روسيا تفقد نصف احتياطياتها النقدية

أصبحت روسيا، غير قادرة على الوصول إلى نصف احتياطاتها من النقد الأجنبي، حيث تم تجميد نحو 300 مليار دولار، في البنوك الغربية، من أصل 640 مليار دولار، هي احتياطي روسيا من النقد الأجنبي.

ويرى خبراء اقتصاديون، أن هذه الخسائر بدأت بهذا الحجم على الرغم من أن العقوبات لا تزال في بدايتها، وذلك على الرغم من تحول روسيا منذ العام 2014 تدريجيا إلى الابتعاد عن الدولار، والذي كان نسبته في إجمالي الأصول الروسية نحو 40 بالمئة، بينما لا تتجاوز نسبته الآن 16 بالمئة فقط.

وحسب الخبراء، فهناك نوعان من العقوبات المصرفية التي تتعرض لها روسيا، الأول، فصل المصارف الكبرى في روسيا عن نظام “سويفت” العالمي، وهذا يمنع وصول الإيرادات إلى الخزينة الروسية، والثاني تجميد الأصول وموجودات البنك المركزي الروسي في الغرب، وهذا يجعل روسيا غير قادرة على الوصول لهذه الاحتياطات.

قد يهمك:بعد عقوبات جديدة على روسيا.. انفجار ضخم في أوكرانيا يُهدد أوروبا

خسائر البنوك الغربية

وفي سياق متصل، انعكست العقوبات الغربية على روسيا في قطاع المصارف، على بعض المصارف الغربية، حيث خسرت هذه البنوك نحو 20 بالمئة من قيمة أسهمها خلال الأسبوعين الأخيرين، بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، وتداعيات العقوبات التي فرضت على روسيا إثر هذا الغزو.

وحسب خبراء اقتصاديين، تأتي هذه الخسائر على خلفية ما يعرف بانكشاف هذه البنوك على الاقتصاد الروسي، أي المخاطر التي تتعرض لها حسب حجم أعمالها في روسيا، سواء كان عملها في روسيا مباشرا أو غير مباشر.

وتظهر البيانات المالية الغربية، بأن بنوكا غربية محددة لها أكبر حجم انكشاف على الاقتصاد الروسي بمبالغ تصل إلى نحو 60 مليار دولار.

ويتوقع الخبراء، أن تزداد خسائر هذه البنوك التي تتعامل مع روسيا بسبب قرار موسكو أن يكون الروبل الروسي هو الوسيلة الوحيدة لسداد الديون المستحقة لأطراف في الدول التي شاركت في العقوبات.

ماذا يقدم حلفاء روسيا لها اقتصاديا؟

هناك العديد من الدول التي تعتبر حليفة لروسيا، ورفضت العقوبات المفروضة عليها، بصرف النظر عن تأييدها للغزو لأوكرانيا أم لا، لكن لا تستطيع معظم هذه الدول تقديم أي دعم في المجال الاقتصادي لروسيا للتخلص من العقوبات أو الالتفاف عليها.

الصين، التي تعتبر أحد أهم شركاء روسيا اقتصاديا، وخاصة في السنوات الأخيرة، تتخوف من مساعدة موسكو اقتصاديا، فهي لا تريد خسارة علاقات بنتها على مدار عقود مع الدول الغربية من أجل روسيا التي أدخلت نفسها في هذه الحرب التي لا تتضح نهايتها، على الرغم من محاولات روسيا التوجه للصين للتخفيف من آثار العقوبات، حسب مراقبين.

وأشارت تقارير صحفية، إلى التشدد الغربي بالخطاب الموجه للصين لردعها عن دعم روسيا للتخفيف من العقوبات، لذلك فالصين ستكون حذرة من الإقدام على هذه الخطوة، خاصة أن لها تجربة سابقة مماثلة عندما لم تدعم حليفتها إيران خلال العقوبات المفروضة عليها.

أما صربيا، والتي تعتبر حسب خبراء، البوابة الخلفية لروسيا، وملاذا مهما لها للالتفاف على العقوبات الغربية، باتت الطريق الوحيد لروسيا لتجاوز حظر الطيران الروسي في المجال الجوي الغربي.

فصربيا، ليست عضوا في الاتحاد الأوروبي، كما تجمعها جذور ثقافية كبيرة مع روسيا، ما دفع نحو 85 بالمئةمن الشعب الصربي لدعمالغزو الروسي لأوكرانيا، حسب تصريح الرئيس الصربي، ألكسندر نوتشيت.

وقد لوحظ خلال الأسبوع الأول من شهر آذار/مارس الحالي، أن سعة مقاعد الطيران زادت بين روسيا وصربيا بنسبة 50 بالمئة، وسط توقعات بزيادة النسبة خلال الأسابيع القادمة.

وحسب شركة “فورورد كيس”، وهي شركة متخصصة بتحليلات السفر، فإن السرعة التي صارت بها صربيا بوابة للسفر بين روسيا وأوروبا، تكاد تكون أهم ما يجذب الأنظار في الحرب الروسية على أوكرانيا، أي أن صربيا باتت الجسر بين روسيا والغرب.

حيث بات الروس يستخدمون صربيا للوصول إلى وجهات أخرى أبرزها فرنسا وإيطاليا وسويسرا وألمانيا، ودول أخرى، فيما ضاعفت صربيا عدد رحلاتها الجوية المباشرة مع موسكو لتصل إلى 15 رحلة أسبوعيا.

إقرأ:عقوبات أميركية وأوروبية على روسيا.. التفاصيل الكاملة

لا شك أن العقوبات الاقتصادية الغربية على روسيا بدأت بإثقال كاهلها على نحو مبكر، وغير متوقع بهذه السرعة، فيما يتساءل مراقبون عن تأثير هذه العقوبات لو استمر الغزو الروسي لأوكرانيا لمدة طويلة، فقد ينهار الاقتصاد الروسي عندها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة