الاستهداف الإيراني لأربيل: إلى مَنْ يريد الحرس الثوري توجيه رسائله؟

الاستهداف الإيراني لأربيل: إلى مَنْ يريد الحرس الثوري توجيه رسائله؟

الاستهداف الإيراني لأربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، عبر هجمات صاروخية، برره الحرس الثوري الإيراني، الذي تبنى العملية، بـ”ضرب منشآت سرية إسرائيلية”. واعتبره “ردا على الهجوم، الذي استهدف قاعدة كرمنشاه في إيران، منطلقا من قاعدة إسرائيلية قرب مصيف صلاح الدين في إقليم كردستان”.
وردا على هذا الادعاء أكد مجلس وزراء إقليم كردستان، في بيان صحفي، أن “الجانب الإيراني يرغب، من خلال هذه الاتهامات، إخفاء جريمته واستهدافه للمدنيين”.
وبحسب تصريح جهاز مكافحة الإرهاب في الأقليم فإن “اثني عشر صاروخا باليستيا استهدفوا، صباح يوم الأحد الثالث عشر من آذار/مارس الجاري، مقرات مدنية وسط عاصمة كردستان العراق، منها مبنى قناة كردستان 24، التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني، والمنطقة المحيطة به”.
دفعت هذه العملية للتساؤل عن أسباب الاستهداف الإيراني لأربيل في هذا الوقت ودوافعه. وهل له علاقة بالملف النووي الإيراني والغزو الروسي لأوكرانيا.

علاقة محادثات فيينا باستهداف أربيل

يستبعد المحلل السياسي محمد العزي أن “يكون الاستهداف الإيراني لأربيل متعلقا بالصراع بين إسرائيل وإيران. فقد تعرضت طهران دائما لكثير من الغارات الإسرائيلية، وخسرت عددا من قادتها العسكريين، ولكنها لم تقم أبدا بمثل هذا الرد المباشر والجريء”.
مرجحا، في حديثه لـ”الحل نت”، أن “يكون الاستهداف الإيراني لأربيل مرتبطا بتطورات مفاوضات الملف النووي الإيراني في فيينا، إذ تسعى طهران، من خلال هذا الهجوم، إلى إرسال رسالة مبطنة إلى الغرب، مفادها أنها قادرة على ضرب أية قاعدة عسكرية في المنطقة، ما يمنحها موقفا أكثر قوة، يجعل الغرب يسارع إلى استرضائها، خاصة في ظل الغزو الروسي لأوكرانيا”.
وكان جوزيب بوريل، منسق الشؤون الخارجية في الإتحاد الأوربي، قد أعلن، في تغريدة على تويتر، “توقف المفاوضات النووية لأسباب خارجية”، لم يوضحها.

الاستهداف الإيراني لأربيل وملف تشكيل الحكومة العراقية

ويذهب العزاوي إلى الاعتقاد بأن “الميلشيات العراقية الموالية لإيران لها يد في الهجوم الأخير، على خلفية اتهامها للقوى الكردية بالوقوف حائلا أمام اتفاق السياسيين الشيعة على تشكيل الحكومة العراقية. وتعمل إيران على دعم حلفائها في هذا الشأن”.
وتتهم الجماعات المسلحة في العراق الحزب الديمقراطي الكردستاني بعرقلة الاتفاق بين التيار الصدري، الفائز بالأغلبية النيابية، وبين الإطار التنسيقي الموالي لطهران، الذي خسر كثيرا من قوته السياسية.
وبيّن العزاوي أن “إيران تحاول بكل الوسائل تجنب إقصاء أذرعها السياسية في العراق، بعد أن أدركت أن تراجع نفوذ ميلشياتها يعني تراجع قوتها السياسية، وبالتالي خسارة نفوذها في المنطقة عموما والعراق خصوصا، في ظل اتساع قاعدة التيار الصدري السياسية، بعد تحالفه مع القوى السنية والكردية”.
متابعا بالقول: “إضافة الى ما سبق فإن إيران تعلم أن تراجعها السياسي يؤدي الى فقدان سيطرتها الاقتصادية على العراق، الذي يعد صمام الأمان في مواجهة العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، لذا تحاول جاهدة إبعاد الكرد عن التحالف الصدري”.
يذكر أن مقتدى الصدر قد نشر تغريدة، عقب الهجمات على أربيل، عبّر فيها عن “تضامنه مع حكومة إقليم كردستان”. وذيّل تصريحه بعبارة “حكومة أغلبية وطنية”. تأكيدا على تمسّكه بمطالبه.

إيران لن تتخلى عن أذرعها المسلحة

كل هذه الحيثيات تدفع الباحث الأمني العراقي علي عبد الإله إلى اعتبار الاستهداف الإيراني لأربيل “ردا على الشائعات القائلة بتخلي إيران عن ميلشياتها في المنطقة،  ودعوة صريحة لهذه الميلشيات للاستمرار في عملياتها وتنظيم صفوفها، تمهيدا لفرض وجودها على العملية السياسية في العراق”.
ويستبعد عبد الإله، في حديثه لـ”الحل نت”، أن “تتخلى إيران عن أذرعها المسلحة في العراق بالوقت الحالي، نظرا لتراجع قوتها العسكرية في سوريا”. ولكنه لا ينفي إحتمالية “تخلي طهران عن هذه الجماعات مستقبلا. وفق المتغيرات السياسية والاستراتيجية، ومنها ضرورة الحفاظ على محادثات فيينا بخصوص الملف النووي الإيراني”.

هل الاستهداف الإيراني لأربيل محاولة لمنع تقارب طهران وواشنطن؟

وردا على سؤال “الحل نت” حول إمكانية اعتبار الاستهداف الإيراني لأربيل محاولة من جهات معينة في السلطات الإيرانية لإحباط أي تقارب أميركي إيراني في المستقبل، يرى عبد الإله أن “الجماعات المسلحة المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني ذات نزعة ولائية، تمنعها من الخروج عن أوامر الولي الفقيه عقائديا. وبالتالي فإن كل أعمالها تتفق مع توجهات المرشد خامنئي، وهو السلطة الأعلى في إيران، والقادر على تقرير مستقبل العلاقات الإيرانية مع أية دولة غربية. وبالتالي يمكن اعتبار الاستهداف الإيراني لأربيل محاولة من إيران لاستعادة التوازن في المنطقة، والحفاظ على مكتسباتها السياسية في العراق، وليس سعيا من أطراف إيرانية وعراقية ما لعرقلة تطور العلاقات مع الولايات المتحدة”.

مقالات قد تهمك: “فريق تحقيق خاص”.. التفاصيل الكاملة لزيارة الكاظمي إلى أربيل

ويضيف: “سبق أن شنت فصائل عراقية موالية لطهران عدة هجمات صاروخية على إقليم كردستان، كان أخرها استهداف القاعدة الأمريكية في مطار أربيل الدولي، في شهر أيلول/سبتمبر الماضي. وهو ما يزيد إحتمالية قيام هذه الجماعات بهجمات أخرى، وبوتيرة أعنف، باستخدام الأراضي العراقية والإيرانية”.
خلاصة القول، بحسب ما يرى معظم المحللين السياسيين والعسكريين، إن عمليات مثل الاستهداف الإيراني لأربيل تؤثر بشكل كبير على استقرار العراق، وتجعله ساحة لصراع نفوذ غير مباشر بين مختلف القوى، ومتأثرا بكل ما يحدث في أماكن بعيدة في العالم، سواء الغزو الروسي لأوكرانيا، أو تعثر مفاوضات الملف النووي الإيراني في فيينا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.