كيف تسبب دلال “حيتان” الاقتصاد السوري بارتفاع الأسعار؟

كيف تسبب دلال “حيتان” الاقتصاد السوري بارتفاع الأسعار؟

لطالما كانت الاقتصاد في سوريا محصورا بيد فئة محددة، وخاصة القطاعات الاقتصادية الكبيرة والمهمة، حيث يحتكر المقربون من السلطة والمحسوبون عليها ذلك، وخلال سنوات الحرب، ترسخت هذه الحالة ولكن بعد أُعيد تشكيل جهات اقتصادية معينة تابعة لمجوعة أشخاص، باتوا يتحكمون بمفاصل الاقتصاد السوري وفق معايير معينة تحددها توازنات السلطة الحاكمة وحلفائها وكيفية ترتيب الأوراق الاقتصادية.

اقتصاد الحيتان

درجت الحكومة السورية، خلال السنوات الماضية على اتباع سياسة اقتصادية متضاربة في ظاهرها، سببت العديد من المشاكل الاقتصادية، وأدت لتدهور الوضع الاقتصادي للمواطن السوري، ولشريحة واسعة من الاقتصاديين وخاصة التجار، لكنها في حقيقة الأمر كانت تصب في مصلحة فئة معينة.

وفي هذا السياق، نقلت صحيفة “الوطن” السورية، عن عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق محمد الحلاق، أن هناك جملة من الإجراءات الاقتصادية غير واضحة وتسهم في تعطيل حركة النشاط الاقتصادي والتجارة واحتكار السوق المحلية من قبل القلة، منها إجراءات تمويل المستوردات التي أدت إلى خروج العديد من المستوردين عن العمل لمصلحة نخبة معينة من المستوردين الذين لديهم ملاءات مالية كبيرة وهي بخلاف ما كان سائدا لسنوات طويلة.

وبين الحلاق، التغير الذي طرأ على طريقة تسديد المواد المستوردة، والتي تحتاج إلى ملاءة مالية كبيرة، على عكس ما كانت في السابق، حيث الاعتماد على العلاقات وسمعة التاجر، وهذا الأسلوب المتبع حاليا هو ما أدى لنهاية العديد من التجار لحساب آخرين.

ويوضح، أن التاجر السوري كان يسدد 20-30 بالمئة من قيم البضائع التي يود توريدها إلى السوق المحلية ويحصل على مهلة لاستكمال تسديد مستورداته، وكل ذلك كان يقوم على الثقة والسمعة وحجم النشاط التجاري للمورد.

أما حاليا، وبعد القرارات الجديدة، أصبح المستوردون ملزمين، بتسديد قيم مستورداتهم لشركات الصرافة بالليرة السورية حتى يسمح لهم بتخليص مستورداتهم من المرافئ وإدخالها، لذلك يضطر بعض المستوردين لتسديد قيم هذه المستوردات مرتين مرة لشركة الصرافة التي يتعامل معها ليحصل على إشعار بالتسديد بالليرة السورية يتمكن من خلاله من تخليص بضائعه في المرافئ، والمرة الثانية تسديد قيم هذه المستوردات سلفا للشركة التي ورد منها بضائعه ليتمكن من شحن هذه البضائع وتسريع عملية نقلها ووصولها للسوق المحلية، على أن يستعيد ما سدده لهذه الشركة بعد أن تقوم شركة الصرافة بتحويل قيم المستوردات لهذه الشركة وهو ما بات يتطلب ملاءة مالية عالية تمكن المستورد من تأمين سيولة لكل هذه الإجراءات.

كما أوضح الحلاق، أن التسهيلات التي تحدث عنها مصرف سورية المركزي حول تخليص المستوردات لا تزال غير مطبقة، فمازال تخليص المستوردات وإدخالها يحتاج لوقت طويل ويحتم غرامات مالية بالقطع الأجنبي على المستوردين تصل لأكثر من ألف يورو لمصلحة شركات النقل والحاويات وهو ما يسهم في المحصلة في زيادة التكاليف واستنزاف للقطع الأجنبي ورفع الأسعار في السوق المحلية لأن كل هذه التكاليف والنفقات الإضافية سيتم تحميلها على السلعة.

قد يهمك:رجال أعمال يشترطون المشاركة بإعداد القرارات والقوانين لتجاوز تدهور الاقتصاد السوري

فقدان الثقة بمؤسسات الحكومة

تتميز القرارات والقوانين الصادرة عن الحكومة السورية، والمتعلقة بعمل القطاعات الاقتصادية، مختلفة عن مجمل القوانين التجارية العالمية، وخاصة تلك التي باتت تعتبر أعرافا تجارية يسير بمقتضاها التجار، حيث تلجأ الحكومة واقتصاديوها المقربين لابتكار قوانين وأساليب تجارية ومالية تصب في مصلحتهم، دون أي مراعاة لشرائح الاقتصاديين السوريين، وحتى المواطنين، ما تسبب بفقدان ثقة المواطنين بالحكومة.

ويبين الحلاق، أن هناك ما يسمى في سوريا، “الأسعار الاسترشادية”، وهي بدعة غير موجودة إلا في سوريا، ففي كل دول العالم يتم اعتماد البيانات والأسعار المفوترة التي تتأثر بحركة واتجاهات الأسعار العالمية، ومضيفا أن هذا التوجه لمثل هذه الإجراءات من أسعار استرشادية وغيرها دليل على عدم الثقة لدى القطاعات الحكومية بين بعضها، وعدم الثقة بقطاع الأعمال، وهو ما خلق في المحصلة عدم ثقة المواطن لدى العديد من هذه المؤسسات وإجراءاتها.

وعادة ما تتحدث وزارة المالية عن تعديلات ي النظام الضريبي، وتتعهد بإطلاع وإشراك قطاع الأعمال معها بذلك، ولكن يبقى إطلاعهم على نتائج لجان الوزارة غير كامل، على الرغم أن أصحاب هذه القطاعات هم المعنيون مباشرة بالضرائب كمكلفين بها، وهذا ما يتسبب بحالة من القلق في التعامل بين المالية والمكلفين بالدفع، وهو أحد أسباب انحسار العمل الاقتصادي.

مقترحات لتجاوز أرزمة الاقتصاد

تابع موقع “الحل نت”، تقديم  العديد من الصناعيين والتجار وخبراء الاقتصاد، حلول وآراء للخروج من أزمة الاقتصاد غير المسبوقة في سوريا، والتي أدت بشكل رئيسي إلى ارتفاع جنوني في أسعار السلع والمواد الأساسية، حيث قدمت اللجنة المشتركة من الصناعيين والتجار، لرئيس مجلس الوزراء  رؤية مشتركة حول التوازن في الأسواق ومنعكسات ما يجري عالميا على الاقتصاد السوري.

وأكدت اللجنة في مذكرتها المقدمة لرئيس الوزراء، ضرورة مشاركة الغرف التجارية والصناعية واتحاد غرف التجارة والصناعة، عند إعداد مشاريع القوانين والقرارات والتعاميم التي تصدر عن كل الوزارات، وتتعلق بتطوير القوانين والأنظمة والتعليمات التي لها علاقة بالشأن الاقتصادي والاستثماري، محملة جزءا من مسؤولية ارتفاع الأسعار إلى البنوك العاملة في سوريا، وذلك بسبب ضعف قدرتها ورفضها تمويل العديد من المواد التي يستوردها التجار،حسب متابعة “الحل نت”.

إقرأ:ليتر الزيت النباتي بـ 11 ألف ليرة.. ونقابي يتهم “السورية للتجارة” بالاحتكار

اقتصاد الحيتان، مصطلح اعتاده السوريون منذ سنوات ما قبل الحرب، حيث يعرفون الشخصيات الاقتصادية المسيطرة على كل القطاعات، لكن في نفس الوقت لم يكن بإمكانهم فعل أي شيء تجاه ذلك، بسبب حماية الحكومة لهؤلاء الأشخاص ومؤسساتهم التي تكون في معظمها واجهات لأعمال مسؤولين ونافذين في السلطة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.