كشفت وثائق ومسؤولون غربيين مطلعون بالتزامن مع المباحثات الجارية حاليا مع الوفد الإيراني على طاولة فيينا في المرحلة النهائية لرفع العقوبات عن إيران، ومن أجل إحياء الاتفاق النووي الإيراني الذي فشل عام 2018 بعد انسحاب أمريكا منه في فترة إدارة دونالد ترامب، أن إيران تمكنت خلال الفترة الماضية من التحايل على تلك العقوبات، بإنشاء قناة مالية “سرية”.

ويبدو أن إيران تعودت على أسلوب الالتفاف منذ عام 1979، للتهرب من العقوبات الدولية التي ربما كانت قد تضعها على حافة الهاوية وأزمة خانقة تقيد حركتها بشكل كامل، ولكن هذا الأمر لم يحصل وكشفت أمرها، وهذا من شأنه ربما يُسرع إتمام الاتفاقية النووية.

إيران تتحايل على العقوبات

أفادت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، أن دبلوماسيين غربيين ومسؤولين استخباراتيين ووثائق، أكدوا أن طهران أنشأت نظاما مصرفيا وماليا “سريا” للتعامل مع عشرات المليارات من الدولارات من التجارة السنوية المحظورة بموجب العقوبات الأمريكية.

وأضافت الصحيفة، أن هذا النظام سمح لإيران بتحمل الحصار الاقتصادي ومنحها ما وصفوه بـ”النفوذ” في المحادثات النووية التي انطلقت في العاصمة النمساوية منذ نيسان/أبريل الماضي 2022.

وبحسب مصدر إيراني مقيم في الخارج، “بطبيعة علاقات إيران مع المليشيات الإيرانية من جانب ومن جانب آخر للالتفاف على العقوبات الأمريكية في مجال الطاقة والنفط والبنوك والمصارف، حيث كان جزء كبير من اقتصاد إيران يعتمد على ما يسمى أو يعرف في إيران “السوق الأسود”، وهو السوق الموازي للقنوات المالية الدولية والتي تعتمد للتبادل التجاري والمالي والمصرفي بين دول العالم”.

وأردف المصدر الإيراني خلال حديثه لـ “الحل نت”، “تطور هذا التحايل المالي والمصرفي الإيراني على العقوبات الأمريكية خاصة بعد عام 2003 ومجيء حكومات موالية للسلطات الإيرانية في العراق، والهدف الرئيسي من هذه القنوات المالية هو “الحفاظ على بقاء النظام الإيراني” من الانهيار الاقتصادي”.

من جانبه، يرى الباحث في الشؤون الإيرانية، محمد خيري، “اعتادت إيران التحايل على العقوبات الأمريكية أو الدولية المفروضة عليها منذ عام 1979 ونجحت بشكل كبير في الالتفاف على تلك العقوبات رغم بعض الخسائر الاقتصادية الكبيرة الناجمة عن تلك العقوبات”.

 وأضاف خيري خلال حديثه لـ “الحل نت”، إلا أن العقوبات لم تمنع إيران من تصريف نفطها إلى بعض دول العالم كالصين وكوريا الجنوبية مثلا على نفقة إيران الشخصية وبناقلات تابعة للحرس الثوري الإيراني وبالتالي فإن إيران لها خبرة كبيرة في خلق طرق أخرى غير الطرق الرسمية لتنمية اقتصادها أو حتى الانفاق على وكلائها في المنطقة”، بحسب تعبيره.

إلى ذلك، كشفت الصحيفة الأمريكية في تقريرها، أن هذا النظام المالي السري عمل بشكل جيد لأشهر بل لسنوات، لدرجة دفعت السلطات الإيرانية إلى بحث إمكانية أن يصبح “جزءا دائما” من اقتصادها الوطني، بحيث يمكن حماية المعاملات من الرقابة الأجنبية.

كذلك ذكرت الصحيفة أن النظام يشمل حسابات في بنوك أجنبية وشركات محاماة في الخارج، وغرفة مقايضة للتبادلات في داخل إيران، ووصف أحد المسؤولين الغربيين النظام المالي بأنه “عملية غسل أموال حكومية غير مسبوقة”، وذكروا أنه من الممكن أن تسعى طهران إلى استخدامه لاحقا في حمايتها من “عقوبات محتملة” في المستقبل.

قد يهمك: انهيار محتمل للاتفاق النووي الإيراني.. لمصلحة من؟

هل تتحمل إيران في حال استمرار العقوبات؟

وفي تقدير المصدر الإيراني المقيم في الخارج الذي أفاد لـ “الحل نت”، “هذه الشبكة المالية السرية، غير الشرعية المعتمدة من قبل إيران للتبادل التجاري والمصرفي بكل تأكيد لن تلبي حاجة البلاد، لذلك نرى بأن الاحتجاجات الشعبية المطلبية والمطالبة برفع الأجور والرواتب ومواجهة البطالة والغلاء المعيشي في إيران ارتفعت نسبتها بشكل متزايد منذ انسحاب الولايات المتحدة الامريكية من الاتفاق النووي مع إيران في 2018”.

 وأشار المصدر الإيراني، إلى أن إيرادات إيران تراجعت بنسبة 90 بالمئة من تصدير النفط في فترة حكم الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب، وتحسنت هذه الحالة قليلا بعد مجيء جو بايدن للإدارة الأمريكية، إضافة إلى استئناف المفاوضات النووية لإحياء الاتفاق النووي مع إيران، مع وذلك فإن صانع القرار الإيراني بات مضطرا لخوض هذه المفاوضات والعمل على إحياء الاتفاق النووي لتجاوز أزمة إيران المالية والاقتصادية.

وخلص المصدر الإيراني حديثه حول استمرار وتحمل إيران برغم من وجود العقوبات الأمريكية، بالقول: “أعتقد بأنه لا يتوافق مع الواقع الإيراني وإدارة واشنطن الجديدة تريد خلق بعض المبررات لرفع العقوبات عن إيران”.

وبالعودة إلى الباحث في الشأن الإيراني، محمد خيري، يرى بدوره أن كل محاولات إيران للالتفاف على العقوبات تجعلها قادرة على الصمود أمام تلك العقوبات لأنها قادرة على فتح نوافذ جديدة لها لتنفس اقتصادها، حتى لو كان ضعيفا.

وبحسب تقرير الصحيفة الأمريكية، فقد أنشأت الشركات الإيرانية الخاضعة للعقوبات شركات في الخارج تحت عناوين مختلفة، إذ تبيع هذه الشركات النفط والسلع الأخرى، وتحوّل الأموال إلى حسابات في الخارج.

وأشار التقرير إلى أن جزءا من هذه الأموال يهرّب نقدا إلى إيران، والبعض الآخر يبقى في حسابات مصرفية أجنبية.

وأضافت إن هذا النظام المالي ساعد طهران على مقاومة ضغوط إدارة بايدن، وشراء الوقت للمضي قدما في برنامجها النووي حتى أثناء المفاوضات الجارية، لكن التقرير لم يشر إلى أسماء الشركات التي تأسست خارج إيران أو إلى تفاصيل أعمالها.

قد يهمك: تصعيد إيراني.. هل انهارت مفاوضات الاتفاق النووي؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة